فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر
باب أحكام الإمامة
134 - حكم قراءة الفاتحة لمن لم يدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام
س: ماذا على المصلي إذا لم يدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام؟ بل وجد الإمام يقرأ في السورة الثانية بعد الفاتحة مثلا، هل يبدأ بالاستفتاح أم بالفاتحة (1)
ج: يكبر ويقرأ الفاتحة إذا كان يخشى ركوع الإمام، أما إن كان يعرف من حال الإمام وقراءته أنه يمكنه يستفتح ويأتي بالفاتحة فلا بأس، لكن الأقرب - والله أعلم - أنه لا يستفتح خصوصا إذا كانت جهرية؛ لأنه مأمور بالإنصات، لكن الفاتحة مستثناة، يأتي بالفاتحة ولا يستفتح، أما إذا كانت سرية ويظن أنه يمكنه أن يقرأ، ويستفتح فإنه يستفتح ثم يقرأ الفاتحة.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (284) .
(11/231)
135 - حكم قراءة دعاء الاستفتاح والإمام يقرأ
س: إذا جاء الرجل إلى المسجد والإمام يقرأ هل يكبر ويستمع، أم
(11/231)
يقرأ دعاء الاستفتاح ثم الفاتحة ثم يستمع (1)
ج: إذا كبر يستمع، لكن يقرأ الفاتحة، أما الاستفتاح فيستحب، يسقط، لكن يقرأ الفاتحة ثم ينصت، إذا كان الإمام لا يسكت.
__________
(1) السؤال السادس والخمسون من الشريط رقم (431) .
(11/232)
136 - حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة
س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الركوع وقد أدرك الركوع، لكنه لم يقرأ الفاتحة (1)
ج: إذا أدرك الركوع أجزأته الركعة على الصحيح، وهو قول جمهور أهل العلم؛ لأنه ثبت من حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه، «أنه أتى ذات يوم والنبي راكع - عليه الصلاة والسلام - فركع معه، ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " زادك الله حرصا، ولا تعد (2) » ولم يؤمر بقضاء الركعة، خرجه الإمام البخاري في الصحيح، وهذا يدل على أن الإنسان إذا فاته القيام أجزأته الركعة قبل الرفع من ركوعها، وسقطت عنه الفاتحة؛ لأنه معذور لكونه لم يحضر القيام، هذا هو الصواب، وعليه الأئمة الأربعة
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (262) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .
(11/232)
رحمهم الله؛ لحديث أبي بكرة هذا. وقال جماعة من أهل العلم: إن القراءة على المأموم ليست واجبة، أعني قراءة الفاتحة. ونقل هذا عن الجمهور أن القراءة ليست واجبة على المأموم؛ قراءة الفاتحة، ولكن الأرجح أنها واجبة عليه؛ لعموم الأحاديث، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ " قلنا: نعم. قال: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » فهو حديث جيد، لكن إذا فاته القيام وأدرك الركوع أجزأه الركوع؛ لحديث أبي بكرة الذي تقدم، وهكذا لو نسي الفاتحة أو جهل الحكم يحسب أنه لا حرج عليه، فإن ركعته تجزئه، فالقراءة في حق المأموم واجبة، تسقط بالنسيان والجهل، وعدم إدراك القيام، بخلاف قراءة الفاتحة بحق الإمام فإنها ركن لا بد منه وهكذا في حق المنفرد ركن، لا تصلح الصلاة بدونها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » واتفق العلماء على صحته.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب برقم (823) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. . .، برقم (394) .
(11/233)
137 - بيان ما ينبغي من التكبيرات لمن أدرك الإمام راكعا
س: من أدرك الإمام راكعا فهل تلزمه تكبيرة أو تكبيرتان؛ تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع (1)
ج: نعم، إذا أدرك الإمام راكعا فإنه يكبر أولا وهو واقف تكبيرة الإحرام، ثم يكبر حين ينحني للركوع، هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو الأصل، الأصل أن يكبر تكبيرتين؛ الأولى: وهي تكبيرة الإحرام، وهي فرض عند الجميع لا بد منها. والثانية: فرض عند بعض أهل العلم، وهي تكبيرة الركوع. وذهب الأكثرون أنها سنة، وذهب الإمام أحمد وجماعة من السلف والخلف إلى أنها فريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر وأمر بالتكبير، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2) » في الركوع والسجود، فدل ذلك على وجوب التكبيرات، تكبيرات النقل تأسيا به صلى الله عليه وسلم، وتنفيذا لأمره، أما تكبيرة الإحرام وهي الأولى فهذه فريضة عند الجميع، لا يدخل الصلاة إلا بها، من دخل الصلاة بالنية ولم يكبر لم تنعقد صلاته، فلا بد من التكبير في أول الصلاة، وهي التكبيرة التي يقال لها: تكبيرة الإحرام. وهي المذكورة في
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (75) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .
(11/234)
قوله - صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم (1) » يعني: التكبير الأول. لكن إذا جاء والإمام راكع فقد يضيق الوقت، فإن ترك تكبيرة الركوع صح عند جمع من أهل العلم لضيق الوقت، ولكن إذا أتى بهما فهو الأحوط، وفيه خروج من الخلاف، فينبغي له أن يأتي بها على الأصل، يكبر وهو واقف التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام، فيكبر الثانية عند انحنائه وانخفاضه للركوع متى تيسر ذلك، فهذا هو الأحوط والأولى، ومتى ترك الثانية للضيق أجزأته الركعة - والحمد لله - في أصح قولي أهل العلم.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1009) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم (61) والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم (3) وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور، برقم (275) .
(11/235)
138 - بيان عدد التكبيرات لمن أدرك الإمام في حال الركوع
س: كم تكبيرة يكبرها المأموم عندما يأتي والإمام في حال الركوع؟ أرجو التفصيل في هذه المسألة (1)
ج: يكبر تكبيرتين؛ إحداهما: وهو واقف، وهذه التكبيرة الأولى،
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (227) .
(11/235)
وهي تكبيرة الإحرام، وهي ركن لا بد منه، ولا تنعقد الصلاة إلا بها. ثم ينحط مكبرا للركوع، فإن خاف أن تفوته الركعة اكتفى بالأولى، وكفت عن تكبيرة الركوع في أصح قولي العلماء؛ لأنهما عبادتان اجتمعتا في محل واحد، فاجتزئ بالعظمى منهما؛ وهي تكبيرة الإحرام، لكن شرط أن يؤديها وهو واقف قبل أن يركع بنية التكبيرة الأولى، وإذا أمكنه أن يأتي بالثانية وهو في هويه إلى الركوع كان هذا هو الأكمل، فإذا لم يتيسر ذلك لضيق الوقت كفته التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام.
(11/236)
139 - بيان كيفية التكبير لمن أدرك الإمام في حال الركوع أو السجود
س: لو أتيت والجماعة في الركوع، أو السجود فهل تكفي تكبيرة الركوع أو السجود، أم لا بد من تكبيرة قبلها للإحرام، ثم تليها تكبيرة الركوع أو السجود (1)
ج: إذا جاء والناس ركوع فإن الواجب عليه أن يكبر تكبيرة الإحرام أولا، ثم إن تيسر له أن يكبر عند انحنائه للركوع فإنه يكبرها، وإن لم يتيسر ذلك أجزأته التحريمة؛ تكبيرة الإحرام تجزئه على الصحيح، ولكن إن أتى بهما جميعا فهذا هو الأفضل والأكمل؛ خروجا من خلاف
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (42) .
(11/236)
العلماء، ثم يركع مع إمامه وتجزئه الركعة هذه، وليس عليه قضاء الركعة، بل تجزئه هذه الركعة التي أدرك الإمام فيها في حال الركوع، وأما إن جاء وهو في السجود فإنه يكبر تكبيرة الإحرام فقط وهو واقف، ثم ينحط ساجدا بدون تكبير، ولا تجزئه هذه الركعة؛ لأنه فاته ركوعها وقيامها.
(11/237)
140 - حكم من أدخل تكبيرة الإحرام مع الركوع
س: ما حكم من وجد الإمام راكعا في الهوي، فكبر تكبيرة الإحرام ثم أدخل تكبيرة الركوع فيها؟ هل تصح صلاته أم لا (1) ؟
ج: من أدرك الإمام راكعا تجزئه التكبيرة الأولى في أصح قولي العلماء؛ لأنها هي الفريضة العظمى، وهي كالركن الأعظم، ولا تنعقد الصلاة إلا بها، أما تكبيرة الركوع فهي قيل بوجوبها وقيل بسنيتها، فهي أدنى من التكبيرة الأولى، فإذا ضاق الوقت أجزأت التكبيرة الأولى، وهي العظمى وهي الركن، عن التكبيرة الثانية؛ تكبيرة الركوع، وإن أتى بهما جميعا فذلك أفضل وأحوط، ثم يركع يكبر الأولى وهو قائم، ثم يكبر منحطا للركوع، وهذا هو الكمال، وإن لم يكبر الثانية واقتصر على الأولى أجزأه ذلك على الصحيح.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (39) .
(11/237)
141 - حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ بفاتحة الكتاب
س: من اليمن أ. ف، يقول: سماحة الشيخ، هل من أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة وإن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)
ج: نعم، إذا أدرك الإمام راكعا أدرك الركعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر له أبو بكرة أنه أدركه وهو راكع أمره ألا يعود؛ لأنه ركع دون الصف، ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على إجزائه، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد (2) » لما ركع دون الصف، خاف أن تفوته الركعة.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (426) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .
(11/238)
س: إذا دخلت المسجد، ووجدت الإمام راكعا أو ساجدا هل لي أن أستفتح الصلاة في هذه الحالة، أم يكفيني استفتاح الإمام (1)
ج: إذا وجدته راكعا أو ساجدا فكبر وادخل معه، وليس هناك حاجة إلى الاستفتاح، كبر وادخل معه في الركوع، كبر وادخل معه في السجود، والحمد لله، وليس هناك حاجة إلا إذا كان قائما تكبر وأنت قائم ثم تستفتح، ثم تقرأ الفاتحة.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (164) .
(11/238)
142 - بيان كيفية إدراك الركعة مع الإمام
س: رجل دخل المسجد والإمام راكع وكبر للركوع، وفي خلال نزوله للركوع كان الإمام يرفع من الركعة، هل يكون الرجل قد أدرك الركعة، أم لا؟ وإذا كان لم يدركها فمتى تتحقق الركعة (1)
ج: إن استوى راكعا قبل أن يرفع إمامه فقد أدرك الركعة، إذا وصل إلى حد الركوع قبل أن يرفع إمامه فقد أدرك الركوع، أما إن شرع الإمام رافعا قبل أن يصل حد الركوع فيعتبر غير مدرك، ويقضي هذه الركعة التي لم يدرك فيها الإمام في حالة الركوع، وهكذا لو شك، يقضي هذه الركعة؛ لأنه لم يتحقق أنه أدرك هذا الركن مع إمامه، أما إذا علم أنه أدرك الركوع؛ يعني وصل إلى حد الركوع مع إمامه فإنه يعتبرها، ولو كان تسبيحه وطمأنته بعد ذلك، ما دام وصل إلى حد الركوع والإمام لم يرفع.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (188) .
(11/239)
143 - بيان وقت إدراك الركعة مع الإمام
س: يقول السائل: أنا دخلت والإمام راكع، ثم كبرت تكبيرة الإحرام والإمام راكع، فرفع قبل أن أركع معه، هل أدركت الصلاة أم لا (1) ؟
ج: إذا دخل الإنسان والإمام راكع، وكبر تكبيرة الإحرام، ثم رفع
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (25) .
(11/239)
الإمام قبل أن يهوي بالركوع قبل أن يستوي راكعا فإنه قد فاتته الركعة، لا يدركها، وإنما يدركها إذا استوى راكعا قبل أن يرفع، إذا انحدر راكعا قبل أن يرفع إمامه أدركها ولو ما سبح إلا بعد ذلك، أما إذا كبر بالإحرام ثم رفع الإمام قبل أن يستوي راكعا فإنه يعتبر غير مدرك لهذه الركعة، وعليه أن يقضيها.
(11/240)
144 - بيان كيفية إدراك الركوع مع الإمام
س: إذا دخل شخص والإمام قد ركع، ثم ركع على رفع الإمام (1)
ج: إذا أدرك الركوع قبل أن يرفع اعتد بها، وإن رفع الإمام قبل أن يستوي راكعا لا يعتد بها، يقضيها، أما إذا استوى راكعا قبل أن يرفع الإمام فإنه يعتد بها، ولا يضره رفع الإمام، أما إذا كان هذا قبل الهوي والإمام رافع لا يعتد بها، يقضيها.
__________
(1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (409) .
(11/240)
145 - حكم المسبوق إذا وجد الإمام في السجود
س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الحالات التالية: في السجود مثلا، هل يسجد معهم مكبرا، أم ينتظر إلى أن يقوموا أو يجلسوا (1)
ج: السنة له أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف، ثم يسجد معهم؛ لما
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (262) .
(11/240)
جاء في بعض الأحاديث: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا (1) » ولما جاء في الحديث: أن السنة للمأموم إذا جاء والإمام على حال أن يصلي معه على حاله التي هو عليها؛ إن وجده راكعا ركع وإن وجده قائما وقف معه، وإن وجده ساجدا سجد، وإن وجده في التحيات جلس معه في التحيات. هذا هو الأفضل، ولو فاتته الركعات كلها ولو هو في التحيات؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » قوله: «فما أدركتم فصلوا (3) » يعم من أدرك الصلاة كلها أو بعض الركعات، أو أدرك الإمام وهو في التشهد يعمه الحديث.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع، برقم (893) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(11/241)
146 - بيان كيفية إتمام من أدرك ثلاث ركعات في الصلاة الرباعية
س: إذا أدرك ثلاث ركعات في صلاة الظهر أو العصر فكيف يتم صلاته قولا وعملا (1)
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (262) .
(11/241)
ج: عليه إذا سلم الإمام أن يقوم فيأتي بالركعة التي بقيت عليه، يقرأ فيها الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل، أما جلوسه مع الإمام ولم يتم صلاته فمتابعة، يقرأ فيها التحيات، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الإمام متابعة له أفضل، ثم يقوم ويأتي بالركعة الرابعة التي بقيت عليه، يقرأ فيها الفاتحة؛ لأنها الرابعة في حقه، ولو قرأ زيادة لا يضر، لكن الأفضل أن يقرأ الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل؛ لأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة في صلاة الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وصلاة المغرب والعشاء بالفاتحة؛ يقرأ في الثالثة من المغرب الفاتحة، والثالثة والرابعة من العشاء الفاتحة، ثم يجلس بعد أن يصلي الركعة، يسجد سجدتين ثم يجلس، ويأتي بالتشهد كاملا مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومع الدعاء، ثم يسلم.
(11/242)
147 - بيان كيفية إضافة الركعة الرابعة في الصلاة الرباعية
س: إذا وجدت جمعا في الفروض ذوات الأربع ركعات، وقد فاتتني الركعة الأولى، ثم لحقت معهم الركعة الثانية ثم التشهد، ثم الركعة الثالثة والرابعة، فأصبح ثلاث ركعات، كيف أضيف الركعة الرابعة (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (2) .
(11/242)
ج: إذا فات الإنسان ركعة من الرباعية؛ الظهر والعصر والعشاء فإنه إذا صلى مع الإمام ثلاث ركعات التي أدركها، وسلم الإمام من الركعة الأخيرة الرابعة فإنه يقوم هو ويأتي بركعة واحدة فقط تكميلا لصلاته، يقرأ فيها بالفاتحة فقط؛ لأنه ما أدرك هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، فإذا سلم الإمام قام وقرأ الفاتحة، ثم ركع ثم رفع ثم سجد سجدتين، ثم قرأ التحيات بكمالها، ثم سلم هذا الواجب عليه، أما جلوسه مع الإمام وقراءته التحيات فذاك ليس بلازم قراءته التحيات، إنما جلس متابعة جلس مع الإمام في الركعة الأخيرة، جلس معه متابعة فقط، ولا يلزمه فيها قراءة التحيات، لكن إذا قرأها وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم لا يضره ذلك لا بأس به، أما التحيات اللازمة له فإنما تكون بعد قضائه الركعة الفائتة، فإذا قضاها قرأ التحيات وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا ثم سلم هذا هو المشروع له.
(11/243)
148 - حكم قراءة التشهد الأول لمن لم يدرك الركعة الأولى مع الإمام
س: إذا حضر المأموم الصلاة مع الإمام بعد أن صلى ركعة من صلاة الظهر فهل يقرأ التشهد الأول عند جلوس الإمام، والمأموم لم يصل إلا ركعة واحدة (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (14) .
(11/243)
ج: لا يلزمه ذلك؛ لأن هذا ليس بتشهد، إذا أدرك ركعة واحدة مع الإمام الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر فإنه لا يلزمه قراءة التشهد، إذا جلس مع الإمام في الركعة الثانية هو محل تشهد لمن صلى مع الإمام من أول الصلاة، أما هذا فمحل تشهده يأتي في الركعة الثانية، فإن قرأه فلا حرج إن شاء الله، وفي هذه الحالة يسكت، أو يقرأ مثله، لكن لا يلزمه أن يقرأ؛ لأن هذا ليس محل قراءة، ولكن كونه يقرأ في التشهد الأول ويأتي به فهو خير له من السكوت؛ لأنه فضل، ولأنه ذكر، فإتيانه به خير.
(11/244)
149 - بيان كيفية إكمال الصلاة الرباعية لمن أدرك الركعتين الأخيرتين
س: أسألكم عن شخص أدرك مع الإمام الركعتين الأخيرتين في صلاة العصر، ثم إنه بعد انتهاء التشهد الأوسط، وقيام الإمام للركعتين الأخيرتين، كيف يكمل صلاته؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا سلم إمامه يقوم يأتي بالركعتين، وتكون الركعتان الأخيرتان اللتان يقضيهما هما آخر صلاته، وأولها ما أدركه مع الإمام، الركعتان اللتان أدركهما مع الإمام هما أول صلاته، فإذا تيسر أن يقرأ مع الفاتحة
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (299) .
(11/244)
زيادة، إذا كان الإمام أطال الوقوف فهو مشروع؛ لأنهما أول صلاته، والقاعدة أن ما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » فالإسلام يوجب عليه القضاء، فالركعتان اللتان يقضيهما لمن فاتته الركعتان الأوليان تكونان هما آخر صلاته.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(11/245)
150 - حكم من فاتته الركعتان الأوليان من صلاة العشاء
س: إذا فاتت المصلي الركعتان الأوليان من صلاة العشاء أو العصر أو الظهر، عندما يقوم لقضائها هل يصلي ركعة ثم يقرأ التشهد الأول ثم يصلي الركعة الأخرى، أم يصليهما بدون تشهد؟ وكذلك إذا فاتته ثلاث ركعات من الرباعية فما الحكم (1) ؟
ج: إذا فاته اثنتان من المغرب فإنه إذا قام يأتي بواحدة، ثم يجلس للتشهد الأول؛ لأن السنة في المغرب أن يجلس بعد الثنتين للتشهد الأول، فإذا قضى واحدة ضمت إلى ما أدرك مع الإمام، وصار الجميع ثنتين، فيجلس للتشهد الأول، ثم يقوم فيأتي بالثالثة منفردا، يسر فيها في القراءة في المغرب، أما في العشاء فإذا فاته اثنتان فإنه يأتي بالثنتين
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (188) .
(11/245)
متتابعتين؛ لأنه لا جلوس فيهما إلا في الأخيرة منهما، وهو الجلوس الأخير كما هو معلوم.
(11/246)
151 - حكم قراءة التشهد ثلاث مرات في المغرب للمسبوق
س: رجل يدرك الركعة الثانية مع الإمام في المغرب، وربما الثانية في الفجر، وعلى هذا سوف يكون صلى ثلاث مرات للتشهد في المغرب، ومرتين في الفجر، فماذا يفعل في الجلسة الزائدة؟ وكيف يكون تفصيلها؟ وما حكم من قرأ التشهد فيها (1) ؟
ج: هذه الجلسة متابعة للإمام، الجلسة التي يجلسها بعد الركعة الأولى التي أدركها؛ وهي الركعة الثانية في حق الإمام هذه الجلسة تابعة لمتابعة الإمام، يجلس متابعة لإمامه، وهكذا في المغرب، وهكذا إذا أدرك ركعة من الظهر أو العصر أو العشاء فإنه يجلس بعدما يصلي الركعة الأولى، التي يقضيها؛ يجلس للتشهد، ثم يقوم فيصلي الثنتين اللتين فاتته، الحاصل أن هذه الركعة التي أدركها مع الإمام في الفجر، وفي المغرب يجلس فيهما جلسة مع الإمام تبعا للإمام، وإذا قرأ فيها التحيات: التشهد الأول والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تبعا للإمام فلا حرج عليه، ولو لم يقرأ لا حرج عليه؛ لأن هذه ما هي
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (215) .
(11/246)
الجلسة في حقه، ليست التشهد الأول، ولا التشهد الأخير، لكن إذا قرأ تبعا للإمام هذا حسن إن شاء الله ولا يضره، وإنما الواجب عليه في الجلسة الأخيرة التي بعد قضاء الركعة التي فاتته في الفجر، وبعد قضاء الركعتين في المغرب، عليه التشهد الأخير، والتشهد الأول بعدما يأتي بركعتين في المغرب، يتشهد الأول، وجلوسه مع الإمام إنما هو متابعة، وإنما الجلسة التي تلزمه بعدما يقضي ركعتين من المغرب يجلس للتشهد الأول، ثم يصلي الثالثة ويجلس للتشهد الأخير، وفي الفجر يقضي الركعة التي عليه، ويجلس للتشهد الذي يجب عليه، وهو التشهد الذي فيه السلام، هذا واجب عليه، أما جلسته مع الإمام هذه لا تلزمه إلا متابعة الإمام، يجلس متابعة للإمام، ولا يلزمه فيها قراءة التشهد، لكن إذا قرأه فلا حرج.
(11/247)
152 - بيان كيفية إتمام صلاة من أدرك ركعة واحدة من صلاة المغرب
س: في حالة إدراك المأموم ركعة واحدة من صلاة المغرب، فكيف يتم صلاته (1)
ج: إذا سلم الإمام يقوم فيأتي بركعة، ثم يجلس للتشهد الأول،
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (262) .
(11/247)
ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقوم ويأتي بالركعة الثالثة التي يقرأ فيها الفاتحة، وهذا هو المشروع؛ لأن المغرب فيها تشهد أول بعد الثنتين، والتشهد الأخير بعد الثالثة، وتشهده الذي مع الإمام ليس هو التشهد المطلوب منه، بل هو تابع، إنما جلس متابعة لإمامه بعد الأولى، وإلا الجلوس الذي في حقه هو بعد الثانية، فلهذا إذا أتى بالثانية يجلس ويقول التشهد الأول.
(11/248)
س: السائل يقول: إذا أدركت الركعة الأخيرة من صلاة المغرب فهل يجوز أن أقرأ في الركعة الأخيرة سورة مع الفاتحة أو لا (1)
ج: إذا كنت تقضي تقرأ في الركعة التي تبدأ بها في القضاء الفاتحة وسورة معها أفضل، ثم الركعة الأخيرة الفاتحة فقط، وهي الثالثة في حقك، وإن قرأت معها زيادة فلا حرج، ثبت عن الصديق رضي الله عنه أنه كان يقرأ بعد الفاتحة في الثالثة في المغرب: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (2) (3) وثبت أن بعض أمراء الأنصار الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بأصحابه بعد الفاتحة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) الله في كل ركعة مع الزيادة عليها في الركعة الأولى والثانية.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (254) .
(2) سورة آل عمران الآية 8
(3) والحديث أخرجه مالك في الموطأ برقم (174) .
(4) سورة الإخلاص الآية 1
(11/248)
153 - حكم قراءة ما زاد عن الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة
س: إذا دخل المصلي صلاة الجماعة في الركعة الثالثة أو الرابعة فهل عليه أن يقرأ فيهما عدا سورة الفاتحة (1)
ج: الفاتحة تكفي، ولكن إذا تيسر له قراءة زيادة عليها فلا بأس؛ لأنها أول صلاته، المسبوق في أول صلاته وما يقضيه هو آخرها، فإذا كان الإمام تأخر بعد الفاتحة قرأتها هذا أفضل، فإن لم يتيسر كفت الفاتحة والحمد لله، ثم تقضي ما فاتك.
__________
(1) السؤال الستون من الشريط رقم (434) .
(11/249)
154 - بيان كيفية إكمال صلاة المغرب لمن أدرك الركعة الأخيرة
س: يقول السائل: في صلاة المغرب حضرت الركعة الأخيرة مع الجماعة، كيف آتي بالباقيات؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا سلم إمامك تأتي بركعة تجهر فيها بالقراءة، تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم تجلس وتأتي بالتشهد الأول، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تنهض وتأتي بالثالثة، هذا هو المشروع لك والواجب عليك.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (245) .
(11/249)
155 - إذا أدرك المصلي مع الإمام ركعة فأكثر فهي أول صلاته
س: أرجو تفصيل هذه المسائل الهامة في نظري، كيف يفعل المسبوق
(11/249)
بركعة أو ركعتين في العشاء أو المغرب؟ هل يقرأ سرا؟ أم كيف يعمل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا سبق بركعة إذا سلم الإمام يقوم ويأتي بالركعة التي سبق فيها، ويقرأ فيها الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل؛ لأن ما يقضيه هو آخر صلاته، وما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، هذا هو الصحيح، والسنة أن يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء، يقرأ الفاتحة فقط، وإن قرأ زيادة فلا حرج سرا، أما الفجر فيقرأ فيها جهرية في الركعة التي يقضيها الفاتحة وزيادة معها، كما كان يقرؤها، لكنه في حال قضائه ليس مع الإمام فيقضيها ويقرأ مع الفاتحة ما تيسر جهرا، لا يؤذي من حوله.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (286) .
(11/250)
156 - ما أدرك المصلي مع الإمام فهو أول صلاته
س: يقول السائل: إذا أدرك المصلي الإمام في الركعة الثانية، أو الثالثة فأي الركعات يأتي بها بعد السلام (1)
ج: إذا أدرك الإمام في أثناء الصلاة فما أدركه يعتبر أولها على الراجح، وما لم يدرك فهو آخرها، الذي يقضي هو آخرها، والذي يدرك مع الإمام هو أولها، حتى لا تتنافى الصلاة وتختلف، فإذا أدرك الإمام
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (25) .
(11/250)
وقد صلى ركعتين فالركعتان اللتان أدركهما أول صلاته، والركعتان اللتان يقضيهما من الظهر أو العصر أو العشاء هي آخر صلاته، وهكذا الفجر، وهكذا المغرب؛ ما أدركه مع الإمام هو أولها، يقرأ فيه الفاتحة وما تيسر معها، وما يقضيه هو آخرها وهو الأرجح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » وفي حديث آخر: «فاقضوا (2) » ومعنى (اقضوا) : أتموا. القضاء بمعنى التمام، هذا هو الحجة في هذا الباب؛ ولأن هذا هو الذي يليق بالصلاة ويتناسب معها؛ لأن ما أدركه هو أولها، وما يقضيه هو آخرها، وهذا في جميع الفرائض.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209) ، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861) ، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602) .
(11/251)
س: إذا أدرك الإنسان عددا من الركعات في أي صلاة مع الجماعة وهو مسبوق هل الركعات التي يأتي بها تكون هي التي لم يدركها، أم هي التي أدركها ويكمل صلاته (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (304) .
(11/251)
ج: تقدم في بعض الأجوبة أن ما أدركه هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » وفي رواية: «فاقضوا (2) » ، فمعنى قضائه: الإتمام. فالذي يقضيه هو آخر صلاته، والذي يدركه مع الإمام هو أول صلاته؛ فإذا أدرك مع الإمام ركعتين فيقرأ الفاتحة، وإن تيسر أن يقرأ معها زيادة فليقرأ زيادة مع الفاتحة، ثم إذا قام يقضي يقرأ فاتحة ثانية فقط؛ لأنها آخر صلاته.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209) ، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861) ، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602) .
(11/252)
س: عندما أكون مسبوقا، وأدرك الجماعة في أي صلاة هل الركعات التي أصليها بعد تسليم الإمام أعتبرها هي التي سبقتني، أم هي التي أدركتها مع الإمام وآتي بالتي سبقتني؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصواب أن ما أدركه المسبوق هو أول صلاته، ما أدركه مع الإمام هو أولها، يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، وما يقضيه هو آخرها، هذا هو الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » فهو إتمام للصلاة.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (303) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(11/252)
157 - حكم الجهر إذا فات المصلي الركعتان الأوليان من الصلاة الجهرية
س: إذا فات المصلي الركعتان الأوليان من الصلاة الجهرية، وقام بعد تسليم الإمام لقضائهما فهل يجهر فيهما بالقراءة أم لا؟ وهل صلاة من لم يجهر فيهما بالقراءة صحيحة (1) ؟
ج: الصواب أن ما يدركه مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين فهما أول صلاته، يصليهما مع الإمام ساكتا؛ لأن الإمام ساكت غير جاهر، وإذا قام يقضي كذلك، يقضيهما على أنهما الركعتان الأخيرتان فلا يجهر فيهما، هذا هو الصواب؛ لأنهما آخر صلاته كمثل العشاء، وهكذا المغرب إذا فاتته واحدة فإنه يقضيها وتكون بالنسبة إليه هي الأخيرة، ولا يجهر فيها، هذا هو السنة حتى لا تتناقض الصلاة.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (188) .
(11/253)
158 - بيان كيفية إتمام صلاة العشاء
س: رسالة من مكة المكرمة، مستشفى الملك عبد العزيز بالزاهر، وباعثها المستمع أخوكم في الله: ب. م. ع، يسأل ويقول: مصل دخل مع الإمام في صلاة العشاء في الركعة الرابعة، كيف يتم هذا المصلي صلاته؟ هل
(11/253)
يقرأ سورة مع الفاتحة؟ وهل يقرؤها سرا أم جهرا (1)
ج: المسبوق ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته في أصح قولي العلماء، وما يقضيه هو آخرها، فإذا أدرك ركعة واحدة من الظهر أو العصر، أو المغرب أو العشاء، أو الفجر يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم إذا قام يقضي يقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لأن الثانية هي أول صلاته، ثم الثالثة والرابعة يقتصر على الفاتحة أفضل، تكفيه الفاتحة، وإذا أدرك مع الإمام ثنتين قرأ فيهما ما تيسر إن أمكن، ولو ركع الإمام ركع معه، تكفيه الفاتحة، وإذا قام يقضي يقضي بالفاتحة فقط للثنتين؛ لأن السنة في الثالثة والرابعة الاقتصار على الفاتحة، كما في حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة بفاتحة الكتاب (2) » عليه الصلاة والسلام، وذكر عنه في الثالثة والرابعة في الظهر بعض الأحيان بالزيادة على الفاتحة فحسن؛ لأنه جاء ما يدل على هذا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند مسلم، لكن في الأغلب يكون بالفاتحة فقط في الثالثة والرابعة في الظهر وغيرها.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (311) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب، برقم (776) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، برقم (451) .
(11/254)
س: حضرت مع الإمام في صلاة العشاء، وذلك في الركعتين الأخيرتين وهما سر، فماذا أفعل في الركعتين اللتين فاتتا؟ فهل أقرأ فيهما سرا أم جهرا (1)
ج: الصواب أن ما أدركه المأموم مع الإمام فهو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، هذا هو الصواب، وهو الأصح من قولي العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » وفي اللفظ الآخر: «فاقضوا (3) » بمعنى: أتموا. فالقضاء هنا بمعنى التمام، جمعا بين الروايتين؛ ولأن رواية التمام أكثر ومعناها أظهر، وهذا معنى قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} (4) ، يعني: أتممتموها. ويقول سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} (5) يعني: أتممتم. فإذا أدرك ركعتين من العشاء - مثلا - أو ركعتين من المغرب فإنه يقضي الباقي على حسب الحال، فإن كان المغرب قضى
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (69) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209) ، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861) ، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602) .
(4) سورة النساء الآية 103
(5) سورة البقرة الآية 200
(11/255)
الثانية بجهر، والثالثة بغير جهر، وإن كان العشاء فإنه يقضيهما سرا من دون جهر، ويكتفي بالفاتحة فقط؛ لأنهما آخر صلاته.
(11/256)
س: السائل: ع. م. ع. من السودان، يقول في هذا السؤال: إذا أدرك المصلي الركعتين الأخيرتين من صلاة العشاء – مثلا - فهل يقرأ ما فاته سرا، أم جهرا؟ وهل يكمل ما فاته بسورة الفاتحة فقط؟ أفيدونا بذلك (1)
ج: الصواب أن ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم بالسكينة، فما أدركتم - أي: مع الإمام - فصلوا، وما فاتكم فأتموا (3) » وفي لفظ: «فاقضوا (4) » يعني: أتموا. معنى القضاء: التمام. وهذا يفيد أن ما أدركه الإنسان مع الإمام هو أول صلاته، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (368) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209) ، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861) ، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602) .
(11/256)
من العشاء فإنها تكون أول صلاته، فإذا سلم الإمام يقوم ويأتي بالركعتين الأخيرتين؛ يقرأ فيهما الفاتحة سرا؛ لأنها آخر صلاته، وهكذا إذا أدرك واحدة من المغرب فإن الثنتين الأخيرتين هما آخر صلاته، فالأولى يقرأ فيها الفاتحة والسورة أو آيات، ويجهر بعض الشيء جهرا لا يشوش على من حوله، والأخيرة يقرؤها سرا، يسر يقرأ فيها الفاتحة سرا؛ لأنها هي المكملة لصلاته.
(11/257)
159 - بيان الواجب على المأموم إذا علم أن الإمام زاد في الصلاة
س: رجل صلى مع جماعة فريضة، وهذا الرجل فاتته ركعة واحدة من الفريضة، فسها الإمام وصلى ركعة زيادة على المكتوبة، هل الرجل المتأخر يسلم مع الجماعة، أو يكمل الركعة التي فاتته (1) ؟
ج: هذا الرجل لا يقوم في الزيادة، إذا كان يعلم أنها زيادة لا يقوم ويجلس مع الناس، وهكذا الجماعة لا يقومون، ينبهون: سبحان الله، سبحان الله. ولا يقومون معه، فإن رجع فالحمد لله، وإن لم يرجع صبروا حتى يسلم؛ لأنه قد يعتقد أنه مصيب، فإذا سلم سلموا معه، إذا كانوا يعتقدون أنه مخطئ لا يقومون معه، وهكذا الذي فاتته ركعة لا يقوم معه، إذا كان يعلم أنها زائدة، فإذا سلم إمامه قام وقضى الركعة التي
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (206) .
(11/257)
فاتته؛ لأن القضاء إنما يكون بعد سلام الإمام، وإذا قام معه جاهلا ما درى عنها أنها زيادة فإنها لا تجزئه على الصحيح، وإنما يقضي بعد ذلك، إذا سلم إمامه قضى، هذا هو الصواب.
(11/258)
160 - حكم قول: إن الله مع الصابرين للإمام أثناء الركوع
س: اعتاد بعض الناس عندما يدخل المسجد ويجد الإمام راكعا أن يقول: إن الله مع الصابرين. يقصدون بذلك بقاء الإمام راكعا حتى يدركوا الركعة معه، وبعض الأئمة ينتظرونهم مع أن هذا فيه مشقة على بعض المصلين، فما حكم قولهم هذا؟ وما حكم انتظار الإمام لهم (1) ؟
ج: لا أعلم أصلا لقولهم: إن الله مع الصابرين. ولا نعلم في ذلك منكرا ولا محذورا، وأما الإمام فيستحب له أن يتأنى قليلا حتى يدرك من دخل على وجه لا يشق على المأمومين، وقد نص جمع من أهل العلم على ذلك، وقالوا: يستحب له انتظار الداخل ما لم يشق على المأموم، فإذا كان انتظاره يسيرا لا يشق على المأمومين فلا حرج في ذلك، بل يستحب له ذلك مراعاة للداخلين حتى يدركوا الركعة، وهم يستحب لهم عدم العجلة والخشوع، فإن أدركوا فالحمد لله، وإلا
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (168) .
(11/258)
قضوها، ولا ينبغي لهم العجلة، أما كلمة: اصبروا، أو: إن الله مع الصابرين، فلا أعلم لها أصلا في الشرع، ولا أعلم ما يمنعها من باب التنبيه للإمام، لا نعلم في ذلك مانعا.
(11/259)
س: أثناء الصلاة يجيء أحد المصلين، وحتى ينبه الإمام ليلحق الركعة فإنه يقول: إن الله مع الصابرين، أو يحدث أصواتا، فهل هذا جائز (1) ؟
ج: لا أعرف لهذا أصلا، بل يأتي، إن أمكنه ركع مع الإمام، وإلا قضى ما فاته والحمد لله، ولا حاجة إلى أصوات، ولا حاجة أن يقول: إن الله مع الصابرين، ليس عليه دليل، ولكن يمشي وعليه السكينة حتى يستقيم في الصف، فإذا أدرك الركوع فالحمد لله، وإلا سجد مع إمامه وقضى ما فاته.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (329) .
(11/259)
س: أصلي إماما بالناس، وأسمع بعض القادمين للصلاة، فأطيل الركوع حتى يلحق المتأخر بالجماعة، هل هذا يصح أم لا (1) ؟
ج: هذا هو السنة، إذا سمعت أثرا للقادم ألا تعجل في الركوع، لكن بشرط ألا تطيل إطالة تشق على من معك، بل تكون إطالة خفيفة لا تشق على المأموم.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (110) .
(11/259)
161 - حكم الاستعجال في المشي إذا كان الإمام راكعا
س: ما حكم الاستعجال في المشي إذا كان الإمام يقرأ للركوع الأول (1) ؟
ج: السنة أن يمشي على سكينة وتواضع ووقار، ولا يعجل ولو ركع الإمام الحمد لله، إذا فاتته الركعة يقضي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون (2) » وفي اللفظ الآخر: «وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (3) » فالامتثال لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، والتأدب بالآداب التي وجه إليها هذا هو المشروع للمؤمن أن يتأدب بالآداب الشرعية، وألا يعجل ولو فاتته الركعة والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (133) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/260)
162 - حكم الركض إلى الصلاة
س: هل الركض إلى الصلاة جائز (1) ؟
ج: ما ينبغي ومكروه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (295) .
(11/260)
سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » ولا ينبغي الركض ولا العجلة، بل يمشي وعليه السكينة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/261)
163 - حكم من أدرك الصلاة مع الإمام في التشهد الأخير
س: إذا دخل المصلي المسجد لصلاة الفجر، ووجد الإمام في السجود بعد الركعة الثانية فدخل معه، وقضى ما عليه بعد سلام الإمام، ولما انتهى من صلاته وجد جماعة أخرى، فهل يدخل معهم، وتكون الركعتان اللتان صلاهما سنة، أم لا يجوز هذا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاته أجزأته فريضة والحمد لله، وإذا صلى مع الناس الحاضرين صارت له نافلة كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: «إنه يكون بعدي أمراء يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها، فإن صليت لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك (2) » فهي تكون نافلة مع الآخرين، وهكذا «لما صلى في منى
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (203) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، حديث رقم (648) .
(11/261)
عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، وسلم رأى رجلين لم يصليا معه، فدعا بهما فجيء بهما إليه، فقال: " ما منعكما أن تصليا معنا؟ " قالا: قد صلينا في رحالنا - يعني: في مخيمنا - قال: " لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة (1) » فالمؤمن إذا صلى في المسجد أو في محل آخر، ثم أدرك جماعة يصلون فصلى معهم كانت له نافلة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث يزيد بن الأسود العامري رضي الله عنه برقم (17020) ، وأبو داود في كتاب الصلاة باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم، برقم (575) ، والترمذي في كتاب الصلاة باب ما جاء في الرجل يصلي وحده يدرك الجماعة، برقم (219) ، والنسائي في كتاب الإمامة، باب إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده، برقم (858) .
(11/262)
164 - حكم دخول المصلي مع الإمام بعد الرفع من الركعة الأخيرة
س: يقول السائل: إذا دخلت المسجد، وكان الإمام قد رفع من الركوع للركعة الأخيرة فهل أدخل مع الجماعة، أم أنتظر حتى يأتي رجل فأصلي معه جماعة أخرى بعد تسليم الإمام الراتب (1) ؟
ج: إذا دخلت مع الإمام فكمل، إذا سلم الإمام تقضي الصلاة كلها، إلا إذا أدركته في الركوع قبل أن يرفع فقد أدركت الركعة الأخيرة، أما
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (393) .
(11/262)
إذا رفع قبل أن تدركه في الركوع فإنك ما أدركت شيئا، فعليك أن تقضي الصلاة كلها بعد سلامه.
(11/263)
165 - حكم إقامة جماعة أخرى والإمام يوشك أن يسلم من الصلاة
س: إنني جئت لأداء الصلاة المكتوبة وقت صلاة العصر، فوجدت الإمام في التشهد الأخير على نهايته، وقدم معي بعض الرفاق يريدون ما أريد، وطلبت منهم أن نقيم جماعة جديدة حيث الإمام يوشك أن يسلم من الصلاة فوافقوني، وأقمنا الصلاة؛ جماعة أكثر من ثلاثة أو أربعة، ولكن الإمام وبعض الإخوة المصلين الرفاق بعد أداء الصلاة احتجوا علينا، وطلبوا منا أداء الصلاة معهم حتى ولو كان الإمام في التشهد الأخير، محتجين بالحديث الذي معناه: " ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا "، فأخبرتهم بأن معلوماتي في هذا الحديث هو أنه إذا جاء الرجل إلى المسجد فعليه بالسير بسكينة ووقار، والاقتداء بالإمام فيما أدرك وقضاء ما لم يدرك، ومن جهتي أخبرتهم أن الذي لا يدرك الركعة الأخيرة من الفرض المكتوب فإنه يكون حاصلا على ثواب الجماعة، وأما الصلاة فإنه لا يدركها، وأنه إذا أتمها فإنه يتمها منفردا، أما نحن فقد أدركنا - والحمد لله - فضل الفريضة جماعة، وفضل جماعة الصلاة. أرجو أن تبينوا لنا الأمر حسب أمر الله فيه ورسوله، والله نسأل لكم
(11/263)
التوفيق والسداد، حفظكم الله (1)
ج: لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام، يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » ومقتضى هذا الحديث أن من جاء والإمام في التحيات أنه يدخل معه؛ لأنه أدركه في الصلاة، لكنه لا يدرك فضل الجماعة إلا بركعة؛ لأن في الحديث الآخر: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3) » أما كونه يدخل معه حيثما وجده فهو ظاهر الحديث ولو في التحيات، فدخول الداخل مع الإمام في الصلاة قبل أن يسلم هذا هو الأفضل والأقرب لظاهر العموم، لكن لو صلوا جماعة ولم يدخلوا معه فلا أعلم في هذا حرجا؛ لأن فضل الجماعة قد فاتهم، ولم يبق إلا جزء يسير من الصلاة، لكن تأدبا مع السنة، ومع ظاهر السنة احتياطا للدين الذي أراه وأفتي به أن الأولى بالمؤمن إذا جاء في مثل هذه الحال، والإمام في
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (131) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(11/264)
التشهد أنه يدخل معه ولو كانوا عددا، يدخلون معه ويجلسون ويقرؤون ما تيسر من التحيات التي تمكنهم، ثم ينهضون بعد السلام ويقضون ما عليهم، هذا هو الأحوط والأظهر؛ للعمل بعموم الحديث، لكن من صلى جماعة ولم يدخل مع الإمام لا أرى التشديد عليه؛ لأن له شبهة؛ لأن الصلاة قد انتهت، ولم يبق منها إلا اليسير، فلا وجه للتشديد في هذا. والله المستعان.
(11/265)
166 - حكم من أدرك الإمام في التشهد الأخير من الصلاة
س: الأخ: خ. ح، من فلسطين، غزة، يقول: إذا دخل مجموعة من المصلين، والإمام في التشهد الأخير ما هو التصرف الصحيح في ذلك (1) ؟
ج: الأمر في هذا واسع، إن صلوا وحدهم فلا بأس، وإن صلوا مع الإمام فلا بأس؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا (2) » هذا يعم إدراك التشهد، وإن صلوا وحدهم جماعة فلا حرج إن شاء الله، الأمر في هذا واسع إن شاء الله.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (427) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/265)
167 - حكم من وجد الإمام جالسا للتشهد الأول
س: إذا جئت إلى المسجد، ووجدت الإمام جالسا للتشهد الأول فهل أكبر ثم أجلس، أم أنتظر حتى يقوم (1) ؟
ج: الأفضل أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس؛ لما جاء في عدة أحاديث من الأمر بأن يفعل المسبوق ما يفعله إمامه، وأنه لا ينتظر، بل إذا أتى والإمام على حال فإنه يفعل كما يفعل الإمام، فإذا أتاه وهو ساجد سجد، وإذا أتاه وهو راكع ركع، وإذا أتاه وهو جالس جلس، هذا هو السنة، يكبر وهو واقف التكبيرة الأولى - تكبيرة الإحرام - ثم ينحط جالسا، وإذا جئت إلى المسجد ووجدت الإمام ساجدا، أو سيسجد فإنك تكبر مع الإمام التكبيرة الأولى، ثم تنحط ساجدا.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (5) .
(11/266)
168 - بيان ما تدرك به صلاة الجماعة
س: بم تدرك صلاة الجماعة (1) ؟
ج: بركعة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » ومن فاتته الركعة الأخيرة فاتته صلاة
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (262) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(11/266)
الجماعة، إلا أن يكون معذورا بأن حرص على أن يحضر، ولكن منعه مانع من مرض، أو حدث به حادث من الطريق منعه، أو حدث به حادث البول أو الغائط فيحتاج إلى قضاء حاجته فإن له فضل الجماعة؛ لأنه معذور، له فضل الجماعة وإن فاتته الجماعة، كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (1) » رواه البخاري في الصحيح، يعني: بنيته الأعمال الصالحة لولا السفر والمرض. كذلك الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم "، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: " وهم بالمدينة، حبسهم العذر (2) »
وفي لفظ آخر «إلا شركوكم في الأجر (3) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911) .
(11/267)
169 - حكم الدخول مع الإمام في التشهد الأخير
س: إذا دخل شخص والإمام في التحيات الأخيرة هل يجلس، أو ينتظر جماعة أخرى (1) ؟
ج: الأفضل أن يدخل معهم ولا ينتظر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » هذا عام يعم ما أدركه في الركعة الأخيرة أو في التشهد، يدخل معه والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (404) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/268)
170 - حكم صلاة من جلس للتشهد ولم يكبر تكبيرة الإحرام
س: إذا دخلت المسجد ووجدت المصلين في التشهد الأخير، وجلست معهم حتى التسليم فهل يلزمني حينئذ أن أعود لأقيم الصلاة، علما بأني لم أكبر تكبيرة الإحرام؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنت لم تكبر تكبيرة الإحرام، جلست من دون تكبير فلا صلاة لك، وعليك أن تكبر حين تبدأ الصلاة، لكن الأفضل لك إذا جئت وهم في التشهد الأخير أن تكبر - وأنت واقف - تكبيرة الإحرام،
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (322) .
(11/268)
ثم تجلس معهم وتأتي بالتشهد، ومتابعة الإمام أفضل، ثم إذا سلم الإمام قمت تؤدي صلاتك كاملة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ثوب بالصلاة فلا يسع إليها أحدكم ولكن ليمش وعليه السكينة والوقار، صل ما أدركت واقض ما سبقك (1) » فالسنة لمن جاء والإمام جالس في التشهد الأخير أن يدخل معه في الصلاة، ويكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس، وإن كبر حين الجلوس فهذا لا بأس به، فإذا تشهد ثم إذا سلم الإمام قام وصلى بقية صلاته.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(11/269)
171 - بيان ما يدرك به فضل الجماعة
س: يقول السائل: إذا أدركت صلاة الجماعة وهم في التشهد الأخير فهل أكون بهذا قد أدركت فضل صلاة الجماعة، أم يجب علي انتظار بعض المصلين المتأخرين لنصلي جماعة، ليتم لنا فضل صلاة الجماعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (249) .
(11/269)
فاتكم فأتموا (1) » فقوله: «فما أدركتم فصلوا (2) » يعم من أدركها، أو أدرك الإمام في التشهد. ولكن لا تدرك الجماعة إلا بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3) » فهي تدرك بركعة الجماعة، ولكن إذا كان معذورا حين تأخر يكون له فضل الجماعة ولو ما أدركها بالكلية، إذا تأخر عن عذر شرعي لقضاء حاجة الإنسان؛ لما أراد الذهاب إلى المسجد نزل به حاجة الإنسان من بول أو من غائط فتأخر من أجل ذلك، أو غير ذلك من الأعذار الشرعية فله فضل الجماعة، ولكن لا تدرك الجماعة بغير عذر بإدراك التشهد، ولكن بركعة فأكثر، وإذا كانوا جماعة وصلوا وحدهم فلا بأس، وإن دخلوا مع الإمام في التشهد فلا بأس، الأمر واسع، إن دخلوا معهم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا (4) » فلا بأس، صلوا وحدهم؛ لأن الصلاة ما بقي منها إلا التشهد فلا حرج.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/270)
172 - بيان ما يقوله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير
س: يقول السائل: بالنسبة للمصلي المسبوق في تشهده الأخير هل يذكر النصف الأول من التشهد، أم كله؟ وإذا كان نصف التشهد فماذا عن الوقت الذي يسكت فيه حتى يسلم الإمام (1) ؟
ج: يأتي بالتشهد وهو معه تبعا للإمام، ثم إذا سلم قام وقضى ما عليه، يأتي بالتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، ثم يقوم بعد ما يسلم الإمام، يقول صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2) » «إنما جعل الإمام ليؤتم به (3) » فهو يقرؤه تبعا للإمام وإن كان لا يجزئه، لكن يقرؤه تبع الإمام، مثل: لو جاء وقد صلى ركعة يجلس معه في الركعة الثانية في التشهد الأول، وهو ليس في محل تشهده، هو ما صلى إلا ركعة، لكن يتابع الإمام، فالمقصود أن هذا متابعة الإمام والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (427) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689) ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411) .
(11/271)
173 - حكم صلاة من يصعب عليه تلاوة القرآن بأحكام التجويد
س: يقول هذا السائل: في الصلاة السرية يصعب علي تلاوة القرآن بالأحكام، أي بأحكام التجويد كما في الصلاة الجهرية، ما الحل؟ وهل أنا ملزم في ذلك (1) ؟
ج: الأمر في هذا واسع، اتباع الأحكام التجويدية ليس بلازم، إنما هو مستحب، فلا بأس أن تقرأ بغير الأحكام التجويدية، إذا قرأته باللسان العربي الحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (427) .
(11/272)
174 - بيان ما يفعله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير
س: ما الحكم إذا دخل المأموم مع الإمام والإمام في التشهد الأخير، هل يتشهد مع الإمام، أم يلزم الصمت حتى يسلم الإمام ويقوم يتم صلاته (1) ؟
ج: إذا دخل المسبوق مع الإمام في التشهد فالأفضل له أن يأتي بالتشهد؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به،
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (38) .
(11/272)
فلا تختلفوا عليه (1) » فالأفضل أن يأتي بهذا، ولا يظهر لي أنه لازم له؛ لأنه ليس في محله، والأظهر أنه غير لازم، لكن لو فعل ذلك وأتى به؛ لأنه ذكر، ولأنه خير، وأن فيه متابعة للإمام فهذا أفضل وأولى، لكن لا يلزمه لكونه ليس في محل تشهده؛ لأن التشهد يكون بعد ركعتين، أو بعد الأخيرة، وهذه الركعة ليست الأخيرة له، بل هي لا تعتبر له شيئا، يجلسها متابعة فقط، ثم إذا قام يأتي بركعتين، ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يأتي بما بقي عليه: المغرب واحدة، والظهر والعصر والعشاء ركعتين، وإن كان الفجر صلى ركعتين، هذا يدل على أن هذا الجلوس ليس معتدا به بالنسبة إليه، فإذا قرأ التحيات؛ لأنها ذكر ومتابعة للإمام فهذا حسن، أما اللزوم فلا يظهر أنه يلزمه.
__________
(1) أخرجه الدارمي في كتاب الصلاة، باب فيمن يصلي خلف الإمام والإمام جالس برقم (1256) .
(11/273)
س: يقول السائل: دخلت المسجد فوجدت المصلين في التشهد الأخير، هل أجلس معهم، أم أنتظر جماعة أخرى (1) ؟
ج: إذا دخلت فاجلس معهم، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » فإذا جئتهم وهم جالسون
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (435) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/273)
للتشهد فاجلس معهم، وبعد السلام تقوم وتقضي الصلاة.
(11/274)
175 - بيان كيفية الدخول في الصلاة إذا وجد المصلين في الجلوس
س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الجلوس؟ هل يجلس بدون تكبيرة الإحرام ويأتي بها بعد القيام معهم؟ أم ماذا (1) ؟
ج: يكبر أولا - وهو واقف - تكبيرة الإحرام، ثم يجلس، يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس معهم.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (262) .
(11/274)
176 - حكم الصلاة مع جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى
س: هل تعتبر الصلاة بعد صلاة الجماعة الأولى مع عدة أشخاص يزيدون عن الثلاثة، هل تعتبر صلاة جماعة إذا صلينا بعد الجماعة الأولى (1) ؟
ج: إذا حصلت جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى، وصليت معهم فأنت مأجور، وإذا كان واحدا صليت معه حتى يحصل له الجماعة فأنت مأجور والحمد لله.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (434) .
(11/274)
177 - حكم صلاة الاثنين إذا لم يدركا مع الإمام سوى الجلسة الأخيرة
س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الجلوس الأخير ومعه آخر؟ هل يجلسان معهم أفضل، أم ينتظران ثم يصليان جماعة هما الاثنان (1) ؟
ج: الأمر واسع إن شاء الله، إن دخل معهم الصلاة فلا بأس لعموم: «فما أدركتم فصلوا (2) » وإن صليا جماعة وحدهما فلا حرج إن شاء الله.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (262) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/275)
178 - حكم الانضمام إلى الإمام في الصلاة في الحالة التي يدرك عليها
س: أرى بعض المصلين حينما يدخلون المسجد والجماعة في التشهد لا يشرعون في دخول الصلاة؛ حتى يتأكدوا من التشهد هل هو الأول أو الثاني؟ فإن كان الأول دخلوا مع الجماعة، وإن كان الثاني صلوا منفردين. أرجو منكم الإجابة الواضحة، وهل يجب على من دخل المسجد ووجد الناس في الصلاة أن يدخل معهم في أي حال؟ وكم تكبيرة يكبر لو وجدهم في الركوع أو السجود؟ وهل
(11/275)
يقرأ دعاء الاستفتاح قبل الركوع أو السجود (1) ؟
ج: السنة لمن دخل والإمام في الصلاة أن ينضم إليهم ويصلي معهم؛ لأنه قد جاءت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تدل على أن من جاء والإمام في حال فإنه يصنع ما يصنعه الإمام، فإن وجده قائما صف معه، وإن وجده راكعا ركع، وإن وجده ساجدا سجد، وإن وجده جالسا جلس. وقال في هذا عليه الصلاة والسلام: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » فيكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف، ثم يقرأ الفاتحة إن أمكنه، ثم ينصت لقراءة إمامه إن كانت جهرية حتى يركع فيركع معه، وإن كانت سرية كالظهر والعصر قرأ معه الفاتحة، وقرأ ما تيسر معها في الأولى والثانية؛ لأنها سرية، وإن جاء وهو راكع كبر وركع معه، كما فعل أبو بكرة رضي الله عنه، فإنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3) » يعني: لا تعد إلى الركوع دون الصف. فدل ذلك على أن ركعته مجزئة،
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (170) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .
(11/276)
وأن صلاته صحيحة، ولكنه لا ينبغي له أن يدخل في الصلاة منفردا، بل ينضم إلى الصف، إن أمكنه أن يركع معهم ركع، وإلا قضى ما فاته، والمشروع أن يكبر تكبيرتين؛ الأولى: تكبيرة الإحرام، هذه فرض لا بد منها، والثانية: تكبيرة الركوع، إذا أراد أن ينحط للركوع، وأمكنه فإنه يكبر الثانية؛ لأنها واجبة عند جمع من أهل العلم ومستحبة عند الجمهور، فينبغي الإتيان بها إذا أمكنه، فإن خشي فوات الركوع كفته التكبيرة الأولى؛ وهي تكبيرة الإحرام تكفيه عند جمع من أهل العلم والحمد لله؛ لأن العبادتين إذا اجتمعتا وإحداهما أكبر من الأخرى دخلت الصغرى في الكبرى، كهذه الحالة.
وأما بالنسبة لدعاء الاستفتاح في هذه الحالة فإنه يستحب دعاء الاستفتاح إذا جاء والإمام واقف، وفي سعة أن يستفتح: بـ: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ". أو بأي نوع من أنواع الاستفتاحات الصحيحة، ثم يقرأ الفاتحة، أما إن كان الوقت ضيقا ويخشى أن يركع فإنه يشتغل بالفاتحة ويسقط الاستفتاح؛ لأنه سنة، والفرض أهم، والفاتحة أهم فيبدأ بها حتى يركع الإمام.
(11/277)
س: يسأل ويقول: إذا دخلت المسجد مع جماعة وكان الناس يصلون في التشهد الأخير، أيهما أفضل: أنصلي جماعة أخرى، أم نلحق
(11/277)
معهم ما تبقى من الصلاة (1) ؟
ج: هذا أمر واسع إن شاء الله، لكن الأقرب - والله أعلم - الدخول مع الإمام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » ولم يستثن شيئا، هذا يدل على أنهم إذا أدركوا الركعة الأخيرة بعد الركوع، أو في السجود أو في التشهد دخلوا معه. وإن صلوا جماعة وحدهم فلا حرج في ذلك إن شاء الله، الأمر واسع؛ لأن الجماعة إنما تدرك بالركعة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3) » فإذا جاؤوا في الركوع في الركعة الأخيرة فاتتهم الجماعة، فإن صلوا معه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا (4) » فهذا مناسب أخذا بالعموم، وإن صلى الداخل مع غيره جماعة جديدة فهذا إذا كان بعد السلام يكون أفضل، أما إذا كان قبل السلام فهم مخيرون؛ إن دخلوا معه فهو أقرب؛ لعموم الحديث: «فما أدركتم فصلوا (5) » وإن صلوا جماعة وحدهم فلا حرج إن شاء الله.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (239) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/278)
179 - بيان كيفية الحصول على أجر صلاة الجماعة
س: شخص دخل في الصلاة والناس جلوس في التشهد الأخير، وجلس معهم، وبعد تسليم الإمام أكمل صلاته، هل يحصل على أجر الجماعة؟ وإذا لم يحصل على أجر الجماعة فما هو أجره على ذلك (1) ؟
ج: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » فالمشروع له إذا جاء وهم جلوس في التشهد الأخير أن يدخل معهم ويجلس معهم؛ يكبر وهو واقف تكبيرة الإحرام، ثم يجلس ويقرأ التحيات معهم، فإذا سلم الإمام قام وقضى صلاته كلها، أما يحصل له أجر الجماعة؟ فهذا فيه تفصيل: إن كان معذورا بأن تأخر لعذر شرعي كقضاء الحاجة التي نزلت به فذهب يتوضأ، أو شغله شاغل لا حيلة له فيه فله أجر الجماعة؛ لأن المشغول والمعذور بالعذر الشرعي حكمه حكم من حضر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (3) »
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (86) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996) .
(11/279)
ولقوله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم ". قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (1) » وفي لفظ: «حبسهم المرض (2) » وفي لفظ آخر «إلا شركوكم في الأجر (3) » فدل ذلك على أن من حبسه عذر شرعي يكون له أجر من عمل العمل على الوجه الشرعي، أما إن كان تأخر عن تساهل فإنه لا يحصل له فضل الجماعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (4) » فإذا أدرك ركعة أدرك فضل الجماعة، وإن لم يدرك الركعة لم يدرك فضل الجماعة إذا كان عن تساهل وعدم عذر شرعي، والله المستعان.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض برقم (1911) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(11/280)
180 - بيان ما تدرك به صلاة الجماعة
س: هل من كبر تكبيرة الإحرام قبل أن يسلم الإمام يدرك الجماعة أم لا (1) ؟
ج: قد دلت سنة النبي عليه الصلاة والسلام أن الصلاة في الجماعة إنما تدرك بالركعة، قال عليه الصلاة والسلام: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » ففضل الجماعة يدرك بإدراك الركعة فأكثر، لكن إذا كان له عذر بسببه فاتته الصلاة فإن أجر الجماعة يحصل له وإن لم يصل في الجماعة؛ كالمريض الذي حبسه المرض، ثم وجد نشاطا فرجا أن يدرك الجماعة فلم يدركها، وكإنسان توجه إلى الجماعة فحدث له حادث يمنعه من ذلك؛ كالغائط أو البول فذهب يتوضأ، أو ما أشبه من الأعذار الشرعية، فهذا يرجى له فضل الجماعة إذا لم يفرط، لكن من جاء والإمام في التشهد فإنه يدخل معه وله فضل في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (3) » هذا عام يعم ما أدركه المأموم من صلاة الإمام ولو التشهد، فإنه يدخل معه، فإذا سلم قام وقضى ما فاته، ولكنه لا يدرك فضل الجماعة إلا
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (155) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/281)
بإدراك الركعة كما تقدم، والواجب على المؤمن أن يسارع إلى الصلاة، وأن يبادر بعد سماع الأذان حتى يدرك الصلاة كاملة، وحتى يؤدي ما شرع الله قبلها من راتبة الظهر، أو ما يسر الله من الركعات قبل العصر أو المغرب أو العشاء، هكذا ينبغي للمؤمن أن يبادر ويسارع إلى هذه الفريضة العظيمة عند سماع الأذان، أو قبل الأذان عند قرب الأذان؛ حتى يتمكن من الوصول إلى المسجد بهدوء، وحتى يصلي ما يسر الله له قبل الصلاة، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، بل واجب عليه؛ حتى لا تفوته الجماعة، وهكذا صلاة الفجر. المقصود أنه يجب عليه أن يبادر ويسارع في الوقت الذي يظن إدراكه الصلاة من أولها، وإذا تيسر له فضل وقت حتى يصلي قبل الصلاة ما يسر الله من تحية المسجد، أو الراتبة فهذا خير عظيم.
(11/282)
س: أنا أصلي في المسجد، وأحيانا لا أدرك الصلاة كاملة، فإذا أدركت التشهد الأخير فقط هل أعتبر قد أدركت صلاة الجماعة (1) ؟
ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » فالواجب
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (303) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(11/282)
المسارعة إلى الصلاة في جماعة، والحرص على المبادرة بعد سماع الأذان؛ حتى لا يفوتك شيء من الصلاة، فإن قدر أنه فاتك شيء فإنك تقضي ما فاتك، ولا تكون مدركا للجماعة إلا إذا أدركت الركعة الأخيرة، أما إن جاء والإمام في التشهد الأخير فإنه يصلي معهم، لكن فاتته الجماعة، لكن يصلي معهم؛ يجلس ويصلي معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » فعمم عليه الصلاة والسلام: «أدركتم (2) » هذا يعم الركعة الأخيرة أو التشهد الأخير أو السجود، يعمه.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(11/283)
س: هل إذا أدركت الإمام في التشهد الأخير أكون قد أدركت الجماعة (1) ؟
ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » فإذا لم تدرك إلا التشهد الأخير فقد فاتك فضل الجماعة، وعليك أن تبادر دائما - إن
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (322) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(11/283)
شاء الله - إلى المسجد في أول الوقت؛ حتى لا تفوتك الجماعة.
(11/284)
س: إذا لم يدرك المصلي مع الإمام صلاة الجماعة إلا التشهد الأخير فهل تحسب له صلاة الجماعة (1) ؟
ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » لكن إذا كان معذورا حبسه مرض، حبسه عذر شرعي فله أجر الجماعة ولو لم يحضرها.
__________
(1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (337) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(11/284)
181 - بيان ما يشرع لمن دخل المسجد بعد انقضاء الصلاة
س: أريد أن أعرف حكم الإسلام في إنسان أتى إلى المسجد لكي يصلي مع الجماعة، ولكنه حينما أتى وجد الجماعة قد انقضت، فما الحكم في ذلك؟ هل يصلي منفردا، أم يكون هو ومن يجده في المسجد جماعة أخرى؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا حضر الإنسان المسجد والناس قد صلوا، وتيسر له وجود ناس يصلي معهم؛ فإنه يصلي جماعة ثانية، هذا هو المشروع؛ يصلي
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (262) .
(11/284)
جماعة ثانية، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل رجل بعدما صلى الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1) » وفي الحديث الآخر: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده (2) » فالمشروع لمن دخل وقد صلى الناس أن يلتمس من يصلي معه، فإن وجد وإلا شرع لمن حضر أن يقوم بعضهم فيصلي معه؛ حتى تحصل له الجماعة للحديث السابق.
أما قول بعض العلماء: إنه يصلي وحده ويرجع إلى بيته. هذا قول ضعيف مرجوح. الصواب أنه يصلي جماعة مع من تيسر، ولو قام بعض الجماعة الذين قد صلوا وصلوا معه نافلة لهم فهذا أفضل، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه، وقال: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (3) » .
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد مرتين، برقم (574) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (554) ، والنسائي في كتاب الإمامة باب الجماعة إذا كانوا اثنين برقم (843) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد مرتين، برقم (574) .
(11/285)
س: م. م. ش، يقول: تخلف رجل عن صلاة الجماعة، أي: حضر بعد سلام الإمام، فماذا يفعل؟ هل يلتحق بمن جاء متأخرا ويتم معه؟ أم ماذا يفعل (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (360) .
(11/285)
ج: نعم، إذا فاتته الصلاة مع الجماعة؛ وجد أحدا صلى معه، وإلا صلى وحده والحمد لله، وإن وجد جماعة ولو واحدا صلى معه.
(11/286)
182 - حكم من يصلي السنة وقد أقيمت الصلاة
س: إذا أقام المؤذن الصلاة، وأنا ما زلت في صلاة السنة فهل أسلم من الصلاة، أم أكمل الصلاة ثم ألحق بهم (1) ؟
ج: الأرجح من أقوال العلماء أنك تقطعها؛ تنوي قطعها وتلحق بالصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » رواه مسلم. ولما رأى صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي، وقد أقيمت الصلاة أنكر عليه، عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه إذا أقيمت الصلاة وأنت تصلي فاقطعها، وادخل مع الإمام ولا تكملها؛ فالفريضة أهم. وقال بعض أهل العلم: إنه يتمها خفيفة. ولكن الصواب أنه لا يتمها، بل يقطعها، ولا تحتاج إلى سلام، بل يقطعها بالنية ويكفي. والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (223) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710) .
(11/286)
183 - حكم قطع المصلي السنة ليدرك تكبيرة الإحرام
س: من أسئلة هذا المستمع يقول: ما رأي سماحتكم إذا قطع المصلي الركعة الأخيرة من السنة، وذلك إذا أقام المؤذن للصلاة ليدرك تكبيرة الإحرام (1) ؟
ج: هذا الواجب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » إذا أقيمت وهو باق عليه ركعة يقطعها ويدخل مع الإمام، أما إذا أقيمت وقد انتهى ما بقي إلا السجود أو التحيات يكمل.
__________
(1) السؤال السابع والسبعون من الشريط رقم (433) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710) .
(11/287)
184 - بيان فضل صلاة الجماعة
س: فضلت صلاة الجماعة عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، هل هذا الفضل يشمل صلاة الإمام والمأمومين، أم للمأمومين خاصة (1) ؟
ج: هذا فضل يشمل الجميع، هذا الفضل للإمام والمأمومين جميعا، صلاة الجماعة تفضل عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، هذا للإمام والمأمومين جميعا من فضل الله ورحمته سبحانه وتعالى.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (34) .
(11/287)
185 - بيان فضل الصلاة في المسجد الحرام وداخل حدود الحرم
س: يسأل المستمع ويقول: أيهما أفضل: الصلاة في المسجد الحرام، أم الصلاة داخل حدود الحرم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة أفضل، وهي بمائة ألف صلاة للحديث الصحيح، والصواب أنها تضاعف الصلاة أيضا في بقية الحرم على قول بعض أهل العلم، أما الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة فهذا أمر متفق عليه أنها تضاعف، فإذا تيسر للمسلم الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة فذلك أفضل وأكمل، وإن صلى في مسجد من مساجد مكة نرجو له هذا الفضل على الصحيح، وإن الحديث يعم الحرم كله حتى لو صلى في بيته النافلة يعم هذا الفضل؛ لأن صلاة النافلة في البيت أفضل فيعمه الفضل، وهكذا صلاة النساء في بيوتهن، ويعمهن هذا الفضل في مكة المكرمة، لكن الفريضة يجب أن تصلى في المساجد مع الجماعة، وإذا تيسر للمؤمن أن يصلي في المسجد الذي حول الكعبة كان ذلك أكمل وأفضل لأنه محل إجماع.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (267) .
(11/288)
186 - بيان فضل مضاعفة الصلاة في المسجد النبوي
س: الأخ: م. ح. من المدينة المنورة، يسأل ويقول: هل صلاة النافلة في المسجد النبوي تعدل ألف صلاة، أم أن مضاعفة الصلاة مختصة بالفريضة فقط؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: المضاعفة عامة للفرض والنفل في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المسجد الحرام، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخص الفريضة، بل قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام (2) » وقال صلى الله عليه وسلم: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم (3) » يعني: بمائة ألف في المساجد الأخرى. وهذا يعم النفل والفرض، لكن النفل في البيت أفضل، ويكون الأجر أكثر، والمرأة في بيتها أفضل ولها أجر أكثر، وإذا صلى الرجل في مسجد النبي صلى الله
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (290) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1190) ومسلم في كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، برقم (1394) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما برقم (15685) .
(11/289)
عليه وسلم فرضا، أو نفلا فله أجر المضاعفة، لكن - ومع هذا - المشروع له أن يصلي النافلة في البيت سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء وسنة الفجر في البيت أفضل، وتكون له المضاعفة أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للناس: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (1) » يخاطبهم وهو في المدينة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن صلاتهم في بيوتهم صلاة النافلة أفضل، وتكون مضاعفتها أكثر، وهكذا في المسجد الحرام.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل برقم (731) .
(11/290)
187 - بيان وتوجيه حول الجلوس في الروضة الشريفة
س: الواقع - سماحة الشيخ - أن كثيرا من الناس يحرص على البقاء في الروضة هذه البقعة المباركة، ويجلس لقراءة القرآن الكريم لساعات، ما هو توجيه سماحة الشيخ (1) ؟
ج: ننصح إذا كان فيه أذية للمصلي يصلي ويمشي، يروح لجهات أخرى حتى يوسع للناس الذين يريدون أن يفعلوا مثل ما فعل؛ أن يصلوا فيه، وكذلك لا يصلي فيها وقت الفرائض، بل يذهب إلى الصف
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (355) .
(11/290)
الأول يكمل الصفوف، ولا يترك الصف الأول أو الصف الثاني، بل عليه أن يكمل الصف الأول فالأول، ولو كان خارج الروضة لا يجلس فيها، بل عليه أن يعتني بالصف الأول فالأول، إن الذين يجلسون في الروضة الشريفة لقراءة القرآن الكريم في الروضة الشريفة لا ينبغي، إذا كان قد يمنع أحدا ويشق على أحد، بل ليجلسوا في مكان آخر.
(11/291)
188 - فضل الصلاة في مسجد قباء
س: يقول عبد الرحمن من الرياض: الصلاة في مسجد قباء هل هو بأجر عمرة، أم يشترط الخروج من البيت متوضئا بنية الذهاب إلى قباء، وصلاة ركعتين للعمرة (1) ؟
ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور مسجد قباء، ويصلي فيه كل سبت، ويقول: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه كان له كأجر عمرة (2) » وإذا خرج من بيته قاصدا قباء يكون هذا أجمل، يتطهر في
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (393) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه، برقم (15551) والنسائي في كتاب المساجد، باب فضل مسجد قباء والصلاة فيه، برقم (696) . وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء برقم (1412) .
(11/291)
بيته ويقصد مسجد قباء ويصلي فيه، وإن مر عليه من أي جهة وصلى فيه قربة وطاعة، لكن إذا تطهر في بيته يكون أكمل، ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه ركعتين يكون كعمرة، كما قال عليه الصلاة والسلام.
(11/292)
س: هل من السنة أن يذهب من يسكن في المدينة المنورة كل أسبوع إلى مسجد قباء، أم أن هذه مقولة لا دليل عليها (1) ؟
ج: هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان يزور قباء كل سبت، يعني: كل أسبوع، والأفضل لمن كان في المدينة أن يزور قباء في الأسبوع مرة، يعني: في يوم السبت أو غيره، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ويصلي فيه ركعتين أو أكثر، ثم ينصرف اقتداء بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (290) .
(11/292)
189 - أحكام المصلى
س: يقول السائل: هل للمصلى تحية كتحية المسجد، أم أنها خاصة بالمسجد فقط؟ وهل يعتبر المصلى يأخذ حكم المسجد للبيع والشراء فيه، أم أنه ليس كذلك (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (387) .
(11/292)
ج: ليس للمصلى حكم المساجد، فلا تشرع الركعتان لدخوله، ولا حرج في البيع والشراء فيه؛ لأنه موضع للصلاة عند الحاجة وليس مسجدا، وإنما المسجد ما يعد للصلاة وقفا تؤدى فيه الصلاة كسائر المساجد، أما المصلى المؤقت فتصلي فيه جماعة الدائرة، أو جماعة نزلوا لوقت معين ثم يرتحلون، فهذا لا يسمى مسجدا، فلا حرج أن يباع فيه ويشترى، وليس له تحية المسجد، وإنما التحية لما أعد مسجدا وقفا لله عز وجل لإقامة الصلاة فيه.
(11/293)
س: لدينا - يا سماحة الشيخ - في الكلية مصلى ندخل فيه، ونجلس فيه متى ما نشاء ونفطر فيه أيضا، وقد ينام البعض فيه، وقد يدخل الطالب وهو على غير وضوء، ما رأيكم في هذا (1) ؟
ج: الواجب عليكم أن تصلوا في المساجد التي بقربكم، الذي تسمعون نداءه، فإذا لم يتيسر ذلك لبعد المساجد عنكم فإنكم تصلون في المصلى الذي تعينونه، وليس له حكم المسجد؛ إذا نام فيه أحد أو دخله ليس له حكم المساجد، فله أن ينام فيه - والمسجد ينام فيه لا بأس - وللحائض أن تدخله، وللجنب أن يدخله لا حرج؛ لأنه ليس بمسجد، المصلى ليس بمسجد.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (433) .
(11/293)
س: السائلة من الرياض، تذكر في سؤالها وتقول: في مسجد الحي يوجد مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم خاصة بالنساء، وهي موجودة في الجزء الخلفي من المسجد، ومفصولة عنه بجدار بينهما باب مغلق، وهذه المدرسة تدرس فيها الطالبات حتى ولو كن حيضا بحكم انعزالها عن المسجد. والسؤال هو: أنه إذا مات أحد الأقارب قامت النساء بالصلاة على الجنازة؛ مقتديات بالإمام في صلاة الجنازة وصلاة الفرض معها في هذا المكان أي المدرسة، فما حكم هذا الفعل؟ وهل الصلاة تصح (1) ؟
ج: ما دمن يرين الإمام والمأمومين لا بأس، تصح الصلاة؛ لأنها ليست تبع المسجد، فلا حرج أن يحضرها النساء الحيض وغير ذلك ما دامت خارجة عن سور المسجد، وإذا صلى فيها النساء تتبع الإمام على جنازة، أو في الفريضة وهن يرين الإمام أو المأمومين، أو بعض الصف لا حرج، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (406) .
(11/294)
190 - حكم دخول المرأة المصلى وعليها العذر
س: تسأل السائلة وتقول: أختي لها سؤال، فهي طالبة في الثانوية، وقد وضعت المدرسة - مشكورة - فصلا للتلميذات، تعقد فيه ندوات
(11/294)
ومحاضرات بين آونة وأخرى، وتطلب المعلمة من الجميع الدخول للاستماع إلى تلك الندوات، فهل يجوز الدخول في هذا المكان لمن عليها العذر (1) ؟
ج: نعم، ليس هذا مسجدا، هذا مصلى وليس بمسجد، فلا مانع من أن يدخل في هذا المحل الحائض والنفساء، لا حرج في ذلك؛ لأن المصلى لا يسمى مسجدا؛ لأن المصلى محل عبادة مؤقت، والمساجد هي التي تبنى للعبادة، وتوقف للعبادة للصلوات الخمس، هذه هي التي لا تجلس فيها الحائض والنفساء ولا الجنب، أما المصليات التي في الدوائر فليس لها حكم المساجد، وهكذا المصلى الذي في المدرسة، وليس بمسجد كغرفة يصلون فيها، أو ممر أو فسحة يصلون فيه ليس له حكم المسجد.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (280) .
(11/295)
191 - حكم دخول الحائض للمسجد للضرورة
س: تقول هذه السائلة: نزل أثناء وجودنا في المدرسة مطر غزير، فاستدعى الأمر أن ندخل في مسجد المدرسة وأنا حائض، هل علي شيء؟ وهل المسجد في المدرسة يأخذ حكم المصلى؟ وفقكم الله (1)
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (422) .
(11/295)
ج: إذا دخلت المرأة الحائض أو النفساء في المسجد للضرورة فلا بأس؛ كأن تخشى على نفسها إذا كانت خارج المسجد، أو لأسباب أخرى للضرورة فلا حرج، أما مسجد المدرسة إذا كان مصلى ليس له حكم المساجد، لها أن تجلس فيه؛ لأنه ليس له حكم المساجد، فللحائض أو النفساء أن تجلس في المصلى لسماع الخطبة، أو سماع الدرس أو الفائدة.
(11/296)
192 - حكم أخذ غرامة مالية بسبب تأخير إرجاع الكتب المعارة
س: يقول أ. م، في آخر أسئلته من الأردن: في بعض المساجد إعارة الكتب؛ بشرط أن من يتأخر في إرجاع هذه الكتب عن المدة المحددة يدفع عن كل يوم غرامة معينة من المال تنفق على المسجد، أو لمصلحة المسجد، هل يجوز هذا يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: نعم؛ لأن هذا من باب الإجارة، إذا تأخر فقد استمر بالأجر أجرة المثل يعني استمتاعه بالكتاب عن المدة المحددة، ولا أعلم في هذا بأسا لحث الناس على القيام بالشروط والوفاء بها، وعدم التساهل ببقائها عند المستعير، فإذا حجز خمسة أيام أو ستة أيام أو غيرها، وزاد فعليه كذا وكذا عن تأخير الكتاب، لا حرج إن شاء الله في هذا، والمصلحة كبيرة.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (368) .
(11/296)
193 - حكم استعارة الكتب من المسجد
س: هل الاستعارة من المساجد جائزة أو لا (1) ؟
ج: ليس له أن يستعير، أما من المكتبات فلا بأس إذا سمح مدير المكتبة، والقائم عليها بالإعارة فلا بأس، أما ما وضع في المسجد من الكتب، أو من المصاحف فلا يستعار، بل يطالع وهو في المسجد.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (229) .
(11/297)
194 - حكم أخذ الكتاب الموقوف على المسجد
س: هل يجوز أخذ أي كتاب سواء كان قرآنا، أو أي كتاب آخر كتب عليه: وقف، هل يجوز أخذه من المسجد (1) ؟
ج: لا يجوز أخذه من المسجد، بل يترك في المسجد، ينتفع به من كان في المسجد من قراء يطالعون فيه، يستفيدون منه؛ لأن الواضع الذي وضعه في المسجد، أو في مكتبة المسجد قصده نفع الناس، فلا تأخذ المصحف الذي في المسجد ولا الكتاب الذي في المسجد.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (228) .
(11/297)
195 - حكم أخذ المصحف من المسجد واستبداله بآخر
س: يقول السائل: هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد، واستبدالها بغيرها من المصاحف؛ كأن يأخذ الشخص مصحفا من
(11/297)
المسجد ويضع غيره من طبعة أخرى ولون آخر (1) ؟
ج: لا يجوز لأي مسلم أن يأخذ من مصاحف المسجد، أو كتب المسجد شيئا؛ لأن الذي وضعها قصد أن ينتفع بها المسلمون في هذا المسجد، فليس لأحد أن يأخذها من المسجد، ولا من مكتبته، بل تبقى لأهل المسجد ومراجعي المكتبة، وإذا أحب أن يزيد ويضع كتبا أخرى ومصاحف أخرى فجزاه الله خيرا، أما أن يأخذ مصحفا؛ لأنه أنسب له لحسن طبعته أو لكبر حروفه، ويأتي بمصحف آخر أو كتاب آخر فلا. بل يترك ما بالمسجد للمسجد ولأهل المسجد وفي مكتبة المسجد، وإذا كان هناك فضل في المصاحف لا مانع من نقلها لمسجد آخر، إذا كان هناك فضل فيها وعدم حاجة لبعضها تنقل إلى مسجد آخر محتاج، وهكذا إذا كان في المكتبة كتب كثيرة، وهناك مكتبات تابعات لمساجد أخرى تحتاج إليها وتنقل بعضها إلى هناك فلا بأس، إلا أن يكون صاحب الكتاب نص على هذه المكتبة المعينة؛ ليبقى فيها فيبقى فيها.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (281) .
(11/298)
س: يقول السائل: هل يجوز للإنسان أن يأخذ مصحفا من المسجد لنفسه، أو يستبدل مصحفا له (1) ؟
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (431) .
(11/298)
ج: ليس له ذلك، لا يجوز له أن يأخذ من المسجد شيئا لا لنفسه ولا يبدله، بل يجب ترك ما في المسجد للمسجد للمسلمين.
(11/299)
س: هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد، أو استبدالها بغيرها من المصاحف، كأن يأخذ الشخص مصحفا من المسجد ويضع غيره (1) ؟
ج: لا يجوز أخذ شيء من المساجد؛ لا من المصاحف ولا من الكتب، ولا من الفرش ولا من اللمبات ولا غير ذلك، هذه من الأوقاف، يجب تركها وعدم التعرض لها، فليس لأحد أن يأخذ المصاحف من المسجد، ولا من كتب المسجد، بل يقرأ فيها إذا كان في المسجد ثم يدعها في محلها، وليس له أن يأخذ شيئا منها، هذا ظلم لا يجوز، بل تبقى في المسجد لانتفاع المصلين والزوار للمسجد بالكتب والمصاحف.
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (271) .
(11/299)
س: الأخ: م. ص. ع. يسأل ويقول: دخلت أحد المساجد ومعي مصحف، ورأيت في المسجد مصاحف ذات طباعة واضحة وقمت باستبدال مصحفي بواحد من تلك المصاحف الموجودة في
(11/299)
المسجد، هل يحق لي ذلك، أم لا (1) ؟
ج: ليس لأحد أن يأخذ من أوقاف المسجد شيئا لا من المصاحف ولا من غيرها، إلا إذا كانت موضوعة للتوزيع، إذا كان وضعها الواضع للتوزيع فلا بأس بذلك. إذا قال له الإمام أو المؤذن: هذه للتوزيع. فلا بأس، أما إذا كانت وضعت لينتفع بها المصلون والقراء في المسجد فليس لأحد أن يأخذ منها شيئا، ولا أن يضع بدلها ما هو دونها؛ لأنها وقف على القراء في المسجد، ولأن وجود ما هو أصلح ينبغي أن يبقى للقارئ الذي أراده الموقف، فلا يأخذ الطيب ويدع ما هو دونه، بل يبق الطيب لأهل المسجد؛ حتى لا يخلو المسجد من المصاحف ذات الطباعة الجيدة. وهذا هو المطلوب.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (187) .
(11/300)
س: هناك بعض الناس يأتون بمصاحف قديمة، ويضعونها في المساجد ويستبدلونها بمصاحف جديدة من نفس المسجد، فهل هذا جائز (1) ؟
ج: ليس لأحد أن يأخذ من مصاحف المسجد شيئا، المصاحف التي في المسجد يجب أن تبقى بالمساجد، وليس لأحد أن يأخذ منها شيئا أو يبدلها، بل الواجب تركها في المساجد؛ لأن أهلها أرادوا أنها وقف ينتفع بها المسلمون في المسجد.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (229) .
(11/300)
196 - حكم قبول المصحف المأخوذ من المسجد
س: يقول السائل: لقد أعطاني صديق لي مصحفا، وهذا المصحف أخذه من المسجد وقبلته منه، فهل هذا العمل جائز؟ وماذا علي إذا كان غير جائز؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن ترده إلى المسجد؛ لأنه لا يجوز أن يأخذ من المسجد بنفسه ولا بغيره، بل مصاحف المسجد تبقى في المسجد للمصلين والقارئين، وليس لأحد أن يأخذ من المسجد المصاحف التي فيه ويعطيها الناس، أو يستعملها في بيته، لا تستعمل إلا في المسجد فقط، وعليك أنت أن ترد هذا المصحف للمسجد الذي أخذه منه، وتعلم صاحبك ألا يأخذ من المسجد.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (443) .
(11/301)
197 - حكم أخذ المصحف إذا كان مكتوبا عليه هدية
س: لقد ذهبت أنا وإخوان معي إلى العمرة، وعند عودتنا مررنا بالمدينة، وأخذنا مصاحف كتب عليها: هدية إلى حجاج بيت الله الحرام، بموافقة أحد العاملين، وقال: لا بأس إذا لم يكتب عليها: وقف لله تعالى، وعند عودتنا إلى الكويت قيل لنا: ما كان يجب أن تأخذوها،
(11/301)
فأصحابها قد تركوها لكي تقرأ ويكتب لهم الأجر، فما رأي سماحتكم؟ أنردها؟ أم ماذا ترى؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانت المصاحف مكتوبا عليها: هدية، فلا بأس من أخذها، أما إذا كانت مكتوبا عليها: هدية للقراء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في المسجد الحرام، أو في مسجد كذا، فلا تؤخذ، بل تبقى للقراء في المسجد، أما إذا كتب عليها: هدية للحجاج، ولم يذكر المسجد فلا حرج في ذلك، ولا حرج في أخذها، والله أعلم.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (198) .
(11/302)
198 - حكم التبرع بالمصاحف في المساجد
س: يقول هذا السائل من الكويت: هل يجوز وضع المصاحف في المساجد؟ وهل يكون لمن وضعها أجر على كل حرف يقرأ من هذا المصحف؟ ووضع هذا المصحف بنية أن يكون أجر القارئ للمتوفى، فهل هذا مشروع (1) ؟
ج: وضع المصاحف في المساجد مشروع؛ لأنه يعين من جاء بنفسه للقراءة، وصاحبه له أجر، يرجى له أجر كبير؛ لأنه ممن أعان على الخير، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «والله في عون العبد ما
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (406) .
(11/302)
كان العبد في عون أخيه (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (2) » وإذا سبل مصاحف لأموات، أو كتب علم فلهم أجر في ذلك، وإذا نوى هذا الوقف لأبيه أو أمه فله أجر في ذلك، وللموقوف له أجر في ذلك، أما إهداء المصحف فهو طيب من باب التعاون على البر والتقوى، إذا أهديته إليه فأنت مشكور ولا بأس.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه برقم (2442) ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580) .
(11/303)
199 - حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد
س: ما هو رأي سماحتكم في اصطحاب الأطفال إلى المسجد؟ وهل هذا حرام أو مكروه أو جائز؟ علما بأني أسمع على ألسنة كثير من الناس حديثا، يقولون: إنه مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم (1) » (2)
ج: يستحب، بل يشرع الذهاب بالأولاد إلى المساجد إذا بلغ الولد
__________
(1) أخرجه ابن ماجه، في كتاب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد، برقم (750) .
(2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (169) .
(11/303)
سبعا فأعلى، ويضرب عليها إذا بلغ عشرا؛ لأنه بذلك يتأهل للصلاة ويعلم الصلاة، حتى إذا بلغ فإذا هو قد عرف الصلاة واعتادها مع إخوانه المسلمين.
أما الأطفال الذين دون السبع فالأولى ألا يذهب بهم؛ لأنهم قد يضايقون الجماعة، ويشوشون على الجماعة ويلعبون، فالأولى عدم الذهاب بهم إلى المسجد؛ لأنه لا تشرع لهم الصلاة. وأما حديث: «جنبوا مساجدكم صبيانكم (1) » فهو حديث ضعيف، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يؤمر الصبيان بالحضور للصلاة إذا بلغوا سبعا فأكثر حتى يعتادوا الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (2) » فهذا فيه تشريع للمؤمنين أن يحضروا أولادهم معهم حتى يعتادوا الصلاة، وحتى إذا كانوا بلغوا الحلم قد اعتادوا، حتى إذا بلغوا فإذا هم قد اعتادوها وحضورها مع المسلمين، فيكون ذلك أسهل وأقرب إلى محافظتهم عليها.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه، في كتاب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد، برقم (750) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.
(11/304)
س: ما حكم اصطحاب الأطفال للمساجد؟ هل هو سنة كما يقول
(11/304)
البعض، أم أنه غير جائز لما يسببه الأطفال من إزعاج للمصلين، كما يقول البعض الآخر (1) ؟
ج: استصحاب الأطفال فيه تفصيل: إذا كان الطفل قد أكمل السبع السنين فهو مأمور بالصلاة، فيستصحبه أبوه وأخوه؛ حتى يتمرن على الصلاة ويعتادها، أما إن كان أقل من السبع فلا حاجة إلى ذلك، ولا يشرع استصحابه؛ لأنه قد يؤذي المصلين، وقد يشوش عليهم بلعبه وكلامه، فالأولى عدم اصطحابهم لما في ذلك من الإيذاء للمصلين.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (168) .
(11/305)
س: ما رأي سماحكتم في الذين يأتون بأطفالهم إلى المساجد لأداء الصلاة، علما بأن الأطفال لا يقرؤون، ولا يحفظون من القرآن حتى سورة الفاتحة؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: إذا تيسر بقاؤهم في البيت هذا طيب حتى لا يؤذوا أحدا، وإذا لم يتيسر؛ لأن الطفل أو الأب يحب أن يصلي مع الناس، أو يسمع الدرس أو الفائدة أو الخطبة فلا حرج ولو كان معهم صبية صغار؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر في الحديث الصحيح أنه يدخل الصلاة ويريد التطويل، ثم يسمع صياح الصبي ويخفف؛ لئلا يشق على أمه، فدل ذلك
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (229) .
(11/305)
على أنهم يصلون ومعهم الصبيان، ولم ينههم عن إحضار الصبيان الصغار، وكذلك في الحديث الصحيح، لما تأخر في بعض الليالي عن صلاة العشاء قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، رقد النساء والصبيان (1) فدل على أن الصبيان يحضرون، الحاصل أن حضور الصبيان مع أمهاتهم، أو مع آبائهم أمر لا بأس به، وإذا كان ليس من أهل الصلاة وقد جاءت به، وأنها تريد أن تطمئن عليه حتى تصلي مع الناس، وحتى تسمع الخطبة والفائدة فلا بأس بذلك، وإن تيسر من يحفظه في بيتها حتى لا تتأذى، ولا تؤذي به أحدا فهذا أولى وأفضل إذا تيسر ذلك.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، برقم (7239) .
(11/306)
س: الأخ: ف. ع. م، من حوطة بني تميم، يسأل عن الأطفال في المساجد وتشويشهم وبم توجهون الناس؟ ولا سيما أنهم يمتثلون للتوجيه، ثم يستمرون أياما ويعودون إلى حالهم السابق، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الأطفال قسمان: قسم بلغ سبعا فأكثر، فهذا يوجه إلى الصلاة والخشوع فيها، ويفرقون في الصفوف حتى لا يلعبوا إذا كان اجتماعهم قد يسبب اللعب، يفرقون بين الرجال الكبار, ويكون من يتعاهدهم
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (272) .
(11/306)
المؤذن أو غير المؤذن، يتعاهدونهم حتى لا يشوشوا ولا يلعبوا، أما إن كان الأطفال دون السبع فمثل هؤلاء بقاؤهم في البيوت أولى، يبقون في البيوت عند أهليهم، ومن حضر بولده منهم فليحرص عليه حتى لا يشوش على الناس، وإلا فليبقه في البيت حتى لا يشوش على أحد، والإمام والمؤذن وأهل المسجد يتولون هذه الأمور، فينصحون الناس ويوجهونهم إلى الخير؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى.
(11/307)
200 - حكم صلاة الصبي المميز في الصف الأول
س: ما رأيكم في صلاة الصبي المميز في الصف الأول؛ لأن الكثير من الناس - هداهم الله - يطردونهم إلى الصف الأخير، مما يسبب اجتماعهم وعبثهم في المسجد (1) ؟
ج: ينبغي أن يشجع الصبي على الصلاة، وألا ينفر منها، فإن تقدم للصف الأول يبق في الصف الأول، وهكذا إذا تقدم في الصف الثاني، ولا ينبغي تجميعهم في محل واحد؛ لأن هذا أولا ينفرهم من التقدم للصلاة، وثانيا: يسبب لعبهم وإشغالهم المصلين، فلا ينبغي لأهل المسجد أن يفعلوا ذلك، بل ينبغي لأهل المسجد أن يلاحظوا تفريقهم،
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (38) .
(11/307)
وأن يكونوا في المواضع؛ يبعد بعضهم عن بعض حتى لا يعبثوا وحتى لا يؤذوا المصلين، ومن سبق منهم للصف الأول فإنه يقر؛ لأنه سبق إلى شيء ما سبق إليه أحد فهو أحق.
(11/308)
201 - حكم صلاة الأطفال دون السابعة في الصفوف الأمامية
س: ما حكم صلاة الأطفال دون السابعة في الصفوف الأمامية ويزاحمون المصلين؟ وهذا مما يجعل دائما فرجة في الصفوف، وأن يحدثوا بعض الحركات في الصلاة (1) ؟
ج: الأطفال الذين هم دون السبع ليس لهم صلاة، ولا يؤمرون بالصلاة، والمشروع لآبائهم إبقاؤهم في البيوت؛ حتى لا يشوشوا على المصلين، هذا هو المشروع، لكن لو وجد أحدهم بين الصفوف لم يضر الصف، وعلى من حوله أن يرشده للهدوء؛ حتى لا يؤذي أحدا، أما آباؤهم فالمشروع لهم أن يحفظوهم في البيوت، وألا يحضروهم إلى المساجد؛ حتى لا يشوشوا على الناس، ولا يقطعوا الصفوف، ومتى وجد أحد منهم في الصف الأول ودعت الحاجة إلى إبقائه فإنه لا يضر الصف، ويكون بمثابة الكرسي أو العمود أو ما أشبه ذلك، إذا دعت الحاجة إلى وجوده في الصف.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (325) .
(11/308)
س: كثير من الناس حينما يحضر إلى الصلاة في المسجد وهي مقامة يجدون أطفالا يصلون، بعضهم أقل من السابعة، وبعضهم أكثر من السابعة، فيقومون بإزاحتهم إلى طرف الصف، ويصفون في مكانهم، وإذا كانوا في طرف الصف يؤخرونهم إلى الصف الذي يليه؛ مما يؤدي إلى قطع صلاتهم، فهل في عملهم هذا شيء؟ وماذا يجب علينا حين نشاهد مثل ذلك؟ وهل يجوز تأخير الذين أعمارهم أقل من السابعة من صفهم إلى الصف الذي يليه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: أما من كان بلغ السابعة فالمشروع تركه، ولا يجوز تأخيره؛ لأنه سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو أولى بمكانه، وفيه تشجيع له على المحافظة والمسارعة إلى الخير، فلا يؤخر، أما من كان دون السبع فهذا محل نظر، إن يترك فلا بأس؛ لئلا يحصل عليه مضرة إذا أخر، ولئلا يعبث أو يذهب إلى محل آخر يضره، فتركه في مكانه أولى وأحوط؛ حتى لا يحصل عليه ضرر، أو يحصل منه عبث يضر أحدا من الناس بتأخيره بالتشويش عليه، والصغار لهم مراعاة؛ لئلا يقع شر عليهم إذا أخروا في الصلاة، فقد يذهبون إلى جهات تضرهم، وقد يعبثون عبثا
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (301) .
(11/309)
يضرهم ويضر غيرهم، ثم أيضا في تركهم في الصف تمرين لهم على المجيء والحرص على الصلاة؛ حتى إذا كملوا السابعة إذا هم قد تمرنوا.
(11/310)
202 - بيان كيفية توجيه الأطفال إذا لعبوا أثناء الصلاة
س: لو التفت الطفل وهو في الصف، أو تحرك حركة ربما تكون زائدة، ما هو توجيه سماحتكم (1) ؟
ج: يشيرون له بالهدوء؛ حتى يهدأ بالإشارة ما دام في الصلاة بالإشارة، والصغار يوجهون حتى يعتادوا الخير.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (301) .
(11/310)
203 - حكم من يتخذ مكانا واحدا للصلاة في المسجد
س: ما حكم من يتخذ مكانا واحدا للصلاة في المسجد (1) ؟
ج: قد نص جمع من أهل العلم على كراهة اتخاذ مكان معين في المسجد لا يصلي إلا فيه، وجاء في بعض الأحاديث التي لا تخلو من مقال، فالذي ينبغي للمؤمن ألا يتخذ مكانا معينا في المسجد، بل متى جاء يحرص على القرب من الإمام، ولا يتخذ مكانا معينا، هذا هو الذي
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (76) .
(11/310)
ينبغي، فينبغي أن يكون هناك مسابقة ومسارعة إلى الخير، فإذا أمكنه أن يكون خلف الإمام هذا هو الأفضل، وإذا لم يتيسر ذلك غالبا، أما أن يتخذ عمودا سارية يصلي عندها، أو جدارا أو محلا معينا هذا خلاف المشروع، فالمشروع له أن يسابق، وأن ينافس في الخير، وأن يتقدم، فإن أمكنه الصف الأول صار في الصف الأول، وإن أمكنه القرب من الإمام صار قريبا من الإمام، فإن عجز يكون في الصف الثاني وهكذا، أما أن يتخذ سارية يصلي عندها، أو محلا يصلي عنده لا يجاوزه ولو كان هناك ما هو أقرب منه إلى الإمام هذا غلط، خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة.
(11/311)
س: هل الصلاة في المسجد في مكان واحد؛ الفرض والنافلة، يعد ذلك محذورا أو لا (1) ؟
ج: نعم، اعتياد ذلك لا ينبغي، كونه اعتاد مكانا معينا يكره له ذلك، بل السنة أن يسابق إلى الصلاة، ويحرص على الصف الأول والقرب من الإمام، أما أن يتخذ محلا معينا يجلس فيه ولو بكر ووجد ما هو أفضل منه فهذا خلاف المشروع، فالسنة في المؤمن أن يسابق ويسارع إلى الصلاة، وأن يحرص على الصف الأول، وعلى قربه من الإمام،
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (102) .
(11/311)
وألا يتخذ له مكانا معينا يصلي فيه، ويترك ما هو أفضل منه، والله المستعان.
(11/312)
س: الأخ: عبد الله من الرياض، يقول: قرأت حديثا ما معناه: بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نقر كنقر الغراب، وافتراش كافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير، السؤال يا سماحة الشيخ: عند دخول المسجد لأداء الصلاة أجلس دائما في مكان خاص ومعين في جميع الأوقات، فهل الحديث المذكور يشملني ويشمل تصرفي هذا (1) ؟
ج: نعم، الأفضل لك أن تنتهي حيث انتهى الصف، ولا تجعل لك مكانا معينا، إذا جئت والصف الأول تام تصف في الثاني، وإذا كان الصف الأول ما تم تصف في الصف الأول، ولا تبق في طرف الصف هكذا، ولا تنقر صلاتك؛ اطمئن، وعدم العجلة في الصلاة، ولا تفرش يديك مثل السبع، إذا سجدت ارفع ذراعك واعتمد على كفيك فقط، والذراعان مرفوعان، كان السبع يبسط ذراعيه والكلب كذلك، والسنة للمؤمن أن يرفع ذراعيه، بل ويعتمد على كفيه فقط في السجود.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (426) .
(11/312)
204 - حكم أكل الثوم قبل الذهاب إلى المسجد
س: تقول هذه السائلة: ما حكم من يكثر من أكل الثوم لرغبته فيه وحبه له؟ هل يذهب إلى المسجد للصلاة فيه، أو يكفيه الصلاة في المنزل ويتعذر بذلك (1) ؟
ج: من يأكل الثوم أو البصل أو الكراث لا يجوز له الذهاب إلى المسجد؛ لأنه يؤذي الناس بذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، أو قال وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته (2) » وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإخراج من تعاطى هذه الأمور من المسجد، وقال: «فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم (3) » فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى الكراث أو الثوم أو البصل، وأن يصلي مع المسلمين؛ لأنه يؤذيهم بذلك، وإذا كان ليس هناك حاجة لهذا فليترك ذلك حتى لا
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (397) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث، برقم (855) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، برقم (564) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، برقم (564) .
(11/313)
يحرم الصلاة مع المسلمين، أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لجوع أو مرض فلا حرج، أما أن يعتاد ذلك كشهوة فالذي ينبغي له ترك ذلك؛ حتى لا يحرم الصلاة مع المسلمين، وإذا قصد بذلك التخلف عن الجماعة؛ يتحيل بهذا لترك الجماعة فهذا منكر ولا يجوز، نسأل الله العافية.
(11/314)
205 - حكم ذهاب شارب الدخان إلى المسجد
س: هذا سائل من الجبيل، يقول في هذا السؤال: علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى من أكل منا ثوما أو بصلا عن قرب المصلين، أو المصلى في جماعة المسجد، وذلك حسب علمي حتى لا يؤذي الملائكة والمصلين، فما رأي سماحتكم فيمن امتلأت رئتاه برائحة الدخان، حتى ولو أنه لم يشربه قبيل قدومه للصلاة في المسجد، والمعروف أن رائحة الدخان كريهة، وأنا أقول: بأنها تزعجني في صلاتي بجانب صاحب هذه الرائحة، والنهي جاء في الحلال؛ الثوم والبصل، فما الحكم في الدخان؟ هل هو محرم؟ وهل ينطبق الحديث على شاربه (1) ؟
ج: نعم، الدخان محرم، ولا شك فيه أنه محرم؛ لما فيه من المضرة العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك، ولا سيما إذا كان
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (374) .
(11/314)
مجيئه إلى المسجد قرب شرب الدخان، فإن هذا يؤذي الناس وقد يكون أذاه أشد من الثوم والبصل لمن لم يعتده، فالواجب على المؤمن أن يحذره؛ لأنه محرم، وفيه مضار كثيرة، وفيه أيضا إيذاء للناس لمن شربه عند مجيئه للمسجد ولم يتحفظ فإنه يؤذي من حوله، والله المستعان.
(11/315)
206 - حكم الذهاب إلى المسجد بملابس غير نظيفة
س: يقول السائل: هناك جماعة يشتغلون في ورشة لإصلاح السيارات، وإذا حان موعد الصلاة ذهبوا إلى المسجد بملابس الشغل، وتكون ملابسهم متسخة بطبيعة الحال بالزيوت والبويا والمعجون وما أشبه ذلك، فبماذا توجهونهم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة صحيحة، فلا حرج عليهم، ولكن الأفضل أن يعدوا للصلاة لباسا حسنا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (2) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال (3) » ولئلا يتأذى منه
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (253) .
(2) سورة الأعراف الآية 31
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، برقم (91) .
(11/315)
إخوانه، ولئلا يؤذي من يجاوره بهذه الملابس، السنة لهم - والذي أنصحهم به - أن يلبسوا ملابس حسنة للصلاة يعدونها، إذا جاء وقت الصلاة خلعوا هذه الملابس ولبسوا ملابس حسنة، هذا هو الذي ننصحهم به.
(11/316)
س: إنني أشتغل في ورشة، وأسمع الأذان وأنا في الورشة، وكنت في بعض الأيام أصلي في المسجد، ولكن خطب الخطيب في يوم الجمعة، وقال: لا يصح للعامل أن يأتي من عمله ليصلي في المسجد؛ لأنه يؤذي المصلين بالملابس المتسخة، وأصلي أنا وأخي وزميلي في الورشة جماعة، هل صلاتنا صحيحة في العمل القريب من المسجد (1) ؟
ج: هذا الذي قاله الخطيب غلط وجهل، بل يجب على العمال أن يحضروا الصلاة ويعتنوا بالصلاة مع الجماعة، ولا يغتروا بخطبة الجاهلين، بل يجب على العمال أن يصلوا مع الناس، ويحضروا مع الناس وإن كان في ثيابهم زيت أو غيره، لكن يحرصون على النظافة، وألا يكون عندهم روائح كريهة كالدخان والصنان (2) يحرصون على أن يتوضؤوا، وأن يتنظفوا مما يؤذي إخوانهم المصلين، ولا يجوز لهم
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (223) .
(2) رائحة العرق.
(11/316)
التساهل في هذا الأمر، فإذا حضرت الصلاة ترك كل منهم الشغل وبادر إلى الصلاة، وتعاطى الأسباب التي تعينه على حضورها مع الجماعة، وعدم إيذائهم؛ لا بدخانه ولا بغيره من الأذى.
(11/317)
س: أنا أعمل ميكانيكيا، ماذا أعمل إذا حضرتني الصلاة وأنا في العمل؟ هل لي أن أصلي بملابس العمل، وملابس العمل هذه فيها زيت وغاز؟ وبعض الناس يقولون: لا تجوز فيها الصلاة. ولا يتسع لي الوقت بتبديلها، ماذا أعمل وأنا أريد صلاة الجماعة؟ أفيدونا أفادكم الله (1)
ج: الواجب عليك أن تصلي مع إخوانك المسلمين في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » ؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام لما أتاه رجل أعمى يسأله ويقول: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: " فأجب (3) » هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يأمره أن يجيب المؤذن ويحضر الصلاة، وعليك يا أخي أن
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (283) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(11/317)
تغير الملابس التي يتأذى منها إخوانك إذا كان فيها رائحة تؤذيهم، أما إذا كان لا تؤذيهم؛ لا فيها رائحة تؤذيهم فصل فيها والحمد لله؛ لأنها طاهرة، أما إن كان فيها روائح تؤذيهم، أو أوساخ تنتقل إليهم إلى من بجوارك؛ تنتقل إليه الأوساخ فبدلها، أعد ثيابا، إذا أذن المؤذن تلبسها وتذهب إلى الصلاة فيها، وعليك أن تتقي الله في ذلك، هذا أمر عظيم، هذه عمود الإسلام، الصلاة عمود الإسلام، فلا بد من العناية بها، أعظم واجب وأهم واجب بعد الشهادتين هذه الصلاة، يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (1) » ويقول فيها عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2) » هذا وعيد عظيم له، يحشر من تركها مع هؤلاء الكفرة؛ لأنه من ضيعها من أجل الرئاسة والملك صار شبيها بفرعون والعياذ بالله؛ فيحشر معه في النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة صار شبيها بهامان وزير فرعون؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21563) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) ، وابن ماجه في كتاب الفتن باب كف اللسان في الفتنة، برقم (3973) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6540) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب في المحافظة على الصلاة برقم (2721) .
(11/318)
ضيعها بأسباب المال والشهوات صار شبيها بقارون؛ تاجر بني إسرائيل الذي حمله كفره وبغيه على ترك الحق؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ترك الصلاة من أجل التجارة والبيع والشراء صار شبيها بأبي بن خلف؛ تاجر أهل مكة الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد كافرا؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة.
فالواجب على العامل ميكانيكيا أو غيره، الواجب عليه أن يصلي مع المسلمين في الجماعة، وأن يلبس الملابس - التي لا تؤذي الناس - الطيبة السليمة، ويبتعد عن الروائح الكريهة، إذا كان يتعاطى الثوم أو البصل أو التدخين يحذر ذلك؛ حتى لا يكون فيه روائح كريهة وقت الصلاة، وحتى يأتي لها في ملابسه وهي نظيفة لا أوساخ تؤذي الناس، أما إن كان لا يؤذي الناس فلا بأس أن يصلي فيها إن كانت طاهرة، ولكن كونه يلبس ثيابا حسنة وجميلة للصلاة هذا هو الأفضل، يقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (1) ، يعني: عند كل صلاة، فالمشروع للمؤمن عند الصلاة أن يلبس ملابس حسنة، يتوجه للمسجد بملابس حسنة مع إخوانه، لا من يقوم بين يدي الله بما فيه أذى للمصلين، نسأل الله للجميع التوفيق.
__________
(1) سورة الأعراف الآية 31
(11/319)
س: هل من كلمة - سماحة الشيخ - لأولئك الذين يصلون بثياب العمل المتسخة وغيرهم (1) ؟
ج: نعم، نوصي الجميع بتقوى الله، وأن يصلوا كما شرع الله، وأن يحذروا التساهل في ذلك؛ لا من جهة السترة، ولا من جهة البقعة، تكون البقعة نظيفة، وتكون الملابس نظيفة سليمة من النجاسات، والواجب عليهم أن يصلوا في الجماعة، يجب على أهل العمل أن يصلوا في الجماعة في المساجد، ثم يعودوا إلى أعمالهم، نسأل الله للجميع الهداية.
__________
(1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (392) .
(11/320)
س: يسأل هذا المستمع: ح. من الأردن، ويقول: هل تجوز الصلاة في المسجد منفردا بلباس العمل؛ كالجزار مثلا: على ثوبه دم، والمهن الأخرى؟ حدثونا في ضوء هذا السؤال، ونرجو كلمة (1)
ج: الواجب على المؤمن ألا يصلي إلا في ملابس طاهرة، الجزار لا يصلي في ملابس فيها دم؛ لأن الدم نجس، وهكذا غيره، كل صاحب مهنة يجب أن تكون ثيابه طاهرة سليمة عند الصلاة، لا يصير فيها نجاسة؛ لأن من شرط الصلاة أن تكون ثياب المصلي طاهرة وبقعته
__________
(1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (392) .
(11/320)
طاهرة، فليس للجزار ولا غيره أن يصلي في الملابس التي فيها الدماء، أو فيها البول أو غيره من النجاسات، بل يجب أن يصلي في ثياب طاهرة وبدن طاهر.
(11/321)
207 - حكم أداء الصلاة في المسجد منفردا لعذر
س: إذا دخل الإنسان المسجد لأداء صلاة العشاء، ثم لاحظ في ثوبه شيئا من البقع، قال في نفسه: أصلي العشاء قبل أن يجتمع الناس. ثم صلى وخرج، هل هذا عذر مقبول؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا يجوز هذا ما دام في المسجد، ويصلي مع الناس ولو كان في ثوبه بقع، إلا إذا أمكن أن يذهب إلى حمام حول المسجد، وكان بيته قريبا إذا أمكن ويزيل البقعة فلا حرج في ذلك، هذا إذا كانت البقعة غير نجاسة، أما إذا كانت نجاسة فيلزمه أن يذهب ويزيل النجاسة ويبدل الثوب وإذا فاتته الجماعة يلزمه أن يذهب إلى بيته ويزيل النجاسة بالغسل، أو إبدال الثوب بثوب آخر. أما إذا كانت بقعا وسخا وليست نجاسة فيصلي فيه والحمد لله، ولو كان فيه جماعة يلزمه أن يصلي مع الجماعة، وفي إمكانه بعد ذلك أن يبدل الثوب أو يغسل الوسخ.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (325) .
(11/321)
208 - حكم الصلاة بالبنطال
س: سماحة الشيخ: ما حكم لبس البنطلونات بالنسبة للعمال في المساجد (1)
ج: لا بد أن يكون اللباس ساترا ما بين السرة والركبة، والبنطلون إذا كان ما فيه تشبه بالكفرة، إذا كان من لباس المسلمين، وستر ما بين السرة والركبة أجزأ مع ستر المنكبين أو أحدهما بالرداء.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (395) .
(11/322)
س: هل يجوز دخول المسجد بالحذاء وخصوصا الأطفال (1)
ج: نعم، إذا كانت الحذاء نظيفة لا بأس، وعلى صاحب الحذاء، أو ولي الطفل التأكد من ذلك، فإذا كانت الحذاء نظيفة لا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (330) .
(11/322)
س: كيف يكون رأي سماحة الشيخ بعد أن أصبحت المساجد مفروشة، وأصبح الدخول بالأحذية عليها مقززا للنفس؟ ما هو توجيه سماحتكم في هذا (1) ؟
ج: الأولى في مثل هذا أن يخلعها ويضعها عند باب المسجد، أو في
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (330) .
(11/322)
مكان لا خطر فيه؛ حتى لا يغير الفرش على الناس؛ لأن الإنسان قد يتساهل عند دخول المسجد في تفقد ما عليه، وقد يؤذي من حوله، فالذي أراه في مثل هذا أن خلعها أولى؛ حرصا على مصلحة المسلمين، وعلى جمع الكلمة، وعدم الشحناء والفرقة.
(11/323)
209 - حكم رفع الصوت في المساجد
س: علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع الصوت في المساجد ولو بقراءة القرآن، وقد لاحظت أن معظم الإخوة المسلمين في بلدي يرفعون أصواتهم بقراءة القرآن، وخاصة في الأوقات بين الأذان والإقامة لدرجة تجعلني في كثير من الأحيان لا أحسن الوقوف بين يدي الرحمن، فما العمل؟ وأرجو الله إن كان في تصرف هؤلاء الإخوة ما لا يجوز أن ينبهوا على ذلك كثيرا؛ فإن الأمر عم جميع المساجد، حتى إنك إذا أخبرت أحدهم بما في هذا الأمر فإما أن يتعجب مما تقول، وإما أن يستمع إليك ثم لا يتوقف عن فعل ذلك العمل (1)
ج: لا شك أن هذا واقع في بعض المساجد، ولا شك أن الأفضل عدم الجهر بالصوت، وعدم رفع الصوت في الصفوف في المساجد،
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (146) .
(11/323)
وأن من سيقرأ وهو خافض صوته؛ حتى لا يشوش على من حوله من القراء والمصلين هذا هو السنة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم إلى الناس في المسجد وهم يقرؤون قد رفعوا أصواتهم، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (1) » أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن السنة جاءت بمراعاة من حوله من المصلين، وألا يجهر بقراءته؛ فيشوش عليهم، ولكن يقرأ قراءة منخفضة ليس فيها تشويش بينه وبين نفسه، أو يجهر قليلا لا يتعدى الضرر إلى غيره، لكنه رفع قليل. فالحاصل أنه ينبغي له أن يراعي شعور المصلين، فلا يجهر جهرا يشوش على المصلي، أو على قارئ. أما لو قدر أن من حوله يسمعون وينصتون له، وليس فيها أذى لأحد فلا بأس بالجهر الذي ينفع من حوله، ولكن في الأغلب أنه يكون حوله مصل، وحوله قارئ، فالذي ينبغي له أن يخفض صوته، وأن يكون بقدر لا يؤذي أحدا ممن حوله.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326) .
(11/324)
210 - حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت عال
س: ما حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت عال قبل الصلاة،
(11/324)
وبحضور كثير من المصلين كل يقرأ على حدة (1)
ج: السنة عدم الرفع، فلا ينبغي الرفع، يكره الرفع أو يحرم؛ لأنه يؤذي، فالذي في المسجد السنة له أن يخفض صوته؛ حتى لا يتأذى به مصل ولا قارئ؛ لأن الناس كل قد يحب أن يقرأ أو يصلي، فإذا كان من حوله يرفع صوته بالقراءة شوش عليه صلاته، وشوش عليه قراءته، فالسنة أنه يخفض صوته خفضا لا يضره ولا يشوش على من حوله؛ خفضا مناسبا، يقرأ بقراءة مناسبة ليس فيها تشويش على من حوله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم على الناس، وهم في مسجده وهم يصلون في الليل، وبعضهم يرفع صوته على بعض، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (2) » هذا معناه: اخفضوا أصواتكم، لا يؤذ بعضكم بعضا برفع الصوت، وهذا شيء مشاهد وشيء معقول، إذا كان يليك من يرفع صوته شوش عليك قراءتك وصلاتك، فإما أن تنصت له، وإما أن تشوش أنت في صلاتك وفي قراءتك؛ فلهذا الواجب على من يقرأ في الصفوف - أكرر هذا الواجب وأؤكد - ألا يجهر، بل
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (141) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326) .
(11/325)
يخفض صوته ولا يجهر حال قراءته في الصف؛ حتى لا يتأذى به من حوله من المصلين والقارئين، أما إذا كان عنده جماعة محدودة يرضون بذلك ويستمعون فلا بأس، إذا كانوا جماعة قليلة في المسجد ينتظرون ما هناك من يصلي ويقرأ، ويحب أن يسمع صوته فلا بأس، أما إذا كان هناك من يصلي ومن يقرأ فلا يرفع صوته.
(11/326)
س: ما حكم الذين يقرؤون بصوت مرتفع، ويحرمون الناس من قراءة القرآن في المسجد (1) ج: لا ينبغي هذا، في المسجد يقرأ قراءة منخفضة لا يؤذي بها المصلين ولا القراء، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة على الناس في المسجد، وهم يصلون جماعات يتهجدون يرفعون أصواتهم، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل، فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (2) » فالسنة أن كل واحد يخفض صوته في الصف؛ حتى لا يؤذي غيره من المصلين ولا من القراء، وهذا في الجمعة وفي غيرها.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (176) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326) .
(11/326)
س: أرجو التوجيه لبعض الناس الذين يقرؤون القرآن بصوت مرتفع،
(11/326)
والناس من حولهم يصلون بعض السنن من الصلاة (1)
ج: نعم، ننصح القراء في المساجد ألا يرفعوا أصواتهم رفعا قد يشغل المصلين والقراء الذين حولهم، بل يقرؤون قراءة سرية لا تؤذي من حولهم من المصلين أو القراء، هذا هو السنة، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى المسجد، والناس يصلون أوزاعا، ويرفعون أصواتهم، فقال عليه الصلاة والسلام: «فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (2) » أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فينبغي للمؤمن أن يتحرى عدم إيذاء أخيه المصلي أو القارئ، فيقرأ قراءة يخفض فيها الصوت خفضا لا ينبغي معه تشويش على مصل ولا قارئ.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (212) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326) .
(11/327)
س: هل يجوز رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد، وهناك بعض المصلين يصلون في المسجد انتظارا لإقامة الصلاة؟ وجزاكم الله خيرا (1)
ج: لا يرفع الصوت حتى يشوش عليهم، يقرأ بصوت منخفض، ولا يشوش على القراء والمصلين حوله.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (430) .
(11/327)
211 - حكم تلاوة القرآن قبل الأذان عبر مكبر الصوت في المسجد
س: ما حكم تلاوة القرآن مسجلة قبل أوقات الصلاة بربع ساعة مثلا؟ هل تجوز في مكبر الصوت في المسجد (1) ؟
ج: في المسجد لا يفعل، كل يقرأ على حسب حاله في المسجد، ولكن إذا فعلوه في بيوتهم، أو في السفر، أو ما أشبه ذلك فلا بأس. أو اجتمعوا في المسجد بعض الأحيان، وسمعوا القرآن مسجلا لا بأس، أما أن يشغلوا الناس وقت انتظارهم للصلاة، ولا يدعون الناس الذي يقرأ والذي يصلي فيلهونهم؛ بكونه يشغل المكبر بقراءة القرآن فإن تركه أولى. ولا أعلم لهذا أصلا، وفيه أيضا مشغلة للناس، هذا قد يحب أن يقرأ، وهذا يصلي تحية المسجد، أو يصلي الراتبة.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (219) .
(11/328)
س: م. ع. من الهند، بعث يسأل ويقول: هل يجوز سماع القرآن الكريم في أجهزة تسجيل في المسجد أو لا (1) ؟
ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، إذا كان ما فيه تشويش؛ جماعة مجتمعون وحضروا التسجيل يسمعونه لا بأس، أما إذا كان فيه
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (353) .
(11/328)
تشويش على المصلين أو القراء فلا، لكن إذا كانوا جماعة مجتمعين وحضروا التسجيل ليسمعوا القرآن فلا حرج في ذلك.
(11/329)
212 - حكم قراءة القرآن بواسطة المذياع عبر مكبر الصوت بالمسجد قبل الأذان
س: الأخ: م. م. ز، من جمهورية مصر العربية، يقول: بجوار بيتنا مسجد، وأنا بفضل الله تعالى أقوم بفتح هذا المسجد في صلاة الفجر كل شهور السنة، ما عدا شهر رمضان يقوم شخص آخر يتولى فتح المسجد؛ نظرا لأنه هو المعين من قبل وزارة الأوقاف، وعندنا في مصر يقرأ القرآن في المساجد قبل صلاة الفجر وبصوت مرتفع في مكبرات الصوت؛ بحجة أن ذلك يوقظ الناس للصلاة، وأنا أعلم أن ذلك بدعة من البدع، وإذا لم أقم بتشغيل الراديو على القرآن في المكبر يقول الناس: إنك متشدد ومتزمت. وغير ذلك من الكلمات التي يطلقونها على المتمسكين بدينهم، أرجو توجيهي في هذا الموضوع جزاكم الله خيرا (1)
ج: أنت مصيب يا أخي، وأنت وافقت السنة والحمد لله، ولا يضر
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (144) .
(11/329)
قول الناس، فإذا طلع الفجر فأذن والحمد لله، يكفي الأذان، وأما إعلان القراءة من المكبرات قبل الأذان في آخر الليل فهذا لا أصل له، وقد يؤذي الناس، وقد يشق على النوام ويزعجهم، فالحاصل أن هذا غير مشروع، ولم يكن يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ما كانوا يرفعون أصواتهم بالقرآن كالأذان؛ حتى يوقظوا الناس، إنما كان الأذان كافيا في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي عهد أصحابه، إذا طلع الفجر فإن المؤذن أو نائب المؤذن يرفع الأذان في المكبر؛ حتى يوقظ الناس وحتى ينبه الناس، ويدعوهم إلى الصلاة في المسجد، والله المستعان.
(11/330)
213 - حكم قراءة القرآن بصوت عال داخل المسجد من أجل الموعظة
س: رجل له صوت جميل، ويريد أن يقرأ القرآن الكريم للناس في المساجد أو في غيرها؛ من أجل أن يدخل الرقة في قلوبهم، هل هذا يعد من الرياء؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس من الرياء، إذا قصد الخير وأراد أن يسمعهم القرآن لترق قلوبهم ويستفيدوا لا حرج، أما إذا قصد الرياء فلا يجوز.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (291) .
(11/330)
س: إذا كان هناك مسجدان قريبان من بعضهما، والبعض يشوش على البعض الآخر، فما توجيه سماحة الشيخ في هذا الموضوع؟ إذ لا يبعد المسجد عن أخيه إلا بما يقرب من خمسين مترا (1)
ج: الواجب العناية بعدم التشويش، كل واحد يخفض الصوت؛ صوت المكبر حتى لا يشوش أحدهما على الآخر، حتى يسمعوا من الداخل، ولا يكون فيه سماعة من الخارج تشوش، يكون الصوت خفيفا من الخارج؛ حتى لا يشوش هذا على هذا، ولا هذا على هذا، وفي الحقيقة أن هذا قرب غريب، لماذا صار هذا القرب؟ الواجب أن تكون المساجد متباعدة بحسب الحاجة، لا تكون متقاربة، التقارب هذا لا وجه له، فلعل هذا التقارب له أسباب شرعية لا نعلمها.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (302) .
(11/331)
214 - بيان الحكمة في بناء المساجد متباعدة
س: السائل: ف. ش. ك. من حوطة بني تميم، يقول: في حارتنا ثلاثة مساجد قريبة من بعضها البعض، يبعد الواحد منها عن الآخر تقريبا مائة وخمسين مترا، علما بأن الحارة يكفيها مسجد واحد
(11/331)
لجمع المصلين، فما نصيحتكم؟ وما الواجب علينا في ذلك (1)
ج: عليكم مراجعة المحكمة تنظر في الأمر إن شاء الله، ولا ينبغي القرب في المساجد بعضها من بعض، بل ينبغي أن تكون كل حارة لها مسجد يخصها إذا كانت متباعدة، أما إذا كانوا متقاربين فالأفضل كثرتهم في المسجد وتعاونهم، وأن يكونوا كثيرين، لكن إذا كانت الحارات متباعدة كل حارة لها مسجد؛ حتى لا يشق على أهلها، أما إذا كانوا متقاربين ما بين كل مسجد ومسجد مائة متر، أو مائتين أو ما أشبه ذلك ينبغي ترك ذلك، لكن قد تكون هناك أسباب؛ إما شحناء أو أسباب أخرى ينظر فيها الحاكم، ينظر فيها ولي الأمر.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (405) .
(11/332)
215 – حكم قول: استعنا بالله بعد قراءة الإمام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1)
س: عندما يقول الإمام: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2) يقول المأموم: استعنا بالله. فما الحكم في هذا القول (3)
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 5
(2) سورة الفاتحة الآية 5
(3) السؤال التاسع من الشريط رقم (85) .
(11/332)
ج: لا أعلم ما يدل على شرعيته، والأولى من المأموم أن ينصت، ولا يقول هذه الكلمة: استعنا بالله؛ لأنه لا دليل عليها، فالأولى والأفضل له أن يسكت عن ذلك، ولا يقول هذا الكلام، ولو قاله لم يضر صلاته، صلاته صحيحة، لكن ترك ذلك هو الأولى؛ لأنه لا دليل على شرعية ذلك من المأموم، وإنما المشروع له أن ينصت لإمامه، ويتدبر ما يقوله إمامه حتى يستفيد؛ لقول الله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا قرأ فأنصتوا (2) »
__________
(1) سورة الأعراف الآية 204
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404) .
(11/333)
216 - حكم قول اللهم اغفر لي ولوالدي بعد قراءة الإمام {وَلَا الضَّالِّينَ} (1)
س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، نسمع البعض من المصلين في الصلاة الجهرية حين يقول الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} (2) عند ذلك يقول هذا المصلي داعيا: اللهم اغفر لي ولوالدي ولأموات المسلمين. ثم يقول مع الإمام: آمين. فهل هذا من السنة؟ خصوصا بأنه يرفع الصوت ويشوش على المصلين (3)
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7
(2) سورة الفاتحة الآية 7
(3) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (434) .
(11/333)
ج: هذا غير مشروع، المشروع بعد {وَلَا الضَّالِّينَ} (1) أن يقول: آمين. أما قول: اللهم اغفر لي ولوالدي. فليس بمشروع، هذا هو المشروع للمأموم.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7
(11/334)
217 - حكم صلاة المأمومين على النبي عليه الصلاة والسلام عند ذكره في قراءة الإمام
يقول السائل: أسمع في بعض المساجد الكثير من المصلين يرفعون أصواتهم حين يقرأ الإمام: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (1) الآية. ويقولون: صلى الله عليه وسلم. وكذلك في آخر سورة التين يقولون بصوت مرتفع: بلى، ونحن على ذلك من الشاهدين. أفيدونا بهذا مأجورين (2)
ج: السنة الإنصات وعدم رفع الصوت؛ لا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ولا بـ: بلى. السنة للمأمومين الإنصات وعدم الصوت بشيء؛ لأن الله يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) ، ولم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا يرفعون أصواتهم معه صلى الله عليه وسلم، فالمشروع الإنصات والتدبر والتعقل وعدم رفع الصوت بقولهم عند قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (4)
__________
(1) سورة الفتح الآية 29
(2) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (366) .
(3) سورة الأعراف الآية 204
(4) سورة الفتح الآية 29
(11/334)
صلى الله عليه وسلم؛ أما بينه وبين نفسه فالأمر أوسع، بينه وبين نفسه الأمر سهل، لو تركه كان الأفضل، وإن فعل فلا بأس، لكن لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في الفريضة أنه كان يقف يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أو يدعو، إنما كان هذا في التهجد، كان يفعله بالتهجد بالليل. وهكذا قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (1) لا يقول: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين؛ لأن الحديث ضعيف (2) ولكن يقول: سبحانه وبحمده. أو: سبحانه وتعالى. بينه وبين نفسه لا بأس، كذلك الآية الكريمة آخر القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (3) ، هذا ورد فيه حديث صحيح، فإذا قال: بلى. فلا بأس؛ لأنه حديث صحيح (4) في آخر القيامة يقول ذلك، وأما آخر التين وآخر المرسلات فلم يثبت فيها حديث، ولكن ينصت ويستمع ويحضر قلبه ولا يتكلم، فهذا هو الأفضل؛ لأن الصحابة كانوا ينصتون، والله أمر بهذا بقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (5) ، لكن لو سبح بينه وبين نفسه، أو دعا بينه وبين نفسه فالأمر في هذا إن
__________
(1) سورة التين الآية 8
(2) أخرجه الترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة التين، برقم (3347) .
(3) سورة القيامة الآية 40
(4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، برقم (884) .
(5) سورة الأعراف الآية 204
(11/335)
شاء الله لا حرج فيه؛ لفعله له صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل.
(11/336)
218 - حكم قول بلى بعد قراءة الإمام: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (1)
س: الأخ يسأل ويقول: عندما أصلي في المسجد يقرأ الإمام سورة التين، وعندما يصل إلى قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (2) أسمع الناس يرددون من خلفه: بلى، ونحن على ذلك من الشاهدين. فهل هذا مشروع (3)
ج: جاء في حديث ضعيف أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا قرأ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (4) قال: " نحن على ذلك من الشاهدين " وإذا قرأ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (5) من آخر المرسلات قال: " آمنا بالله ". وإذا قرأ آخر القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (6) قال: " سبحانك، بلى ". ولكنه ضعيف، إلا ما ورد في القيامة فهو ثابت، عند قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (7) يقال: بلى، سبحانك بلى. هذا مشروع، أما عند آخر سورة التين والمرسلات فهو ليس بمحفوظ.
__________
(1) سورة التين الآية 8
(2) سورة التين الآية 8
(3) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (253) .
(4) سورة التين الآية 8
(5) سورة المرسلات الآية 50
(6) سورة القيامة الآية 40
(7) سورة القيامة الآية 40
(11/336)
219 - حكم قول: بلى بعد قراءة الإمام
{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (1)
س: بعض المصلين يقولون أثناء الصلاة، وعندما ينتهي الإمام من قراءة آية يبين فيها الله عز وجل قدرته العظيمة مثل قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (2) يقولون: بلى. فما الحكم في هذا (3) ؟
ج: هذا ورد في حديث خاص عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال القارئ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (4) يقول: بلى سبحانك (5) فـ (بلى) هذا مشروع، ولا بأس يقوله الإمام والمأموم والمنفرد.
__________
(1) سورة القيامة الآية 40
(2) سورة القيامة الآية 40
(3) السؤال السابع من الشريط رقم (274) .
(4) سورة القيامة الآية 40
(5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، برقم (884) .
(11/337)
220 - حكم جهر المأموم بقول: ربنا ولك الحمد بعد قول الإمام سمع الله لمن حمده
س: ماذا يجب على المأمومين إذا قال الإمام: الله أكبر، وسمع الله لمن حمده. هل يردون بصوت ظاهر أو بسر، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية (1)
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (414) .
(11/337)
ج: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. يقول المأموم: ربنا ولك الحمد. ولا حاجة إلى الجهر بها، يقول كلاما يسمع به نفسه: ربنا ولك الحمد. لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (1) » هكذا أمر صلى الله عليه وسلم، الإمام يقول: سمع الله لمن حمده. أما المأموم فيقول عند الرفع: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. كله واسع. الحمد لله.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة برقم (734) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411) .
(11/338)
221 - حكم الأناشيد الدينية في المساجد
س: عندنا جماعة دينية لا داعي لذكر اسمها تبيح الأناشيد الدينية في المساجد وبصوت مرتفع، ما هو توجيهكم (1)
ج: الأشعار العربية والأناشيد العربية الإسلامية التي فيها فائدة في مقام العلم والتعليم لا بأس بها، إذا كان في المسجد حلقة علم، أو واعظ يعظ الناس ويذكر الناس، ويقرأ عليهم بعض الأشعار المفيدة والأناشيد الشرعية الطيبة المفيدة لا حرج في ذلك. فقد كان حسان رضي الله عنه ينشد الشعر
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (144) .
(11/338)
في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام يهجو الكفرة في مسجده صلى الله عليه وسلم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اهجهم أو هاجهم وجبريل معك (1) » «فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل (2) » ويقول أيضا: «اللهم أيده بروح القدس (3) » فإنشاد الأشعار في المساجد؛ الأشعار الإسلامية المفيدة النافعة، والأناشيد الطيبة في حلقات العلم أو في المواعظ، كل هذا لا بأس به، أما الأغاني المنكرة، أو الأشعار المنكرة، أو الأناشيد المنكرة فلا تجوز لا في المساجد، ولا في غيرها.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة برقم (3213) ، ومسلم كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، برقم (2486) .
(2) أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب استقبال الحج، برقم (2893) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الشعر في المسجد برقم (453) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، برقم (2485) .
(11/339)
222 - حكم إنشاد الضالة داخل المسجد
س: هل يجوز النداء على الأشياء المفقودة داخل المسجد (1)
ج: لا يجوز ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (193) .
(11/339)
رجلا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك (1) » ينشد يعني: يطلب ضالة. يقول: من يعرف كذا، من يدل على كذا. لا يجوز هذا في المساجد، لم تبن لهذا، ولكن يقف عند المسجد عند باب المسجد في الخارج، وينادي لا بأس، المقصود إذا وقف عند الباب في الخارج ونادى كفى، أما من داخل المسجد فلا يجوز.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568) .
(11/340)
223 - شرح معنى حديث «لا رد الله عليك ضالتك (1) »
س: حين ذهب رجل يبحث عن شيء ضاع منه في المسجد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ردها الله عليك (2) » لماذا؟ أرشدوني أفادكم الله (3)
ج: المساجد لم تبن لنشد الضوال وطلب الحاجات المفقودة، المساجد بنيت لما بنيت له من ذكر الله، وقراءة القرآن، وإقامة الصلاة، وحلقات العلم، والاعتكاف، ولم تبن للبيع والشراء، ولا لأن ينشد فيها الضوال واللقط التي تذهب من الناس؛ ولهذا حذر من هذا النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد
__________
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (568) ، سنن الترمذي البيوع (1321) ، سنن أبي داود الصلاة (473) ، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (767) ، مسند أحمد (2/420) ، سنن الدارمي الصلاة (1401) .
(2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (568) ، سنن الترمذي البيوع (1321) ، سنن أبي داود الصلاة (473) ، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (767) ، مسند أحمد (2/420) ، سنن الدارمي الصلاة (1401) .
(3) السؤال الثامن من الشريط رقم (123) .
(11/340)
فليقل: لا ردها الله عليك (1) » ولما سمع من يقول: من يدل على كذا؛ على جمل له ضاع، قال: «لا وجدته (2) » وهذا من باب التحذير، ومن باب الزجر؛ حتى لا يتساهل الناس بنشدان الضوال في المساجد، ويتخذوها محلا لنشدان الضوال، أو لبيعهم وشرائهم، ولهذا في الحديث الآخر: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك (3) » والمقصود الزجر والتحذير، ليس المقصود العداء للشخص أو كراهة أن يجد راحلته، لا، المقصود بهذا التحذير والزجر؛ لئلا يعود الناس لهذه الأمور في المساجد، ولئلا يعتادوها، فأتى بهذه العبارة: «لا وجدت (4) » «لا ردها الله عليك (5) » للزجر والتحذير؛ حتى يبتعد الناس عن هذا الأمر، والله جل وعلا أباح لرسوله عليه الصلاة والسلام أن يزجر الناس عما يضرهم، وهكذا العلماء بعده خلفاء الرسل يحذرون الناس مما يضرهم ولو بالزجر، ولو بالدعاء في
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (569) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب البيوع، باب النهي عن البيع في المسجد، حديث رقم (1321) ، والدارمي في كتاب الصلاة، باب النهي عن استنشاد الضالة في المسجد، برقم (1401) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (569) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568) .
(11/341)
بعض الأحيان للزجر والتحذير.
(11/342)
224 - حكم السلام على المصلين قبل أداء تحية المسجد
س: ما الحكم فيمن يلقي السلام على الموجودين في المسجد، وذلك قبل تأدية صلاة تحية المسجد (1) ؟
ج: هذا هو السنة، أنه إذا دخل والجماعة في المسجد يسلم عليهم ولو أنهم يصلون، يقول: السلام عليكم. وإن قال: ورحمة الله وبركاته. هذا طيب، فالذي في صلاته يردون بالإشارة، هكذا بيده إشارة له، والذين خارج الصلاة يردون: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ولا بأس بهذا، ولا يكره هذا، بل مشروع، كان الصحابة يسلمون على النبي وهو يصلي عليه الصلاة والسلام، ويرد عليهم بالإشارة عليه الصلاة والسلام، أما قول بعض العامة إنه لا يسلم على الذي يصلي فهذا غلط، خلاف السنة، بل يسلم عليهم، ويردون عليه ولو كانوا يقرؤون، يقول: السلام عليكم. وإذا سمعوا الصوت يقولون: وعليكم السلام. يردون مثل قوله أو أزيد؛ لأن الله سبحانه قال: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (2) ، فإذا قال: السلام عليكم.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (41) .
(2) سورة النساء الآية 86
(11/342)
قالوا: وعليكم السلام. وإن زاد: ورحمة الله. كان أفضل لهم، وإن زادوا: وبركاته. كان أفضل لهم. أما إذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيلزمهم أن يقولوا مثل ذلك حتى يردوا عليه تحيته، ويقفوا عن القراءة ثم يشتغلوا بالقراءة، وإن كانوا في الصلاة ردوا بالإشارة، ولو كانوا يصلون الفرض، ومن حوله يردون بالإشارة.
(11/343)
225 - بيان كيفية السلام على قوم في المسجد
س: ما حكم السلام في المسجد؟ وذلك أن يقول الإنسان للجالسين عند دخوله المسجد: السلام عليكم. ويردون عليه: وعليكم السلام. جزاكم الله خيرا (1)
ج: حكم السلام أنه سنة وقربة لمن دخل على قوم في المسجد، أو في أي مكان يسلم عليهم: السلام عليكم. وإن زاد: ورحمة الله وبركاته. هو أفضل، وهم يردون عليه مثل ما قال أو يزيدونه، قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (2) ، فالرد واجب مثل التحية، والزيادة مستحبة، فإذا قال: السلام عليكم. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام. فإن زادوه: ورحمة الله. فهو أفضل، وإن زادوه:
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (283) .
(2) سورة النساء الآية 86
(11/343)
وبركاته، كان أفضل، وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله. وإن زادوه: وبركاته. كان أفضل، فإن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يعني: رده، هذا ردها، الله قال: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (1) ، وهذه هي النهاية في السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فعليهم أن يردوها، فإذا زادوه بعد ذلك: كيف حالك؟ بارك الله فيك، كيف أولادك؟ كل هذا طيب، هذا من الزيادة الطيبة.
__________
(1) سورة النساء الآية 86
(11/344)
س: إذا دخل الإنسان المسجد هل يسلم (1) ؟
ج: يسلم على من في المسجد، فإذا كان فيه أحد يسلم عليه قبل أن يشرع في الصلاة، يسلم ثم يشرع في تحية المسجد أو في الراتبة، كما في الظهر والفجر، فراتبتها قبلها وبعدها، والفجر راتبتها قبلها، فهو يبدأ بالسلام ثم يشرع في الصلاة أو في الفريضة. ولو كان من في المسجد مشغولين فيسلم عليهم، وإن كانوا يقرؤون، فالذي يقرأ يمسك عن القراءة، ويقول: وعليكم السلام. ثم يعود للقراءة.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (304) .
(11/344)
226 - حكم السلام على من كان يصلي أو يقرأ القرآن داخل المسجد
س: إذا دخلت المسجد والناس كلهم مشغولون بقراءة القرآن فهل
(11/344)
أسلم أو لا (1) ؟
ج: المشروع لمن دخل المسجد والناس يصلون، أو يقرؤون أن يسلم، فالمصلي يرد بالإشارة، والقراء يردون بالسلام، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في أصحابه، فرأى رجلا قد أساء صلاته، فلما سلم جاء الرجل وسلم عليه، ورد عليه النبي صلى الله عليه وسلم السلام وقال له: «ارجع فصل، فإنك لم تصل (2) » وكانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فيرد عليهم بالإشارة عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (329) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (757) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) .
(11/345)
227 - حكم التحدث في أمور الدنيا داخل المسجد
س: ما حكم التحدث في المسجد - أي: السواليف -؟ مثل: أرى صديقا أو قريبا في المسجد قبل الصلاة، أو بعدها وأسلم عليه: كيف الحال؟ وكيف الصحة؟ وتفضل معنا. وغير ذلك من الكلام (1)
ج: التحدث في المساجد إذا كان في أمور الدنيا، والتحدث بين الإخوان والأصحاب في أمور دنياهم إذا كان قليلا لا حرج فيه إن شاء
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (27) .
(11/345)
الله، أما إن كان كثيرا فيكره؛ لأنه يكره اتخاذ المساجد محل أحاديث الدنيا، فإنها بنيت لذكر الله وقراءة القرآن والصلوات الخمس وغير هذا من وجوه الخير؛ كالتنفل والاعتكاف وحلقات العلم، أما اتخاذها للسواليف في أمور الدنيا فيكره ذلك، لكن الشيء القليل الذي تبدو له الحاجة عند السلام على أخيه الذي اجتمع به، وسؤاله عن حاله وأولاده، أو أشياء تتعلق بهذا أو بمثله، لكن بصفة غير طويلة، بل بصفة قليلة فلا بأس بذلك.
(11/346)
س: هل تجوز المحادثة بين الناس قبل الصلاة في المسجد، إذا كانت المحادثة في أمور الدنيا (1)
ج: المساجد بنيت لذكر الله وقراءة القرآن والصلاة والاعتكاف ودراسة العلم، ولم تبن لأحاديث الدنيا، فلا ينبغي لأهل الإيمان أن يتخذوا المساجد لأحاديث الدنيا، لكن إذا كان شيئا قليلا لا حرج، الشيء القليل لا حرج فيه، كأن يسأل عن حاجة دنيوية أو نحو ذلك لا تأخذ وقتا، أو متى يسافر؟ أو هل قدم فلان؟ أو ما قدم فلان؟ كيف أولادك؟ كيف حالك؟ كيف مزرعتك؟ لعلها سليمة. الشيء القليل الذي تدعو له الحاجة، كهذه الأشياء.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (362) .
(11/346)
228 - حكم السوالف والضحك داخل المسجد
س: هناك أشخاص بما فيهم مؤذن المسجد يتحدثون في روضة المسجد في غير أمور الدين، وأحيانا يقهقهون بصوت مسموع يؤذي المصلين، وعند نصحي أخذوا يجاهرون، هل هذا جائز (1) ؟
ج: لا ريب أن المساجد لم تبن للقيل والقال، وأحاديث الدنيا والسوالف الباطلة والقهقهة ونحوها، إنما بنيت لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن وبيان العلم، فالذين يجلسون في المساجد سواء في الروضة، أو في غيرها الواجب عليهم أن يتأدبوا بالآداب الشرعية، وأن يتباعدوا عما خالف الذي بنيت له المساجد، لكن إذا كان التحدث بالقليل من أمور الدنيا فلا كراهة في القليل، أما إذا كثر فيكره، أقل أحواله الكراهة، وهكذا القهقهة، إذا كانت قليلا أو تبسما فلا بأس، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يتحدثون مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد في أمور الجاهلية، وربما ضحكوا وتبسم عليه الصلاة والسلام، فالضحك إذا كان لأمر شرعي أو لأمر يتعجب منه من أمور الجاهلية، أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي توجب الضحك في غير لعب وفي غير امتهان للمساجد، بل لأمر عارض للأحاديث التي تعرض بين الناس للتاريخ ونحوه هذا لا بأس به. أما أن يتخذ المسجد موضعا للقيل
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (30) .
(11/347)
والقال، والسوالف والقهقهة، وإنما أقل أحواله الكراهة، أما الشيء العارض فلا بأس به، قهقهة عارضة لمرور شيء يتعجب منه في تاريخ أو غيره، أو تحدث بينهم فيما يدعو إلى الضحك هذا لا حرج فيه إذا كان قليلا. أما مجاهرتهم بعدما نصحتهم فإن هذا غلط، بل الواجب أن يشكروك ويدعوا لك، ويقولوا: أحسنت. ونحو ذلك، ولا يقابلونك بالإساءة، ولكن الجهل قد يوقع أهله في أشياء من الشر بسبب قلة بصيرتهم.
(11/348)
229 - حكم تحدث النساء في أمور الدنيا داخل المسجد الحرام
س: ألاحظ أن النساء إذا اجتمعن في المساجد وخاصة في البيت الحرام فإنهن يتحدثن في أمور الدنيا، فما توجيهكم (1) ؟
ج: هذا مكروه، التحدث في المساجد يكره للرجال والنساء، يعني: التحدث في أمور الدنيا؛ لأن المساجد لم تبن لهذا، وإنما بنيت لعبادة الله وقراءة القرآن والذكر والصلاة، لكن إذا كان الحديث قليلا فلا بأس، إذا كان الحديث في أمور الدنيا ليس بكثير فيعفى عنه.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (330) .
(11/348)
230 - توجيه حول ضجيج الأطفال في المساجد
س: أستمع دائما إلى نقل الأذان من المسجد الحرام، وبرغم بعد المسافة نسمع دائما عند صلاة المغرب والعشاء صريخ وضجيج أطفال في بيت الله الحرام، هل هذا يجوز في هذا المكان، أو في
(11/348)
أي مسجد من المساجد (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك؛ لأن من طبيعة الطفل أن يحصل منه هذا الشيء، وكان الأطفال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم النبي، يسمع صراخهم، ولم يمنع أمهاتهم من الحضور، بل ذلك جائز، ومن طبيعة الطفل أن له بعض الصراخ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يسمع ذلك ولم يمنع، بل قال: «إني لأقوم في الصلاة، أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه (2) » وهذا يدل على أنه أقرهن على ذلك، وراعاهن في الصلاة أيضا عليه الصلاة والسلام؛ ولأن منع الأطفال معناه وسيلة إلى منع الأمهات من الحضور، وقد يكون حضورهن فيه فائدة للتأسي بالإمام في الصلاة والطمأنينة فيها ومعرفتها كما ينبغي، أو تسمع فائدة من المكبر أو من الإمام أو من أهل العلم.
فالحاصل أن حضورها إلى المسجد مع التستر والتحجب والعناية وعدم الطيب فيه فوائد، فإن كانت لا تأتي إلا بالتبرج وإظهار محاسنها أو الطيب فلا يجوز لها ذلك، بل صلاتها في بيتها أولى، وبكل
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (1) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي، برقم (707) .
(11/349)
حال الصلاة في البيت أولى وأفضل، إلا إذا كان خروجها تستفيد منه فائدة واضحة؛ كالنشاط في قيام رمضان، أو في سماع العلم والفائدة، أو للتأسي بالإمام في صلاته الراكدة والطمأنينة؛ لأنها تجهل كيفية الصلاة كما ينبغي، فتستفيد صفة الصلاة والطمأنينة فيها، تستفيد سماع المواعظ والذكر، هذا قد يجعل خروجها أولى لهذه المصلحة، وإلا فالأصل أن بيتها خير لها، الصلاة في البيت أولى لها، أما خروجها متبرجة بالملابس الحسنة الفاتنة، أو بإبراز بعض محاسنها، أو إظهار الطيب الذي قد يسبب الفتنة لمن تمر عليهم كل هذا لا يجوز، يجب عليها أن تبقى في بيتها، ولا تخرج بهذه الأحوال التي تفتن الناس وتضر الناس، أما الطفل فلا بأس بوجوده معها، لكن بعد التحفظ منه، تجعله في محل محفوظ؛ حتى لا يقذر المسجد، ولا يؤذي المصلين، وإذا دعت الحاجة إلى حمله عند الحاجة فلا بأس، فقد حمل الرسول صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب رضي الله عنهما، حملها وهو يصلي بالناس عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن وجود الأطفال في المسجد وحملهم حتى في الصلاة لا حرج فيه عند الحاجة، ولكن ينبغي أن يراعى في ذلك سلامة الطفل من النجاسات؛ حتى لا يدنس أمه.
(11/350)
231 - حكم النوم في المسجد
س: يقول السائل: ما حكم النوم في المسجد (1)
ج: النوم في المسجد لا حرج فيه، ولا بأس به، هي بيوت الله أقيمت للعبادة، والنوم لا ينافي ذلك، فقد يكون النوم عبادة إذا أريد به التقوي على عبادة الله، وقد نام الصحابة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ونام علي رضي الله عنه في المسجد لما صار بينه وبين زوجته بعض الشيء، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم فأيقظه، فقال له: «قم أبا تراب، قم أبا تراب (2) » لما رأى التراب عليه، وكان ابن عمر رضي الله عنه ينام في المسجد بعض الأحيان، فالحاصل أنه لا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (25) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب نوم الرجال في المسجد، برقم (441) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (2409) .
(11/351)
232 - حكم النوم في المسجد من أجل أداء صلاة الفجر
س: نحن مجموعة من الشباب محافظون على أداء الصلوات الخمس في المسجد، والحمد لله، وبعد صلاة العشاء نذهب إلى منازلنا، ثم نأتي لكي نبيت في المسجد، فمنا من يصلي في الليل ومنا من يقرأ القرآن، ثم نستيقظ قبل الفجر، ونؤذن أذان التنبيه للفجر،
(11/351)
وسبب مبيتنا في المسجد لكي نضمن أداء صلاة الفجر خوفا من أننا إذا نمنا في منازلنا سوف تفوتنا صلاة الفجر، وبعض الناس يسخرون منا ويقولون لنا: لماذا تنامون في المسجد؟ أليس لكم بيوت أو أسرة تنامون عليها؟ ونحن نسأل: هل مبيتنا هذا جائز (1)
ج: إذا كان المبيت في المسجد لهذه العلة؛ وهو خوف النوم عن صلاة الفجر فلا بأس بذلك، لكن إذا تيسر لكم من يوقظكم في بيوتكم، أو وضع الساعة المنبهة عند رأس أحدكم، وكل يبيت في بيته ويتهجد في بيته آخر الليل كان هذا هو الأفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، أما إذا لم يتيسر ذلك ونمتم في المسجد لأجل أن يوقظ بعضكم بعضا؛ حتى تصلوا الفجر مع المسلمين هذا خير عظيم، وقصد صالح، وأنتم لكم عذر في هذا، لكن لكل منكم أن يجتهد في الصلاة في بيته، وبيتوتته في بيته فهذا أفضل، والساعة بحمد الله تنفع في الغالب، إذا وقتها على وقت مناسب قرب موعد الفجر فإنها بحمد الله تنفع.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (226) .
(11/352)
233 - حكم دخول غير المسلمين المساجد
س: هل يجوز لغير المسلمين وهم المشركون والشيوعيون دخول المساجد؟ فهناك من يقول: يجوز لهم دخول المساجد لعل الله
(11/352)
يهديهم. وهناك من يقول: لا يجوز لهم (1) ؟
ج: أما المسجد الحرام فلا يجوز دخوله لجميع الكفرة؛ من اليهود والنصارى وعباد الأوثان والشيوعيين، جميع الكفرة لا يجوز لهم دخول المسجد الحرام؛ لأن الله سبحانه يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (2) الآية. فمنع سبحانه من دخولهم المسجد الحرام، والمشركون يدخل فيهم اليهود والنصارى عند الإطلاق، فلا يجوز دخول أي مشرك المسجد الحرام؛ لا يهودي ولا نصراني ولا شيوعي، بل هذا خاص بالمسلمين، وأما بقية المساجد فلا بأس بدخول المسجد للحاجة والمصلحة، ومن ذلك المدينة، وإن كانت المدينة لها خصوصية، لكن في هذه المسألة فهي مثل غيرها من المساجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط فيها ثمامة بن أثال وهو كافر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأقر وفد ثقيف حين دخلوا المسجد قبل أن يسلموا، وهكذا وفد النصارى دخلوا مسجده عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه يجوز دخول المسجد النبوي للمشرك، وهكذا بقية المساجد إذا كان لحاجة؛ إما
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (9) .
(2) سورة التوبة الآية 28
(11/353)
لسؤال أو لحاجة أخرى أو لسماع درس يستفيد منه، أو ليسلم ليعلن إسلامه أو ما أشبه ذلك، الحاصل أنه يجوز دخوله إذا كان هناك مصلحة، أما إذا كان ما هناك مصلحة فلا حاجة إلى دخول المسجد، أو يخشى من دخوله عبث في المسجد أو فساد في المسجد أو نجاسة فإنه يمنع.
(11/354)
234 - حكم هز المأموم رأسه عند سماع خطأ من الإمام أثناء القراءة
س: إن بعض المأمومين يهز رأسه عندما يسمع خطأ من الإمام، فهل يجوز ذلك أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا أعلم لهذا أصلا، هز الرأس غلط، لا أعلم لهذا أصلا، فهو غلط، ولكن لا يبطل الصلاة، فهو عبث يسير لا يبطل الصلاة، لا ينبغي، بل يكره العبث اليسير إلا لحاجة، فإنه ينبغي لمثل هذا أن يفتح على الإمام بأن يقرأ الآية التي غلط فيها، أو ما بعدها أو ما قبلها حتى ينتبه للقراءة، ولا حاجة إلى هز الرأس، ولا حاجة إلى أشياء أخرى، ولا يأتي بشيء من الأفعال، بل مثل هذا الفتح تنبيه للقراءة؛ حتى ينتبه له الإمام فيما غلط فيه.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (7) .
(11/354)
235 - حكم الدوران على المصلين
لجمع التبرعات لصالح المسجد في يوم الجمعة وغيره
س: لنا صندوق خيري لصالح المسجد، ويوجد رجل متخصص لهذا الصندوق، يدور به على صفوف المصلين قبل الصلاة وخاصة يوم الجمعة، فما حكم هذا العمل؟ علما بأن بعض المصلين يجد شيئا من الحرج (1) ؟
ج: هذا فيه نظر؛ لأن عمله هذا معناه سؤال للمصلين، وقد يحرجهم ويؤذيهم في ذلك، فسوف يطوف عليهم ليسألهم حتى يضعوا شيئا من المال في هذا الصندوق لمصالح المسجد، فإن ترك هذا فهو الأحسن، وإلا فالأمر فيه واسع، إذا قال الإمام: إن المسجد في حاجة إلى مساعدتكم وتعاونكم. فلا بأس؛ لأن هذا مشروع خيري، لكن كونه يطوف بالصندوق عليهم في صفوفهم قد يكون فيه بعض الأذى بعض الإحراج، فالذي أرى أن تركه أولى، ويكفي أن يعلموا بهذا أن الصندوق هذا لمصالح المسجد، فمن شاء وضع فيه ومن شاء تركه، ولا يطف به عليهم ولا يؤذهم بذلك، هذا هو الأحوط والأقرب إلى السلامة.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (262) .
(11/355)
236 - حكم إخبار المصلين في المسجد عن إقامة حفل زواج
س: السائل: س. س. ع، يمني مقيم بالمملكة: يوجد في قريتنا مسجد يصلي فيه الناس، وكذلك يجتمع فيه الناس من القرى المجاورة لأداء صلاة الجمعة، ولكن هناك عادة اعتاد الناس عليها: وهي إذا نوى أحدهم إقامة زواج أخبر الناس بذلك في المسجد بعد صلاة الجمعة، فهل هذا جائز (1) ؟
ج: لا نعلم بأسا في ذلك، هذا ليس من نشدان الضالة، هذه دعوة إلى الوليمة، وقد وقع مثل هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل له بعض الصحابة يدعونه، فقال للحاضرين: توجهوا إلى فلان يدعوكم إلى وليمة، ولم ينكر ذلك على من دعاه، أرسل أبو طلحة أنسا في بعض الأيام يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى وليمة، فقال للحاضرين: «قوموا إلى دعوة أبي طلحة (2) » فالمقصود أن هذا لا بأس به، إذا قال شخص من الحاضرين: تفضلوا للعشاء أو للغداء. لا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (275) .
(2) أصل الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم (3578) ومسلم في كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، برقم (2040) .
(11/356)
237 - حكم دعوة المصلين بعد الصلاة في المسجد لشرب القهوة
س: نحن في القرية نصلي بالمسجد الجامع بالقرية، وبعد أن نختم الصلاة بالتسبيح والتحميد والتكبير، وفي بعض الأوقات يدعو أحد المصلين لشرب القهوة في داره، وهذه الدعوة داخل المسجد، فهل تصح داخل المسجد، أم أنها مكروهة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، لا حرج أن يدعو إلى قهوة أو إلى وليمة غداء أو عشاء، لا بأس بذلك، وليس هذا من جنس البيع والشراء، بل هو معروف وخير وإحسان.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (110) .
(11/357)
238 - حكم بناء المحراب في المسجد
س: هل المحراب بدعة في المسجد أم لا (1) ؟
ج: ليس المحراب بدعة، بل فعله السلف الصالح من آخر القرن الأول إلى يومنا هذا، وفيه فوائد منها: توضيح أن هذا مسجد يوضح القبلة يستفيد منه الناس في معرفة القبلة، وقد يحتاج إليه في زيادة صف إذا دخل فيه
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (11) .
(11/357)
الإمام عند الحاجة، وعند الضيق فليس ببدعة، وفيه فوائد طيبة.
(11/358)
239 - حكم بناء مساجد مدورة البناء
س: يقول الأخ: ع. غ: هناك مساجد مدورة البناء مثل الكرة، تجد الصف الأول خمسة من المصلين، والذي بعده أطول وهكذا حتى تعود الصفوف الأخيرة إلى مثل عدد الصفوف الأولى. ويسأل: هل هذا الطراز من البناء جائز بالنسبة للمساجد؟ أو كيف توجهون الناس لو تكرمتم (1) ؟
ج: لا أعلم لهذا البناء أصلا في المساجد، لا أعلم له أصلا، والمشروع أن تكون المساجد واسعة مستوية؛ حتى تكون الصفوف معتدلة، وحتى يكون ذلك أوسع للمصلين وأنفع لأهل البلد، فينبغي أن تكون المساجد مربعة أو مستوية، هذا هو الأولى والأفضل، أما كون هذا حراما أو غير جائز فهو محل نظر، لكنه خلاف الأولى، وخلاف المعتاد في بناء المساجد، لكن كونه حراما محل نظر، فإن المسجد قد يكون واسعا لا يضره هذا، قد يكون واسعا وتكون الصفوف الأولى قليلة والأخيرة قليلة والوسطى واسعة، فيحصل بها المقصود، لكن كون هذا هو الأفضل أو ليس بالأفضل؛ الذي يظهر لي هو أن الأفضل أن
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (80) .
(11/358)
تكون الصفوف متساوية، ويكون المسجد مربعا؛ حتى تكون صفوفه الأولى والثانية والأخيرة كلها متقاربة، هذا هو الأفضل والأنفع للمسلمين، والله جل وعلا أعلم. أما إذا كان في ذلك شبه ينبغي تجنبه، إذا كان فيه تشبه بالكنائس فالواجب تجنبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم (1) » فلا يجوز أن تبنى المساجد على هيئة كنائس، ولا يجوز للمؤمن أن يتشبه بأعداء الله في كنائسهم، ولا في غيرها.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، برقم (4031) .
(11/359)
س: الذي يعرف - يا سماحة الشيخ - بالنسبة لطراز المساجد أن تبقى مربعة أو مستطيلة، فما حكم الأشكال الدائرية التي عرفت أيضا (1)
ج: المقصود ألا يكون هناك فيها شبه للكنائس والبيع التي لليهود والنصارى، بل تكون على طريقة المسلمين في مساجدهم؛ سواء كانت متساوية من جهة الطول، أو من جهة القصر، المقصود تكون بصفوفها متساوية متقاربة إلا لعلة عارضة؛ مثل: أن تكون الأرض ضيقة في أسفلها أو في مقدمها. أما إذا كان من أجل الطراز المعماري أو الفن الهندسي هذا هو محل البحث، ينبغي أن يراعى في ذلك الفن الذي سار عليه المسلمون في مساجدهم، والحذر من التشبه بأعداء الله في كنائسهم.
__________
(1) السؤال من الشريط رقم (8) .
(11/359)
240 - حكم بناء المسجد على شكل رباعي أو سداسي
س: هل يجوز أن يكون المسجد على شكل رباعي أو سداسي (1)
ج: ما نعلم في هذا شيئا، المهم أن يكون على هيئة المساجد الواضحة بمحرابه، والشكل الذي يناسب الصفوف لا يكون فيها اعوجاج، ولا يكون فيها مضايقة، تكون الصفوف كاملة ومستقيمة، أما أشكال البناء فأمرها واسع، لا نعلم لشكل البناء شيئا خاصا، المهم أن تكون البناية واسعة للمصلين، والصفوف تكون منتظمة مستقيمة على سمت واحد؛ بحيث إذا رآه الناس أو دخله الناس عرفوا أنه مسجد، يعني واضحا، بناية مسجد واضحة يعرف في البلاد، وبطريقة البلاد التي فيها مساجد.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (19) .
(11/360)
241 - حكم الصلاة في المسجد الموجه إلى غير القبلة
س: يسأل المستمع ويقول: يوجد لدينا مسجد، وهو موجه إلى غير القبلة، فهل يجوز أن نصلي فيه أم لا (1)
ج: يجب أن يعدل، إذا كان قويا كبيرا يجب أن يعدل، أما إن
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (431) .
(11/360)
كان الميل يسيرا يعفى عنه، أما إذا كان ميله كبيرا فإنه يجب أن يعدل ولو بتعديل الصفوف؛ حتى يعمر مرة أخرى، أما إذا كان الميل يسيرا يعفى عنه.
(11/361)
242 - حكم منع أحد المصلين توسعة المسجد لضرر يصيب بيته
س: الأخ: ع. م. ص. يسأل ويقول: رجل يصلي معنا وفي الصف الأول وهو جار للمسجد، ولكنه يقف ضد توسعة المسجد، ويدعي بأن ذلك ضرر عليه، وليس هنالك أي ضرر عليه، ولكن لا ندري لماذا؟ والسؤال: كيف نتعامل مع هذا الرجل؟ وكيف نتصرف معه؟ مع أنه يفعل هذا الشيء منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهو رجل قد بلغ الستين، أفتونا يا سماحة الشيخ (1)
ج: السؤال فيه إشكال، ليس بواضح، إن كان المقصود من هذا أنه يعارض في توسعة المسجد والمسجد ضيق، ويراد توسعته وهو يعارض فلا ينظر فيه، ينظر الإمام والجماعة، فإذا تيسر توسيعه من أحد الجوانب وسعوه، ولا يلتفت إلى قوله، أما إن كان المقصود أنه ما يصلى في التوسعة، المسجد واسع ولا يصلى في التوسعة هذا غلط منه، عليه أن يصلي في الصف الأول ولو كان فيه توسعة، التوسعة إنما
__________
(1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (427) .
(11/361)
جاءت لتوسيع المسجد، فإذا كان المراد يعني أنه يتورع عن الصلاة في التوسعة، ويصلي في مسجد قديم هذا غلط، بل إذا صف الناس في التوسعة صف معهم؛ سواء كانت التوسعة في جنوب المسجد أو شماله أو غربه أو شرقه، المقصود التوسعة يصلى فيها، السؤال فيه إشكال ما هو بواضح.
(11/362)
243 - حكم أخذ المال الذي خصص لمصلحة المسجد
س: السائل أ. م، مقيم في الإمارات، يقول في سؤاله: يذكر بأنه إمام لأحد المساجد، ومدرس في الصباح والمساء، يقول: أعمل بلا راتب، وجاء أحد المحسنين وأعطاني مبلغا باسم المسجد، فهل حرام علي أن أستعمل هذا المال لنفسي (1) ؟
ج: إذا كان أعطاك إياه لمصلحة المسجد في تعمير أو فراش أو للفقراء فلا تأخذ منه شيئا، أما لك، أعطاك إياه لك، قال: هذه مساعدة مني لك. فلا بأس، أما إذا أعطاك إياه لمصلحة المسجد من فراش أو تعمير أو سراج أو غيرها من مصالح المسجد فليس لك أن تأخذ منه شيئا، بل يصرف في مصالح المسجد، أما إذا أعطاك إياه قال: تصدق به، اصرفه فيما تراه من وجوه الخير. فاعمل به في وجوه الخير، لا تأخذ
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (395) .
(11/362)
منه شيئا لك أنت، بل تصرفه في وجوه الخير التي أشار إليها؛ لأنك وكيل.
(11/363)
244 - حكم الصلاة في مسجد فيه قبر
س: سؤال من مجموعة من الشباب: ما حكم الصلاة في مسجد به قبر؟ ولماذا أصبح قبر الرسول صلى الله عليه وسلم داخل مسجده؟ نرجو بهذا التوجيه مأجورين (1)
ج: الصلاة في المساجد التي فيها قبور لا تصح، ولا تجوز، ولا يجوز الدفن في المساجد، بل هذا من عمل اليهود والنصارى، والرسول صلى الله عليه وسلم لعنهم على هذا العمل، وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) »
فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا مشابهتهم، وأن تكون قبورهم خارج مساجدهم في مقابر خاصة، أما المسجد فلا يجوز الدفن فيه، ولا يصلى في المسجد الذي فيه قبور؛ لأن وجود القبر في المسجد
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (356) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/363)
وسيلة للشرك، وسيلة أن يدعى من دون الله ويستغاث به، فلا يجوز للمسلمين الدفن في المساجد، بل يجب على المسلمين أن يدفنوا موتاهم خارج المساجد في مقابر خاصة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، كانوا يدفنون في البقيع، ودفن الشهداء في محل قتلهم في أحد. أما قبره صلى الله عليه وسلم فهو في بيته، ليس في المسجد، دفنه الصحابة في بيت عائشة خوفا أن يغلى فيه إذا كان في البقيع بارزا، فدفنوه في بيته خشية أن يحصل فيه غلو، وأن يتخذ قبره مسجدا، فدفنوه في البيت، ثم لما وسع المسجد أدخل في المسجد البيت نفسه في الحجرة، لما وسعه الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين في زمانه على رأس المائة الأولى من الهجرة، وأدخل الحجر وحجر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخلت حجرة عائشة من ضمنها، وكان علماء وقته قد نصحوه بألا يدخله، لكنه رأى أن إدخاله لا يضر؛ لأنه معلوم أنه في بيته، والتوسعة تدعو إلى ذلك، وقد أساء في هذا يعفو الله عنا وعنه وعن كل مسلم. فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم دفن في بيته وليس في المسجد، وإنما البيت أدخل في المسجد، وهو الآن في بيته لا في المسجد، ولا يجوز أن يقتدى بذلك؛ أن نقول: ندفن في المسجد؛ لأن قبر النبي في المسجد، لا، قبر النبي صلى الله عليه وسلم في بيته صلى الله عليه وسلم، ولكن أدخلت الحجرة برمتها في المسجد من
(11/364)
أجل التوسعة، فالواجب على المسلمين أن يحذروا الدفن في المساجد، وأن يمتثلوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » فالمساجد لا يدفن فيها، بل تكون القبور خارج المساجد، المساجد معدة للصلاة والعبادة والقراءة، فلا يكون فيها قبور.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/365)
245 - حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور
س: الأخوة: س. أ. د. ر. من ليبيا، يسألون ويقولون: ما حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور، وإن كنت لا تنوي أن الصلاة لمن في القبر؟ نرجو أن تفيدونا، هل الصلاة مقبولة بسبب هذا الولي الفلاني أو لا (1) ؟
ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز، بل هي باطلة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » متفق على صحته، من حديث عائشة رضي الله عنها، قاله في مرض موته عليه الصلاة والسلام في آخر
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (171) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/365)
حياته. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1) » أخرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، فلا يجوز للمسلم أن يقيم مسجدا على قبر، أو يدفن في المساجد، أو يصلي في المساجد التي فيها القبور. بل يجب التواصي بترك ذلك والتناصح، ويجب على ولاة الأمور في أي بلد إسلامي، يجب على ولاة الأمور أن يمنعوا ذلك، فلا يدفن في المساجد أموات، ولا تبن المساجد على القبور، لا هذا ولا هذا، يجب أن تكون المقابر على حدة، والمساجد على حدة، ولا يقبر فيها، لا من يسمى وليا ولا غيره، والولي هو المؤمن، ولي الله هو المؤمن، فلا يدفن فيها لا مسلم ولا غيره، بل تكون المساجد خالية من القبور، وهذا هو الواجب الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، والعلة في ذلك والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم؛ أن وجود القبور في المساجد من وسائل عبادتها من دون الله، إذا بنيت المساجد على القبور كان هذا من وسائل الغلو في الميت، ودعائه من دون الله، والتبرك بقبره، وطلبه الشفاعة، وطلبه الغوث والمدد؛ فلهذا حرم الله بناء
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/366)
المساجد على القبور، وحرم الله الدفن في المساجد سدا لذريعة الشرك، وحسما لمادة الشرك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بما يوجد في بعض الأمصار وبعض الدول الإسلامية؛ من وجود القبور في المساجد، لا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك، هذا غلط، والغلط لا يقتدى به، والواجب على حكام المسلمين في كل مكان أن يزيلوا هذا الأمر؛ لا في الشام ولا في مصر ولا في العراق ولا في غيره، الواجب على حكام المسلمين أن ينزهوا المساجد من القبور، وأن تكون المساجد خالية من القبور، وإذا كان فيها قبر ينقل إلى المقبرة العامة، وإذا كان المسجد بني عليه والقبر هو السابق يهدم المسجد، وتبقى القبور خالية ليس فيها مساجد.
فالحاصل أنه إذا كان القبر هو الأول يهدم المسجد وتبقى الأرض للقبور، وإن كان المسجد هو الأول ودفن فيه ينبش القبر وينقل إلى المقبرة، ولا يصلى في المساجد التي فيها القبور، هذا بدعة ولا يجوز، والصلاة باطلة، أما إن كانت الصلاة للميت؛ أنه يصلي للميت، ويتقرب إليه بالصلاة، أو بالسجود كان شركا أكبر، كانت المصيبة أعظم، وهكذا لو طلبه المدد؛ كأن يقول: يا سيدي المدد المدد. أو: يا ولي الله المدد المدد. أو: يا سيدي البدوي المدد المدد. أو: يا حسين المدد المدد. أو: يا شيخ عبد القادر المدد المدد. أو: أغثني. أو: انصرني. كل هذا من الشرك
(11/367)
الأكبر. قال الله عز وجل {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) . وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2) . وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (4) . سبحانه وتعالى، فسمى دعاءهم لغير الله شركا. قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (5) . فسمى دعوتهم للأموات واستغاثتهم بالأموات شركا به سبحانه وتعالى، وسماه في الآية الأخرى كفرا، قال: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (6) . الآية من سورة المؤمنون. وقال جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (7) ، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (8) ، وقال عليه الصلاة
__________
(1) سورة الأنعام الآية 88
(2) سورة المؤمنون الآية 117
(3) سورة فاطر الآية 13
(4) سورة فاطر الآية 14
(5) سورة فاطر الآية 14
(6) سورة المؤمنون الآية 117
(7) سورة الجن الآية 18
(8) سورة يونس الآية 106
(11/368)
والسلام: «الدعاء هو العبادة (1) » وقال لابن عباس: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله (2) » فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذا الشرك، والتحذير منه والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر، وأن يرشدوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وأن يعلموهم أنواع الشرك حتى يحذروها، والواجب على الحكام أن يزيلوا آثار الشرك، وأن يزيلوا القبور من المساجد التي فيها القبور إذا كانت القبور حادثة، فإن كانت المساجد بنيت على القبور فالواجب أن تزال المساجد وأن تهدم، وأن تبقى القبور على حالها مقبرة ليس عليها مساجد، وهنا أمر قد يغتر به بعض الناس، وهو وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في المسجد النبوي، فيقولون: هذا قبر النبي في المسجد. وهذا غلط؛ لأن الرسول لم يدفن في المسجد، دفن في بيت عائشة رضي الله عنها، وهكذا صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما دفنا معه في بيت عائشة رضي الله عنها، ولم يدفنوا في المسجد، ولكن الوليد بن عبد الملك لما وسع المسجد في
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم (17888) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1479) والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3372) وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء، برقم (3828) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2758) والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه برقم (2516) .
(11/369)
آخر المائة الأولى أدخل القبر في المسجد من أجل التوسعة، وهذا غلط منه، فلا ينبغي أن يغتر بذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه لم يدفنوا في المسجد، بل دفنوا في بيت عائشة، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة على القبور، وقال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (1) » ولعن المتخذين المساجد على القبور، فالمعول على تشريعه وأمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، أما عمل الناس إذا غلطوا؛ إذا غلط الوليد أو غير الوليد فلا يعول عليه، فينبغي التنبيه في هذا الأمر، وينبغي لأهل العلم أن ينبهوا من حولهم من الناس على هذا الأمر؛ حتى تعم الفائدة، وحتى يتبصر المسلم، وحتى يعلم الحقيقة، فلا يقع في الشرك وهو لا يشعر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(11/370)
س: هل تجوز الصلاة في الجامع الذي فيه قبر (1)
ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تصح، كل جامع فيه قبر أو مسجد فيه قبر ولو كان ليس بجامع، المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، ولا تصح الصلاة فيها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) »
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (152) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/370)
وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1) » رواه مسلم في صحيحه، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين، وأم سلمة أم المؤمنين أيضا ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور، فقال: «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (2) » فجعلهم بهذا العمل من شرار الخلق عند الله، وهو بناؤهم المساجد على القبور وتصويرهم فيها، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ذلك، وألا يبنوا على القبور، وأن لا يتخذوها مساجد، وألا يجعلوا عليها بناء ولا قبة، بل تكون ضاحية مكشوفة، ليس عليها بناء بالكلية، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب.
أما البناء عليها أو اتخاذ القباب عليها أو المساجد فكل هذا منكر، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528) .
(11/371)
والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك، فدل على أن هذا من الكبائر من كبائر الذنوب، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، فساد الصلاة عند القبور وفي المساجد المبنية عليها. وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (3) » وفي حديث جابر عند مسلم في صحيحه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (4) » فنهى عن هذا، ونهى عن التجصيص للقبور، وعن البناء عليها، وعن القعود عليها.
فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما حرم الله، وما نهى عنه
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970) .
(11/372)
رسوله عليه الصلاة والسلام، وليس لهم أن يصلوا في المساجد التي اتخذت على القبور؛ لأن الرسول نهى عن ذلك، ولعن من فعله عليه الصلاة والسلام، والصلاة عندها اتخاذ لها مسجدا، ولو لم يبن المسجد الذي يصلي فيه عند القبور معناه أنه اتخذها مسجدا. ولا ريب أن الصلاة عندها والدعاء عندها، وتحري الدعاء عندها، وتحري القراءة عندها كل هذا من أسباب الشرك، ومن وسائله، فالواجب الحذر من ذلك، وإنما تزار؛ يزورها المسلم ويدعو للميتين ولنفسه معهم، يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، يغفر الله لنا ولكم. ونحو هذا الدعاء يدعو لهم ولنفسه معهم، نسأل الله لنا ولكم العافية، ثم ينصرف لا يجلس عندها للقراءة أو للدعاء عندها، ولا يطوف بها هذا منكر، والطواف عند القبور بقصد التقرب للميت هذا من الشرك الأكبر؛ مثل الدعاء كما لو قال: يا سيدي أغثني، المدد المدد، انصرني، اشفني. هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر. وكثير من الدول الإسلامية يوجد فيها قبور قد اتخذ عليها مساجد، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب على ولاة الأمر أن يزيلوا ذلك، وأن تبقى القبور ضاحية مكشوفة ليس عليها أبنية، كما كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، وفي بقية مقابر المسلمين
(11/373)
في البلاد الإسلامية، وإنما حدث هذا بعد ذلك في القرن الثاني وما بعده؛ بسبب الرافضة والغلاة الذين غلوا وتشبهوا بالرافضة في ذلك؛ حتى وقع ما وقع من اتخاذ المساجد على القبور، واتخاذ القباب، وحتى وقع الشرك في الموتى وسؤالهم والاستغاثة بهم والنذر لهم بسبب هذا الغلو. نسأل الله للجميع العافية والسلامة والهداية.
(11/374)
246 - حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور
س: ما حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور؟ مع العلم أنني أعيش في بلد تكثر فيه هذه الظاهرة، أرجو توجيهي ولا سيما إذا لم يكن حولي وقريبا مني مسجد واحد خال من القبور (1)
ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » . قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » ونهى
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (97) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/374)
عن الصلاة إلى القبور، فدل ذلك على أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فإذا بني المسجد على قبر أو على قبرين أو أكثر فلا يصلى فيه، بل يصلى في المساجد الخالية من ذلك التي ليس فيها قبور، وإذا لم يجد شيئا صلى في بيته، أو مع إخوانه في بيوتهم، أو إن وجدوا مسجدا ليس فيه قبور صلوا فيه، ولا يجوز بقاء القبور في المساجد، بل يجب نبشها وإبعادها عن المساجد؛ إذا كانت بعد بناء المسجد دفن في المسجد فإنه ينبش وينقل رفاته إلى المقابر العامة، وتبقى المساجد سليمة من ذلك، أما إن كان المسجد هو الأخير بني على القبور فهذا المسجد أسس على غير التقوى، أسس على باطل فيجب هدمه، يجب على ولاة الأمور أن يهدموه ويزيلوه؛ لأنه بني على قبر، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم القبور مساجد، الواجب على ولاة الأمور أن يعنوا بهذا الأمر في أي مكان في أي دولة إسلامية، الواجب على ولاة الأمور أن ينزهوا المساجد من القبور، فإن كان القبر هو الأخير نبش ونقل إلى المقبرة العامة، وإن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد هدم المسجد وأزيل طاعة لله ولرسوله، عليه الصلاة والسلام، وعلى المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن يحذروا الصلاة في المساجد التي فيها القبور؛ لأن الصلاة فيها وسيلة للشرك، وسيلة للشرك بأهل القبور ودعائهم من دون الله، كما قد وقع ذلك في بلدان كثيرة، ولا حول ولا قوة
(11/375)
إلا بالله.
(11/376)
س: ما حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور (1)
ج: المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » ولقوله عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان من قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » فحسب ما قال عليه الصلاة والسلام، فقد نهاهم عن اتخاذها مساجد، ويذم الماضين الذين فعلوا هذا الأمر، يقول عليه الصلاة والسلام: " ألا وإن من كان قبلكم "، يعني: من الناس من اليهود والنصارى وغيرهم، " كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ". يعني: يصلون عندها ويصلون حولها، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك "، فنهاهم عنها من وجوه ثلاثة؛ من جهة ذم الماضين على فعلها، ومن جهة قوله: " لا تتخذوا " ومن جهة قوله: " فإني أنهاكم عن ذلك " ثلاث جهات كلها محل نهي، تحذير فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور قبة، ولا مسجدا،
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (318) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/376)
ولا يصلوا عند القبر لا فرضا ولا نفلا، إلا صلاة الجنازة إذا مات وأحضروه عند القبر أو بعد دفنه، وصلى عليه بعض الناس لا بأس، أو صلى عليه من لم يحضر فصلى على القبر لا بأس، قبل موعد شهر أو عند موعد شهر لا بأس، يعني: يصلي عليه خلال موعد شهر، وما حوله، فالحاصل أن الصلاة في المقبرة لا تجوز، والبناء على القبور لا يجوز، لا مسجد ولا غيره، وما وقع في بعض الأمصار وبعض الدول من البناء على القبور كله خطأ، والواجب على حكام المسلمين أن يزيلوا ذلك؛ أن يزيلوا البناء على القبور، وأن يمنعوا الناس من دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، هذا هو الشرك، كونه يأتي ويقول: يا سيدي، اشف مريضي، أو انصرني، أو اقض لي حاجتي، أو أخبرني عما مضى عن كذا وكذا. هذا من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، الأموات لا يعلمون الغيب، ولا يقضون الحاجات، فهم مرتهنون بأعمالهم، فالذي يسألهم قضاء الحاجة وشفاء المريض، والنصر على الأعداء قد أتى منكرا عظيما وشركا أكبر، فالله سبحانه يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) ، ويقول سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2) ،
__________
(1) سورة الجن الآية 18
(2) سورة فاطر الآية 13
(11/377)
القطمير: اللفافة التي على النواة {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1) ، سمى الله عملهم هذا شركا، {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (2) ، سبحانه وتعالى، فأخبرنا سبحانه أن الأموات لا يسمعون دعاءنا وهكذا الأصنام والأشجار والأحجار، ولو سمعوا ما استجابوا على سبيل الفرض، لو سمعوا ما استجابوا، ما عندهم قدرة، ويوم القيامة يكفرون بهذا الأمر، ينكرونه ويتبرؤون منه، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) ، سماهم كفرة ويقول عز وجل: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (4) ، رد الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (5) ، سمى الله عملهم شركا، وقال عز وجل في أول سورة الزمر: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (6) ،
__________
(1) سورة فاطر الآية 14
(2) سورة فاطر الآية 14
(3) سورة المؤمنون الآية 117
(4) سورة يونس الآية 18
(5) سورة يونس الآية 18
(6) سورة الزمر الآية 3
(11/378)
سماهم كذبة كفرة؛ لأن الأموات ما يقربون إلى الله زلفى، الأموات مرتهنون بأعمالهم، يقول سبحانه: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (1) ، لا يملكون شيئا مما عليهم، لا يقربون إلى الله من دعاهم، ولا ينصرونه ولا يشفون مريضه، قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (2) {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} (3) ، فالأموات لا يملكون شيئا لداعيهم، ولا يستطيعون نصر داعيهم، ولا نصر أنفسهم، فكيف يدعون مع الله؟ كيف يستغاث بهم؟ والأصنام من الحجارة أو غيرها من باب أولى، لا تسمع ولا تملك شيئا؛ صم، بكم ما يسمعون، وهكذا الأشجار، وهكذا الأحجار، وهكذا الكواكب والنجوم، وهكذا الشمس والقمر، كلها لا تعبد من دون الله، من عبدها فقد أشرك بالله، وما يقع في بعض الأمصار من دعوة الأموات؛ كدعوة البدوي أو الحسين أو الشيخ عبد القادر، أو أبي حنيفة أو الشافعي رحمة الله عليهما أو غيرهم كل هذا باطل، الحسين رضي الله عنه يبرأ ممن عبده، وهكذا علي بريء ممن عبده، وهكذا بقية الأنبياء والصالحين برآء ممن
__________
(1) سورة الطور الآية 21
(2) سورة الأعراف الآية 191
(3) سورة الأعراف الآية 192
(11/379)
عبدهم، نبينا محمد بريء ممن عبده، وهكذا الأنبياء كلهم برآء ممن عبدهم، وهكذا الصالحون مثل علي رضي الله عنه، ومثل الحسين ومثل الحسن ومثل نفيسة ومثل زينب، كلهم برآء ممن عبدهم من دون الله، لا يرضون بذلك، وعبادتهم شرك بالله عز وجل، وهكذا الشيخ عبد القادر الجيلاني والإمام أبو حنيفة هم برآء ممن عبدهم من دون الله، وعبادتهم شرك بالله فمن دعاهم أو استغاث بهم أو نذر لهم، أو سألهم شفاء المريض فقد أشرك بالله، وهكذا من دعا غيرهم من الأموات في أي بلد في الجزيرة العربية، أو في مصر أو في الشام أو في العراق، أو أفريقيا أو أمريكا أو في كل مكان، لا تجوز عبادة غير الله أبدا، العبادة حق لله وحده، يقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1) ، يعني: أمر وأوصى. ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا} (2) يعني الناس، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3) ، ويقول عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (4) ، ويقول جل وعلا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (5) ،
__________
(1) سورة الإسراء الآية 23
(2) سورة البينة الآية 5
(3) سورة البينة الآية 5
(4) سورة البقرة الآية 21
(5) سورة النحل الآية 36
(11/380)
ويقول سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (1) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (2) » ويقول جل وعلا في كتابه العظيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3) ، فالواجب على جميع المسلمين التواصي بالحق والتحذير من هذا الشرك، والواجب على العلماء أينما كانوا أن يتقوا الله، وأن يعلموا الناس دين الله وتوحيد الله، وأن يحذروهم من عبادة القبور وأهل القبور، أو عبادة الأصنام والأشجار والأحجار أو النجوم أو غير ذلك، هذا واجب العلماء في كل مصر، وفي كل بلد وفي كل دولة، يجب على العلماء أن يعلموا الناس، وأن يرشدوا الناس إلى توحيد الله، فالعبادة حق الله والدعاء لله: يا رب اغفر لي، يا رب انصرني يا رب اشف مريضي، يا الله يا رحمن يا رحيم، أنت سبحانك المالك لكل شيء، أنت القادر على كل شيء.
أما أن يقول: يا سيدي عبد القادر، أو يا سيدي الحسين، أو يا
__________
(1) سورة النساء الآية 36
(2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم (1978) .
(3) سورة الجن الآية 18
(11/381)
سيدي البدوي، اشف مريضي. فهذا هو الشرك الأكبر، أو: يا فلان، أو يا سيدي عبد القادر، أو يا سيدي أبا حنيفة. هذا كله منكر كله شرك أكبر، ومن المصائب العظيمة وقوع شيء مثل هذا البلاء؛ هذه من المصائب العظيمة.
فالواجب على أهل العلم أن ينكروا هذا الشرك، وأن يعلموا الناس، وأن يرشدوهم، والواجب على ولاة الأمور والحكام من المسلمين أن ينبهوا عن هذا الأمر، وأن يزيلوا المساجد التي على القبور والبناء الذي على القبور، وأن يجعلوا القبور مكشوفة ظاهرة مثل القبور في البقيع مكشوفة، كما كانت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد الصحابة مكشوفة: لا بناء عليها ولا مسجد ولا غيره، هذا هو الواجب على المسلمين في كل مكان؛ في الدول الإسلامية وفي غيرها، الواجب أن تكون القبور مكشوفة ليس عليها بناء، ولا يجوز أن تعبد مع الله، ولا أن تدعى مع الله، ولا أن يستغاث بها، ولا يطاف بها، ولا يعكف عندها ولا يصلى عندها، ولكن تزار، يزار قبر المسلم، يسلم عليه، يدعى له لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت (1) » وكان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، برقم (976) .
(11/382)
أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (1) » وفي رواية «ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (2) » وإذا زار القبور التي في المدينة يقول: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر (3) » هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه، يزور ويدعو للميت (الموتى) . ويقول صلى الله عليه وسلم السلام المأثور عنه (الذي ذكرنا) . أما إن كان الزائر لأموات كفار وزارهم فإنه لا يدعو لهم، بل للعبرة مثل ما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، ولم يستغفر لها فقد نهاه الله أن يستغفر لها، لكن زارها للعبرة، فإذا كانت قبور كفار نصارى وغيرهم ومر عليهم ووقف للعبرة والتذكر للآخرة، تذكر الموت تذكر النار والجنة للعبرة لا بأس، يزورهم للعبرة لا يسلم ولا يدعو، أما قبور المسلمين فيسلم عليهم ويدعو لهم وفق الله الجميع وهدى المسلمين جميعا لما يرضيه، ووفقهم في الدين
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (975) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053) .
(11/383)
ووفق علماء المسلمين لكل ما فيه صلاح المسلمين وبراءة الذمة.
(11/384)
س: الأخ: ب. د، من كركوك بالعراق، يسأل ويقول: أسألكم عن الصلاة في المساجد التي فيها قبور، هل يجوز ذلك أو لا؟ وما هو السبب؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إن المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » فلعنهم على الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد، فدل ذلك على أن الصلاة عندها معصية كبيرة، والشيء الذي لعن الرسول فاعله لا يصح، يكون معصية، ما يصح، ولا يقبل، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والأول أخرجه الشيخان في الصحيحين.
فالرسول صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذها مساجد، ونهى
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (231) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/384)
عن اتخاذها مساجد والصلاة عندها، فعلم بذلك أن الصلاة غير صحيحة؛ لأن الرسول لعن من فعلها ونهى عن فعلها، والعلة في ذلك أن هذا وسيلة للشرك، اتخاذ المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك؛ وسيلة لعبادة أهلها من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، فيقع الشرك الأكبر؛ فإنه إذا بنى عليه مسجدا غلا فيه العامة، وقالوا: هذا ما بني عليه مسجد إلا لأنه كيت وكيت، إلا لأنه ينفع المريض، ويقضي الحاجة، يشفع لنا عند ربنا في كذا، فيدعونه من دون الله، وهكذا الصلاة عند القبور ولو من غير بناء، الصلاة عندها أيضا من اتخاذها مساجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (1) »
فمن قصد أن يصلي عند القبر فقد اتخذه مسجدا، فالقبر يسلم عليه ويدعى لصاحبه، لكن لا يتخذ محلا للصلاة، ولا محلا للقراءة، ولكن يزور المؤمن أخاه المؤمن في المقبرة ويسلم عليه ويدعو له، لكن لا يصلي عند قبره، ولا يبني عليه مسجدا ولا قبة، كل هذا منكر، يقول عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما بكنيسة رأتاها في ديار الحبشة، وما فيها من الصور، قال: «أولئك - يعني: النصارى - إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا. . .) الآية، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (523) .
(11/385)
الخلق عند الله (1) » فأخبرنا أنهم شرار الخلق بأسباب بنائهم على القبور، واتخاذها مساجد والصلاة عندها، ثم قد يصورون الصور ويجعلونها فوقها زيادة في الفتنة، يصورون صورة صاحب القبر ويجعلونها على قبره وفي مسجده؛ حتى تكون فتنة أعظم، والصور قد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم من فعلها، في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ «أنه لعن صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور (2) » هكذا روى البخاري في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه لعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور (3) » . وقال عليه الصلاة والسلام: «أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون (4) » وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (5) »
فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا البناء على القبور
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من لعن المصور، برقم (5962) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من لعن المصور، برقم (5962) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب عذاب المصورين يوم القيامة، برقم (5950) ، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير الحيوان. . . برقم (2109) .
(5) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون) ، برقم (7557) ، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان. . . برقم (2107) .
(11/386)
واتخاذها مساجد، أو تجصيصها أو جعل القباب عليها، كل هذا منكر، تجعل ضاحية شامسة في المقبرة لا يبنى عليها شيء، ولا تجصص ولا يتخذ عليها ستور ولا قبة، بل ضاحية كما كانت قبور الصحابة في المدينة هكذا، وفي مكة هكذا، هذا هو الواجب، أما ما أحدثه الناس من البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها هذه بدعة منكرة ومحرم، والواجب هدمها، الواجب على ولاة الأمور إذا كانوا منقادين للشرع أن يهدموها ويزيلوها، والواجب على كل مسلم أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بالعبادة دون كل ما سواه جل وعلا.
(11/387)
247 - حكم الصلاة في مسجد بني محرابه فوق قبر
س: هل تجوز الصلاة في مسجد بني محرابه فوق قبرين قديمين (1) ؟
ج: لا يجوز بناء المسجد على القبور، لا محرابه ولا غيره، يجب أن يفصل القبران عن المسجد ويكونا خارج المسجد، ويكون محل الإمام داخل المسجد، ولا يجوز الصلاة في هذا المحراب، بل يجب أن يهدم هذا المحراب ويزال، ويكون القبران خارجين عن المسجد؛ لأن الرسول لعن اليهود والنصارى، قال: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » قال عليه الصلاة
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (166) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/387)
والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1) » فهو صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ المساجد على القبور، ونهى أن يصلى عندها، فالصلاة عندها اتخاذ لها مساجد، فهذا المسجد مثلا إذا ثبت أن المحراب على القبرين يهدم المحراب، ويكون القبران خارج المسجد، أو ينبش القبران وتنقل رفاتهما إلى المقبرة، فإذا نبشا صار المحراب في محلهما فلا حرج في ذلك. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بنى مسجده في محل قبور وخراب ونخل، فأمر صلى الله عليه وسلم بالقبور من قبور المشركين أن تنبش، الخرب أن تسوى، وبالنخل أن يقطع، ثم بنى مسجده عليه الصلاة والسلام. فإذا دعت الحاجة إلى محل فيه قبور نبشت القبور، ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، أو إلى محل آخر، وبني المسجد عند الحاجة إلى نبش القبور، ولا سيما إذا كانت قبورا غير مسلمة، قبور مشركين تنبش، أما قبور المسلمين فلا تنبش، يلتمس مكان مناسب ليس فيه قبور ويبنى فيه مسجد، لكن لو دعت الحاجة إلى نبش بعض القبور لتوسعة المسجد؛ لأن مكانه مناسب، وليس هناك مكان أنسب منه، وفي حاجة إلى نبش بعض القبور فلا مانع أن تنبش، وتنقل رفاتها إلى المحل المناسب، إلى المقبرة العامة لتوسعة المسجد.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/388)
248 - حكم الصلاة في المساجد التي فيها أضرحة
س: ما حكم الصلاة في مسجد فيه ضريح؟ مع العلم بأن هذا الضريح خلف المصلين وليس أمامهم، وبين المصلين وهذا الضريح حاجز من لوح من الزجاج (1) ؟
ج: المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ سواء كان القبر قدام المصلين أو عن يمينهم أو عن شمالهم أو خلفهم، جميع المساجد التي تبنى على القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » فلا يجوز الصلاة فيها بالكلية، فالصلاة فيها باطلة، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك في أي بلد كان كل مسجد بني على قبر لا يصلي فيه مطلقا، أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبن على قبر، النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته، ليس في المسجد، لكن لما وسع الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين ذاك الوقت، في آخر المائة
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (352) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/389)
الأولى أدخل الحجرة التي فيها القبر، أدخلها في المسجد، فهي ليست من المسجد، ولم يدفن في المسجد عليه الصلاة والسلام، وإنما دفن في بيته، فأدخلت الحجرة في المسجد بسبب التوسعة، ثم جعل عليها ما يميزها عن المسجد، ويخرجها عن المسجد، فلا يضر المصلين في المسجد وجودها في المسجد؛ لأنه في بيته مجاور للمسجد، وليس في المسجد، فالصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا محذور فيها، ولا بأس بها، أما ما يوجد من القبور التي تدفن في المسجد عمدا، أو يقام عليها المسجد فهذه محل النهي ومحل التحذير، وهي التي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابها. نسأل الله العافية.
(11/390)
س: مسجد فيه قبر صاحبه محاط بسلك، هل تجوز الصلاة فيه؟
وما حكم من تعمد ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: جميع المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، والصلاة فيها باطلة، وإذا كان المسجد هو القديم ثم دفن فيه صاحبه ينبش المدفون، ينبش وينقل رفاته إلى المقبرة العامة، ويصلى في المسجد، أما إن كان القبر هو القديم، وبني عليه المسجد فالمسجد يهدم ويزال؛ لأنه أسس على ضلالة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «قاتل الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وفي لفظ آخر:
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (291) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (437) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . . برقم (530) .
(11/390)
«لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » فقالت له أم سلمة وأم حبيبة لما هاجرتا إلى الحبشة: إنهما رأتا كنيسة في الحبشة فيها تصاوير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (3) » فأخبر أنهم شرار الخلق؛ بأسباب بنائهم على القبور واتخاذهم التصاوير عليها. نسأل الله العافية.
فالمقصود أن الواجب عدم البناء على القبور؛ لا قباب ولا مساجد ولا غير ذلك، يجب أن تكون مكشوفة ليس عليها بناء، كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، تكون مكشوفة ولا يزاد عليها غير ترابها، ثم ترفع قدر شبر تقريبا؛ حتى يعرف أنها قبور، ولا يصلى بينها ولا إليها، ولا يبنى عليها قباب ولا حجر ولا مساجد
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528) .
(11/391)
ولا تستر، كل هذا منكر، وكله من وسائل الشرك، كل هذا من وسائل الشرك، الواجب الحذر من ذلك، وكل مسجد فيه قبر لا يصلى فيه، لكن إن كان القبر هو الجديد ينبش ويوضع في المقابر، ويصلى في المسجد، فإن كانت القبور هي القديمة وبني عليها المسجد فالمسجد يهدم ولا يصلى فيه. أما هذا السلك المحيط بالقبر فإنه يقطع إذا كان مقصودا به تعظيم الميت، أو إشارة إلى قبره، أو ما أشبه ذلك؛ يزال، المقصود فلا حاجة ولا سبب لوجود السلك، يجب إزالة السلك الذي يعتقدون فيه.
(11/392)
س: هذا السائل يقول: مسجد فيه قبر وحضرت الفريضة فهل أصلي فيه؟ مع العلم بأنه لا يوجد أي مسجد آخر ليس فيه قبر في المنطقة التي أعمل بها، أين أصلي (1) ؟
ج: لا يجوز لك الصلاة في المسجد الذي فيه قبور، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) »
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (406) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/392)
ونهى عن الصلاة إلى القبور، فدل ذلك على أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فإذا بني المسجد على قبر أو على قبرين أو أكثر فلا يصلى فيه، بل يصلى في المساجد الخالية من ذلك التي ليس فيها قبور، وإذا لم يجد شيئا صلى في بيته، أو مع إخوانه في بيوتهم، أو إن وجدوا مسجدا ليس فيه قبور صلوا فيه، ولا يجوز بقاء القبور في المساجد، بل يجب نبشها وإبعادها عن المساجد؛ إذا كانت بعد بناء المسجد دفن في المسجد فإنه ينبش وتنقل رفاته إلى المقابر العامة، وتبقى المساجد سليمة من ذلك، أما إن كان المسجد هو الأخير بني على القبور فهذا المسجد أسس على غير التقوى، أسس على باطل فيجب هدمه، يجب على ولاة الأمور أن يهدموه ويزيلوه؛ لأنه بني على قبر، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم القبور مساجد، الواجب على ولاة الأمور أن يعنوا بهذا الأمر في أي مكان في أي دولة إسلامية، الواجب على ولاة الأمور أن ينزهوا المساجد من القبور، فإن كان القبر هو الأخير نبش ونقل إلى المقبرة العامة، وإن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد هدم المسجد وأزيل طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعلى المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن يحذروا الصلاة في المساجد التي فيها القبور؛ لأن الصلاة فيها وسيلة للشرك، وسيلة للشرك بأهل القبور ودعائهم من دون
(11/393)
الله، كما قد وقع ذلك في بلدان كثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(11/394)
س: نصلي مع جماعة من القبوريين؛ يعتقدون في الأموات بأن لهم صلاحية الضر والنفع والبركة، والمكان الذي نصلي فيه توجد به قباب مدفون فيها كثير من الناس من هؤلاء الذين يسمونهم بالصالحين والأولياء، ومكان المصلى لا يبعد كثيرا عن المكان الذي نصلي فيه، فهل الصلاة في هذا المكان جائزة؟ وهل هذا المكان من حرم المقابر لوجود هذه القبور داخل القباب بالقرب منه، أو لصيقة بالمكان، والمسجد أيضا في نفس المكان؟ وهل يعتبر من حرم المقابر؟ وهل الصلاة فيه جائزة؟ ولا يوجد مسجد آخر في القرية إلا هذا المسجد، أفيدونا أفادكم الله (1)
ج: هذا المكان لا يصلى فيه والعياذ بالله، هذه مقابر, الصلاة فيها باطلة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » خرجه مسلم في الصحيح.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (324) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/394)
وقال عليه الصلاة والسلام: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » متفق على صحته. فلا يجوز أن تأتي إلى هذا المكان من القبور، ولا بناء المسجد فيها، ولا بينها، بل يجب أن تكون المساجد في محلات بعيدة عن القبور، لا تكون في ظل المقبرة، بل بعيدة عن المقبرة؛ أمامها أو خلفها وعن يمينها وشمالها، وأن تستر عنها المقبرة، ولا يجوز الصلاة في المقبرة، ولا بناء المسجد فيها، كل هذا منكر وباطل - نسأل الله العافية - ومن الشرك، ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر، والنذر لهم من الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم.
فيجب على المسلم أن يحذر هذا، يجب على من يأتي القبور لهذا الأمر أن يتوب إلى الله؛ لأنه من الشرك الأكبر ومن عمل الجاهلية، دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم هذا من عمل المشركين؛ لقول الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) ، وقال أيضا سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (3) ؛ لشركهم وكفرهم. نسأل الله العافية. فالواجب على جميع المسلمين في كل
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) سورة الأنعام الآية 88
(3) سورة الفرقان الآية 23
(11/395)
مكان أن تكون مساجدهم بعيدة عن القبور، وألا يصلوا في القبور، وألا يجلسوا عليها، ولا يبنوا عليها. بل تكون مكشوفة ليس عليها بناء، ولا يصلى حولها، ولا يبنى عندها مسجد، كل هذا منكر أنكره النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه، فيجب هدمه وإزالته، وأن تقام المساجد في محلات بعيدة عن القبور، وليس لها صلة بالقبور، وعلى المسلمين أن يصلوا في محل بعيد عن المقابر، ولو ما بني، في أرض طاهرة يصلون فيها، ولو في خيام حتى يعينهم الله على البناء، وإذا جعلوا فوقها خيمة أو شيئا من الجريد أو من سعف النخل، وهذا هو الواجب، وهو أفضل من مسجد فيه قبور، المسجد الذي فيه قبور هذا باطل منكر لا يجوز.
(11/396)
س: جميع مساجد قريتنا فيها قبور، كما أنها تسمى بأسماء هؤلاء الموتى، ولا يفصل بين المكان الذي تقام فيه الصلاة والقبور سوى جدار واحد فقط، فهل تجوز الصلاة في هذه المساجد؟ علما بأن أئمتها يؤمنون بأن أصحاب القبور هم أولياء صالحون، ويشركونهم في دعائهم (1)
ج: المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها، إذا كان القبر داخل سور المسجد فلا يصلى فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (212) .
(11/396)
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » متفق على صحته؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، والصلاة عندها، إذا بني عليها للصلاة فلا يجوز الصلاة عندها، ولا يجوز أيضا اتخاذها مساجد بالبناء؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3) »
أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمين المسجد أو شماله أو أمامه؛ مفصول بالجدران فلا حرج، أما في داخل المسجد فلا يجوز. وإذا كان القبر هو الذي جعل في المسجد فالواجب نبشه، ينقل الرفات إلى المقابر العامة ويصلى في المسجد، أما إن كان القبر هو القديم والمسجد مبني عليه تعظيما له فالمسجد هو الذي يهدم، ولا يصلى فيه وتبقى القبور على حالها بدون مساجد، ولا يصلى فيها ولا عندها؛ لأن الرسول لعن من فعل هذا عليه الصلاة والسلام، وحذر من ذلك، والحكمة في ذلك أن الصلاة عندها واتخاذها مساجد من وسائل الشرك بأهلها، ودعائهم من دون الله، واتخاذهم آلهة
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/397)
من دون الله، فلهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك سدا لذريعة الشرك، وحسما لوسائله، ولا يجوز أن يصلى خلف الأئمة الذي يدعون أصحاب القبور، ويستغيثون بهم ويعظمونهم، هؤلاء مشركون، إذا كانوا يدعون أصحاب القبور ويستغيثون بهم، وينذرون لهم هؤلاء يكونون مشركين، لا يصلى خلفهم، وإنما يصلون خلف الأئمة المستقيمين على دين الله، المعروفين بالتوحيد والإيمان لا بالشرك، نسأل الله للجميع الهداية.
(11/398)
س: عندنا مسجد في السودان، وهو المسجد الوحيد بالقرية، وبداخله خمسة من القبور، فقد سألت بعض العلماء, فمنهم من قال: لا تجوز الصلاة فيه. ومنهم من أجازها، نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1)
ج: جميع المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، فقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » فنهاهم عن اتخاذ القبور مساجد، واتخاذها مساجد
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (205) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/398)
للصلاة فيها؛ لأنه إذا صلى في الأرض فقد اتخذها مسجدا، يقول عليه الصلاة والسلام: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (1) » فليس للمسلم أن يصلي في مسجد فيه قبور ولو قبرا واحدا، ولا يجوز للمسلمين أن يفعلوا ذلك، بل يجب عليهم أن تكون قبورهم خارج المساجد في مقابر مستقلة، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، ما كان يقبر في المساجد، المقبرة معروفة وحدها في البقيع، وهكذا المسلمون في كل مكان، المقابر وحدها مستقلة؛ لأنه لا يجوز الدفن في المساجد، ولا يجوز بناء المساجد على القبور أيضا؛ لا هذا ولا هذا، لا يبنى مسجد على قبر، ولا يدفن الميت بعد بناء المسجد، لا هذا ولا هذا، الواجب أن تكون القبور خارج المساجد، ولا تكون في المساجد، وكل مسجد فيه قبور لا يصلى فيه، ولا تصح الصلاة فيه؛ لأن هذا فيه مشابهة اليهود والنصارى في أعمالهم القبيحة؛ ولهذا لعن الرسول عليه الصلاة والسلام من فعل هذا، وهذا يدل على بطلان الصلاة، لما ذمهم النبي وعابهم على هذا الفعل دل على بطلانها، نسأل الله السلامة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا. . .) الآية، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (523) .
(11/399)
249 - نصيحة في تحريم دفن الموتى داخل المساجد
س: من المستمع أ. س. غ من عدن رسالة وضمنها قضية يقول: مسجدنا جامع كبير إلا أنه مبني على قبر، والناس يصلون في هذا المسجد، وقد أجريت
(11/399)
توسعة لهذا المسجد لكن القبر لا زال داخل المسجد، كيف تنصحوننا وتنصحون الناس لدينا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب ألا يدفن في المسجد قبور، والواجب أن تكون القبور خارج المساجد في مقابر خاصة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون في البقيع وغير البقيع، أما الصلاة في المساجد التي فيها القبور فهذه لا تجوز ولا تصح، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » والرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن تتخذ مساجد، واتخاذ المساجد للصلاة فيها والاعتكاف فيها، فلا يجوز هذا الأمر لهذا العمل، بل يجب أن ينبش الموتى الذين في المساجد، ويدفنوا في خارج المساجد في المقابر العامة، إذا كان القبر حدث أخيرا بعد بناء المسجد وجب أن ينبش، وينقل الرفات إلى مقبرة عامة، في حفرة مستقلة، يساوى ظاهرها في القبور؛ حتى يسلم المسجد حتى يصلى فيه، ولا يجوز
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (250) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/400)
التساهل في هذا الأمر؛ لأن الرسول لعن من فعل ذلك، وهو من سنة اليهود والنصارى، فلا يجوز التشبه بهم في هذا الأمر، والصلاة باطلة في المسجد الذي فيه قبور، تكون صلاته باطلة سواء كان في عدن، أو غير عدن، وإذا كان المسجد هو الأخير، أو بني على القبور وجب هدمه، وألا يبقى؛ لأنه أسس على الباطل، فالأول منهما يبقى؛ إن كان الأول القبر يبقى القبر ويهدم المسجد، وإذا كان أوله مسجدا وقبره الحالي ينبش القبر ويزال، ولا يجوز للمسلم أن يصلي في المساجد التي فيها قبور، والصلاة فيها غير صحيحة؛ لأن الأحاديث الصحيحة جاءت بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ذكرت له أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما كنيسة رأتاها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور قال: «أولئك إذا مات منهم رجل صالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور (1) » . ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أولئك شرار الخلق عند الله (2) » سماهم شرار الخلق؛ بسبب عملهم السيئ؛ وهو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وتصوير الصور عليها. فالواجب الحذر، والواجب على المسلمين في أي مكان الحذر من هذا العمل السيئ، يجب على المسؤولين في مصر والشام واليمن وغيرها، يجب عليهم أن يزيلوا القبور إذا كانت وجدت المساجد هي الأخيرة، أما إن كانت المساجد
__________
(1) صحيح البخاري الصلاة (434) ، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (528) ، سنن النسائي المساجد (704) ، مسند أحمد (6/51) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528) .
(11/401)
بنيت عليها هي الأصل وهي الأساس، ولكن بنيت عليها المساجد يجب أن يهدم المسجد، ولا يبقى مسجد على القبور؛ لأن هذا من سنة اليهود والنصارى، فلا يجوز التشبه بهم، وهو من وسائل الشرك؛ فإن البناء على القبر واتخاذ المسجد على القبر، ووضع الصور في المساجد من أسباب الشرك، من أسباب الغلو فيه، والدعاء من دون الله، والاستغاثة به، والنذر له والذبح له، هذا من الشرك الأكبر؛ أن ينذر الإنسان له ويسأله قضاء الحاجة، أو شفاء المريض، أو النصر على الأعداء، أو ينذر له أو يقول: الغوث الغوث، أو النصر النصر. أو ما أشبه ذلك، كل هذا شرك أكبر، وعبادة لغير الله سبحانه وتعالى، فالواجب على أهل الإسلام التواصي بإزالة هذا المنكر، والواجب على أمراء المسلمين إنكار هذا المنكر، والواجب على العلماء أن يوجهوا الناس، وأن يعلموا الأمراء والناس؛ حتى يزيلوا هذه المنكرات من هذه المساجد؛ وحتى يبعدوا الناس عن الشرك بالله عز وجل. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
(11/402)
250 - حكم الصلاة في المسجد إذا كان حوله قبور
س: عندنا مسجد في القرية، وحوله من ناحية الشمال خمسة قبور، وكلما مات أحد من مشايخهم دفن داخل السور، وعندما أكون موجودا في القرية لا أذهب للصلاة معهم حتى صلاة الجمعة؛
(11/402)
نسبة للاعتقاد الذي يعتقدونه في المشايخ. فهل ما أقوم به من ناحية الصلاة، وأيضا صلاة الجمعة صحيح أو غير ذلك؟ أرجو من سماحتكم التوجيه جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانت القبور في المسجد فلا يجوز الصلاة فيه؛ لا الجمعة ولا غيرها، وأنت محسن لعدم الصلاة معهم، أما إذا كانت القبور خارج المسجد؛ تحت سور المسجد وليس في المسجد، أو خارج المسجد فإنه واجب عليك أن تصلي معهم الجمعة وغيرها. المقصود أنه لا يجوز البناء على القبور، ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا يجوز دفن أحد في المسجد، فإذا كان المسجد فيه قبور فلا يجوز الصلاة فيه؛ لا الجمعة ولا غيرها، وليس لك أن تصلي معهم أيضا، أما إذا كانت القبور خارجة: شرق المسجد أو جنوبه أو غير ذلك؛ يعني: ليست داخل المسجد فإنك تصلي معهم، ويلزمك ذلك الجمعة وغيرها، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (295) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/403)
وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1) » وقد نهى عن اتخاذ القبور مساجد، لا يصلى عند قبور، ولا يدفن في المسجد أحد.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/404)
س: مسجد تصلى فيه الصلوات والجمع والأعياد، وحوله عدد من القبور، ما هو توجيهكم حول هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: كونها حوله لا يضر؛ سواء كانت أمامه أو يمينه أو عن شماله لا يضر، أما المنهي عنه أن تكون في داخله، أما إذا كانت خارجه فلا يضره ذلك ولا يضر المسلمين، إذا كان بينهم وبين القبور حاجز من جدار يحجزهم، أو طريق أو واد أو نحو ذلك مما يدل على بعدها، وأنها غير مقصودة، القبور غير مقصودة بالمسجد الموجود، المقصود أن وجودها قرب المسجد لا يضر المسجد، ولا يضر المصلين.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (291) .
(11/404)
251 - حكم الصلاة في مسجد بني على قبر
س: هل تجوز الصلاة في مسجد بني على قبر أحد الصالحين؛ حيث إن الناس يأتون بالذبائح، ويذبحونها عند هذا القبر الذي هو بجانب
(11/404)
المسجد مباشرة؟
ج: لا يصلى فيه؛ مسجد بني على القبور، إذا كان مسجد في وسطه قبر، بني على قبر لا يصلى فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد لعن اليهود والنصارى لاتخاذهم القبور مساجد. وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد - يعني: مصلى - ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا وحذر منه، فإذا كان في المسجد قبر أو أكثر فإنه لا يصلى فيه، فإذا كان يذبح عنده هذا الشرك الأكبر، أعوذ بالله. الحاصل أنه لا يصلى في المساجد التي فيها قبور سواء ذبح لأهلها، أو ما ذبح لأهلها، ولكن إن كان يذبح لهم للتعوذ من شرهم فهذا الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. فالواجب حينئذ هدم المسجد، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يهدموا المسجد وجميع القبور، وأن تكون مكشوفة ليس عليها بناء ولا يصلى عندها، ولو ما كان عندها بنيان لا يصلى عندها، ولا تتخذ مصلى حتى ولو
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/405)
كانت بغير بناء.
(11/406)
س: يقول هذا السائل؛ مصري مقيم في المملكة: ما حكم الصلاة في المسجد الذي ليس فيه قبر، لكنه بني على قبر؟ هل تصح الصلاة، أم أن ذلك باطل؟
ج: كل المساجد التي تبنى على القبور لا يصلى فيها، الصلاة فيها باطلة، إذا كان القبر موجودا في المسجد سواء المسجد كان هو الأول، أو القبر هو الأول، لكن إذا كان المسجد هو الأول ينبش القبر وينقل إلى القبور، أما إذا كان المسجد هو الأخير؛ بني على القبر يهدم المسجد ولا يبنى على القبور. يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » ونهى صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، أو أن يقعد عليها، وأن يبنى عليها.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/406)
س: السائل: م. يقول: يوجد في قريتنا مسجد، وهذا المسجد بداخله قبر، فهل نقوم بإلغاء المسجد، أو بإلغاء القبر من المسجد؟ وهل
(11/406)
الصلاة في مسجد يوجد فيه قبر صحيحة (1)
ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز ولا تصلح، ولا يجوز البناء على القبور، وبناء المساجد على القبور لا يجوز، ولا يجوز اتخاذ القباب عليها ولا الستور، كل هذا لا يجوز، بل هو من أسباب الشرك، فالمسجد الذي فيه قبر لا يصلى فيه، والصلاة فيه غير صحيحة، لكن إذا كان المسجد قديما وقبر فيه قبور تنبش، تنقل إلى مقبرة، ويصلى في المسجد لا بأس، إذا كانت القبور هي القديمة، ثم بني عليها يهدم ولا يجوز بقاؤه، بل يهدم، وبكل حال فالمسلم لا يصلي في المساجد التي فيها قبور، بل صلاته غير صحيحة؛ لأن بناء المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (3) » وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (4) » فالمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (360) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/407)
المساجد على القبور، وعن الصلاة عند القبور، وعن الجلوس عليها، فلا يجوز للمسلم أن يطأ عليها، ولا يجلس عليها، ولا يصلي إليها، ولا يبني عليها بناء ولا مسجدا ولا قبة، ولا تجصص؛ نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن تجصيصها، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها عليه الصلاة والسلام، كل هذا من عمل أهل الشرك.
(11/408)
س: السائل: هـ، م من الهند يسأل ويقول: مسجد في أحد أركانه الخلفية أربعة قبور، هل تجوز الصلاة فيه؟ وهل يفوت الإنسان الجمعة والجماعة ولا يصلي في هذا المسجد؟ أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: كل مسجد فيه قبور سواء في أمام، أو يمين أو شمال أو خلف لا يصلى فيه، ولا تصح الصلاة فيه؛ لأن وجود القبور فيه من وسائل الشرك، وتعمه الأحاديث الصحيحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (3) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (268) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(11/408)
عن ذلك (1) » فالمسجد الذي يتخذ على القبر قد يكون القبر في المقدمة، وقد يكون في اليمين، أو في الشمال أو في الخلف، فالواجب نبش هذه القبور، ونقلها إلى المقابر العامة إذا كانت القبور متأخرة، أما إذا كان المسجد بني عليها لتعظيمها والتبرك بها فهو يهدم، فالمسجد يهدم وتبقى القبور على حالها، والمسجد يهدم ويزال ويكون محله المقبرة، أما إذا كانت القبور جديدة والمسجد قديما فالقبور يجب نبشها وإزالتها وإبعادها إلى المقابر العامة، ويصلى فيه.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/409)
س: الأخ: م. ح. ع، من الدمام، يقول: أنا من جمهورية مصر العربية، ويوجد بالبلدة التي أعيش فيها مسجد به قبر في غرفة بطرف المسجد، يفصل بينهما باب، أصلي بهذا المسجد أحيانا، أنكر علي بعض الأشخاص، وقال: لا تصل في هذا المسجد؛ لأن فيه قبرا. أستشيركم في هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان القبر خارج أسوار المسجد فلا يضرك الصلاة في المسجد، ولكن ينبغي مع هذا إبعاده عن المسجد إلى المقبرة؛ حتى لا يحصل تشويش على الناس. أما إذا كان في داخل المسجد فإنك لا
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (171) .
(11/409)
تصل في المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » متفق على صحته. ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » أخرجه مسلم في صحيحه. والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، فليس لنا أن نتخذها مساجد، سواء كانت القبور للأنبياء أو للصالحين، أو لغيرهم ممن لا يعرف، فالواجب أن تكون القبور على حدة في محلات خاصة، وأن تكون المساجد سليمة من ذلك، لا يكون فيها قبور، ثم الحكم فيه تفصيل: فإن كان القبر هو الأول أو القبور، ثم بني المسجد فإن المسجد يهدم، ولا يجوز بقاؤه على القبور؛ لأنه بني على غير شريعة الله، فوجب هدمه، أما إن كانت القبور متأخرة والمسجد هو السابق فإن الواجب نبشها ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، كل رفات قبر توضع في حفرة خاصة، ويساوى ظاهرها كسائر القبور حتى لا تمتهن، وتكون من تبع المقبرة التي دفن فيها الرفات؛ حتى يسلم المسلمون من الفتنة بالقبور، والرسول صلى الله عليه وسلم حين نهى عن اتخاذ القبور مساجد
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/410)
مقصوده عليه الصلاة والسلام سد الذريعة التي توصل إلى الشرك؛ لأن القبور إذا وضعت في المساجد يغلو فيها العامة، ويظنون أنها وضعت لأنها تنفع، ولأنها تقبل النذور، ولأنها تدعى ويستغاث بأهلها؛ فيقع الشرك. والواجب الحذر من ذلك، وأن تكون القبور بعيدة عن المساجد بأن تكون في محلات خاصة، وتكون المساجد سليمة من ذلك.
(11/411)
252 - حكم الصلاة في مسجد بجانبه قبر
س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، يوجد ولي بجانب المسجد، ولا يزال بعض الناس يزورون هذا الولي، هل تجوز الصلاة في هذا المسجد (1) ؟
ج: إذا كان خارج المسجد لا يضر، يسلم عليه ويدعى له إذا كان من المسلمين، لكن إبعاده إلى المقبرة أولى وأبعد عن الشبهة، ينقل إلى المقبرة حتى لا تقع الفتنة، أما إذا كان في داخل المسجد فلا يصلى في المسجد، ويجب أن يهدم المسجد؛ لأن المسجد بني عليه، أما إن كان هو الذي الجديد والمسجد قديم ينبش وينقل إلى المقبرة.
__________
(1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (433) .
(11/411)
253 - حكم الصلاة في المسجد الذي أقيم على أنقاض مقبرة
س: في قريتنا يوجد مكان لمقبرة قديمة، وقد أزيلت هذه المقبرة منذ
(11/411)
خمسة وعشرين أو ثلاثين عاما، وبني على أرضها مسجد كبير، ما صحة صلاتنا في هذا المسجد (1) ؟
ج: إذا كان قد أزيلت بوجه شرعي وفتوى شرعية، أو أزيلت القبور نبشت وحولت إلى مكان آخر فلا بأس إذا كان عن وجه شرعي، فقد كان موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيه قبور، فلما أراد أن يبني المسجد أمر بالقبور، فنبشت من قبور المشركين وأزيلت، وكان فيها حفر وخرائب فسويت، وكان في محله نخيل فقطعت، ثم بنى مسجده عليه الصلاة والسلام، فإذا كانت المقبرة في محل غير مناسب، ورأى ولي الأمر من العلماء نبشها، ونقل القبور إلى محل مناسب فلا بأس أن يبنى عليها مسجد، أو بيوت للمصلحة الشرعية.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (195) .
(11/412)
254 - الفرق بين صلاة الفرض والنافلة في المسجد الذي فيه قبر
س: هل هناك فرق بين صلاة النافلة وصلاة الفرض إذا صليت في المسجد الذي فيه قبر (1) ؟
ج: لا فرق في ذلك، لا يجوز ولا تصح سواء كانت نافلة أو فريضة.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (223) .
(11/412)
255 - حكم الصلاة في المساجد التي فيها بدع
س: الأخ: ط. م. ص، من السودان، يسأل ويقول: عندنا في السودان قل أن تجد مسجدا لا توجد فيه بدعة، وأحيانا تجد بنيانا مزعوما لولي، أو قبورا في فناء المسجد، فماذا أفعل حيال هذه المنكرات؟ أأصلي في مثل هذه المساجد (1) ؟
ج: نعم، إذا كنت في مسجد فيه بعض البدع صل مع الناس، وأنكر البدعة، إذا كان فيه بدعة أنكرها، قل: يا إخواني، هذا ما يجوز هداكم الله. وتعاون مع العلماء والأخيار في إزالتها، ومع المسؤولين من الأمراء وغيرهم، تعاونوا على البر والتقوى. أما المسجد الذي فيه قبور فلا تصل فيه، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى، قال: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » فالمسجد الذي فيه قبر لا تصل فيه، التمس مسجدا ليس فيه قبر. وأما إذا كان فيه بدعة، وأنت تجد مساجد ما فيها بدعة فصل في المساجد التي ما فيها بدعة، وإذا لم تجد أو استطعت أن تنكر البدعة فصل معهم، وأنكر البدعة، وعلمهم ووجههم حتى تكون هاديا مهديا، وحتى تنقذهم من هذه البدعة، فإن لم
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (204) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/413)
يستجيبوا لك، ووجدت مسجدا ليس فيه بدعة فاعتزلهم، وصل في المسجد الآخر، وإلا فصل معهم، واستقم على إنكار البدعة وتعليمهم ولا تيأس، والله يعينك ويوفقك لهذا الخير.
(11/414)
س: أرجو أن توجهوا المسلمين لكي يخلو مساجدهم من البدع، لأنني قرأت أن كثيرا من المساجد لا تخلو من البدع، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب على المسلمين أن يطهروا مساجدهم من كل ما حرم الله من البدع، أو المعاصي، ومن البدع بناء المساجد على القبور، ودفن الميت في قلب المساجد، والتلفظ بالنية: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه من البدع التي يجب تنزيه المساجد عنها، ولا يجوز أن يصلى في المقبرة ولا في مسجد بني على قبر، بل يجب هدمه؛ لأنه منكر وبدعة، ومن وسائل الشرك.
__________
(1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (295) .
(11/414)
256 - نصيحة لمن توجد في مساجدهم قبور
س: يوجد عندنا مسجد جامع، ولكن هناك غرفة ملاصقة لصحن المسجد، وبداخلها قبران، ويقدمون لها النذور العينية والمالية، ويعتقدون أن المقبورين من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم، ما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وأيضا داخل السور توجد أمكنة كمصلى للأوقات، ما حكم الصلاة أيضا في ذلك المكان؟ علما بأنني أريد أن أدعو هؤلاء إلى الله عز
(11/414)
وجل، ولكن لوجود القبرين توقفت عن الدعوة في هذا المسجد، ماذا أفعل؟ أرجوكم وجهوني، جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان القبران خارجين عن سور المسجد فلا بأس أن يصلى في المسجد، وينبغي السعي لجماعة المسجد والمسؤولين في نقل رفاتهما إلى المقبرة العامة؛ حتى يسلم المسجد من الشبهة التي يحصل بها توقف بعض الناس عن الصلاة فيه. وإنما الممنوع إذا كانا في المسجد، بني عليهما المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » فإذا كان القبران خارجين عن المسجد يمينا أو شمالا أو غربا أو شرقا، ليسا في داخله فلا بأس بالصلاة فيه، أما إذا كانا في داخل المسجد، وفي داخل سور المسجد فلا يجوز الصلاة فيه، إذا كان المسجد بني عليهما لتعظيمهما. أما إذا وجدا بعد البناء فإنهما ينبشان، وهكذا لو كان أكثر فإنها تنبش وتنقل إلى المقبرة، ولا تبقى في المسجد، ويصلى في المسجد، أما إذا بني على القبور فهو الذي يهدم وتبقى القبور ضاحية شامسة، ليس فيها مسجد ولا يصلى حولها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (191) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/415)
ذلك وقال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (1) » وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3) » فالواجب على أهل الإيمان الحذر من ذلك، وألا يبنى على المساجد، لا يتخذ عليها قبور، ولا يدفن الأموات في المساجد، بل يجب أن يكون الأموات مع إخوانهم في المقابر، ويجب أن تكون المساجد خالية من ذلك، بعيدة عن الشبهة، هذا هو الواجب على المسلمين، ولكن الصلاة صحيحة إذا كان القبر خارج المسجد خارج سور المسجد، أما إن كان في داخل المسجد فلا يصلى فيه ولا تصح الصلاة، والدعوة في هذا المسجد، إذا جاء يدعوهم إلى الله لا بأس ما دام القبران خارج المسجد، أما إذا كانا في داخل المسجد فإنه يدعوهم إلى ترك الصلاة في المسجد، يدعوهم إذا كان بني على القبر، يدعوهم إلى هدمه والاتصال بالمسؤولين حتى يزال، أما إذا كان القبران محدثين في المسجد وهو السابق المسجد
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/416)
فإنهما ينقلان، وهكذا لو كان أكثر من قبرين تنبش وتنقل إلى المقبرة العامة، ويصلى في المسجد بعد ذلك ولا حرج؛ لأنها حادثة في المسجد، هي فلا حكم لها بل تنبش.
(11/417)
257 – حكم الصلاة في المسجد الذي يفصل بينه وبين القبر حائط
س: عندنا مسجد وحيد في القرية التي أسكنها، ولكن بجواره من جهة القبلة ضريح، ويفصل بينهما حائط، ولا يوجد باب بين الضريح والمسجد، فهل الصلاة في هذا المسجد جائزة أو لا (1)
ج: لو كان المسجد ليس في المقبرة، ولم يبن على المقبرة، وعلى قبور فالصلاة فيه صحيحة إذا كان مفصولا عن القبور محجوزا بينهما بالجدار. أما إذا كانت القبور أمام المصلي فلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (2) » فالواجب أن يكون مفصولا بينهما بالجدار؛ حتى لا يصلى إليها، وإذا كان مبنيا على طرف منها لتعظيم القبور وجب هدمه، وأما إذا كان مبنيا في أرض سليمة ليس فيها قبور، أو كانت القبور حادثة قدامه فلا يضر، ولكن
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (141) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(11/417)
ينبغي للمؤمن أن يبتعد عن أسباب الفتنة مهما أمكن، فإذا كان يخشى أن يظن ظان أن هذا المسجد من أجل القبور، فيجعله في محل آخر بعيدا عن أسباب الفتنة؛ لأن بعض الناس عنده جهل كثير، وربما ظن أن المسجد بني من أجل القبور التي حوله، فينبغي في هذا للمؤمن وأهل الخير أن يحتاطوا، وأن تكون المساجد بعيدة عن القبور؛ حتى لا يظن ظان أنها بنيت من أجل القبور.
(11/418)
س: رسالة وصلت من السودان ط. م، يقول: لنا مسجد جوار المقابر بحوالي خمسين مترا، فأحد المصلين امتنع عن الصلاة في هذا المسجد نسبة للحديث الذي يقول: لا تجعلوا مساجدكم مقابر. نرجو منكم الإفادة (1)
ج: إذا كان المسجد في أرض ليس فيها قبور، وبينها وبين القبور فاصل؛ طريق أو جدار فلا بأس الحمد لله، المقابر لا تتخذ مساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (375) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/418)
تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (1) » فإذا كان خارجا عن المقبرة وليست قبلته، بل بينه وبينها جدار أو طريق فلا حرج في ذلك.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(11/419)
س: الأخ: ب. ع. أ، من السودان، مديرية النيل، يسأل ويقول: ما حكم الصلاة خلف المقابر إذا كانت المقابر أمام المصلين مقدار ثلاثين مترا تقريبا؟ هل يجوز ذلك (1)
ج: إذا كان المسجد خاليا منها، المسجد لم يبن عليها، بل خال منها، وهي خارج عن المسجد فلا بأس، تصح الصلاة في المسجد، وأما إذا كان المسجد بني على القبور فلا يصلى في المساجد التي فيها القبور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » فإذا كان المسجد قد بني على القبور، أو جعلت فيه القبور فلا يصلى فيه، أما إذا كانت خارج المسجد يمينا أو شمالا أو قدامه، لكن ليست فيه ولا مبنيا
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (169) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(11/419)
عليها فلا حرج في ذلك، وأما وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده فهذا ليس في المسجد، بل في بيت عائشة، دفن في بيت عائشة هو وصاحباه؛ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، لكن لما وسع المسجد، وسعه الوليد بن عبد الملك بن مروان أدخل الحجرة في المسجد، وصار شبهة لبعض الناس الذين لا يفهمون، وهذا غلط، غلط من الوليد، ولا ينبغي أن يحتج به في ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس في المسجد، بل مدفون في بيته، ولكن أدخلت الحجرة في المسجد، فلا يحتج بذلك على الدفن في المساجد، ولا يحتج بذلك على البناء على القبور واتخاذها مساجد، كل هذا مخالف لشرع الله.
(11/420)
س: المستمع: ع. يسأل ويقول: إذا كان المسجد ملحقا به قبر، والقبر خارج المسجد، وليس بداخله، فهل تجوز الصلاة فيه؟ وهل إذا دعت الحاجة إلى الصلاة فيه فهل أصلي أم لا (1)
ج: إذا كان القبر خارج المسجد فلا مانع أن يصلى فيه، وينبغي نقل القبر إلى المقبرة العامة إبعادا للشبهة؛ ولئلا يغلى فيه لا سيما إذا كان منسوبا للصلاح، وينبغي للمسؤولين أن ينقلوا رفاته إلى المقبرة العامة، وإذا كان يخشى من الفتنة يخفى بدفنه في الليل، ويخفى ولا يعرفه أحد إلا الخواص الذين دفنوه، كما فعل عمر في قبر دانيال لما خاف الفتنة؛
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (223) .
(11/420)
حفر له ثلاثة عشر قبرا بالليل ودفنه في واحد منها، وسواها كلها حتى يخفي أمره، فالمقصود أن القبر الذي حول المسجد ينبغي نقله إلى المقبرة العامة؛ حتى لا يفتن به الناس إذا تيسر ذلك، وهذا يتعلق بالمسؤولين من العلماء والأمراء، فإذا تيسر نقله من دون فتنة نقل، وإلا بقي، ولكن لا يجوز أن يدعى من دون الله، ولا أن يطاف به ولا يستغاث به، ولا أن يتمسح به، ولا يمنع من الصلاة في المسجد إذا كان خارج المسجد، لا يمنع من الصلاة في المسجد، أما إذا كان في داخل المسجد فإنه ينبش ويبعد عن المسجد إلى المقبرة العامة، أما إذا كان قديما والمسجد بني عليه فالمسجد هو الذي يهدم؛ لأنه أسس على غير هدى، إذا بني على القبر وصار هو جديدا فإنه يهدم؛ لأنه أسس على غير تقوى.
(11/421)
س: المستمع: أ. م، يسأل ويقول: ما رأي الشرع في الصلاة في مسجد تحيط به المقابر من كل الجهات (1)
ج: إذا كان المسجد ليس فيه قبور فلا حرج، لكن إذا كان بعيدا عنها، يمينها وشمالها أو أمامها يكون أبعد عن الشبهة، أما إذا حدثت القبور بعد ذلك فلا يضر، لكن إذا تيسر أن يكون بعيدا عنها، أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها؛ حتى لا يتوهم أحد أن الصلاة لها هذا يكون
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (356) .
(11/421)
أطيب وأبعد عن الشبهة.
(11/422)
س: يوجد بقريتنا مسجد جامع، وهذا المسجد يقع وسط المقابر التي تحيط به من الشمال والجنوب، والمسافة بينه وبين الجهة الشمالية متران، وكذلك الجنوبية متران، وإن تلك المقابر في طريقها للتوسع، كما أن بعض المصلين - هداهم الله - يجعلون تلك المقابر مواقف لسياراتهم. أخبرونا جزاكم الله عنا كل خير في الحكم في مثل ذلك، ولكم جزيل الشكر والتقدير (1)
ج: الظاهر أنه لا يضر ذلك شيئا؛ لأن هذا عادة جارية في كثير من البلدان، يدفنون حول المساجد، فلا يضر ذلك شيئا، المقصود أن من عادة بعض الناس في بعض البلدان يدفنون حول المساجد؛ لأنه أسهل عليهم إذا خرجوا من المسجد يدفنون موتاهم حول المسجد، فلا يضر ذلك شيئا، ولا يؤثر في صلاة المصلين، لكن إذا كان في قبلة المسجد شيء من القبور فالأحوط أن يكون بين المسجد وبين المقبرة جدار آخر غير جدار المسجد، هذا هو الأحوط والأولى؛ ليكون ذلك أبعد عن استقبالهم للقبور، أما إن كان عن يمين المسجد وعن شماله، عن يمين المصلين وعن شمالهم فلا أرى في ذلك شيئا؛ لأنهم لا يستقبلونها، أما
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (9) .
(11/422)
إذا كان في القبلة فلا بد أن يكون هناك جدار آخر غير جدار المسجد إذا تيسر ذلك؛ لأن هذا أبعد عن استقبالها وعن شبهة الاستقبال.
أما إيقاف السيارات فلا يجوز إيقافها على القبور، بل تكون بعيدة عن القبور، تكون في الأراضي السليمة التي ليس فيها قبور، أما كونهم يمتهنون القبور ويوقفون السيارات على القبور فهذا أمر منكر لا يجوز، بل الواجب أن يبعدوها عن القبور، وأن تكون في محلات سليمة ليس فيها قبور.
(11/423)
س: يوجد عندنا مسجد وبخارجه قبور، وهو المسجد الوحيد في القرية، وقد توقفت عن الصلاة في هذا المسجد من أجل هذه الأضرحة التي بخارجه، أفيدوني هل أنا على صواب (1)
ج: إذا كانت في خارج المسجد فلا حرج من الصلاة فيه، إذا كانت القبور خارجة عن المسجد. ولست على صواب، بل صل في المسجد، أما إذا كان القبر في داخله فلا يصلى فيه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » فالرسول حذر من اتخاذ القبور مساجد، لا يصلى عندها،
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (303) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(11/423)
وكل مسجد فيه قبور لا يصلى فيه، ويجب نبش القبور، إذا كانت موضوعة فيه، وهو المسجد السابق فإن القبور تنبش وتنقل لمكان المقبرة، أما إذا كان بني عليها وهي السابقة، ولكن بني عليها المسجد فإنه يهدم ولا يجوز بقاؤها؛ لأن الرسول لعن من فعل ذلك عليه الصلاة والسلام.
(11/424)
س: في قريتنا مسجد وخلفه قبر لأحد الصالحين وبينهما جدار، ولكن هناك باب مفتوح في المسجد من هذا الضريح، فما حكم الصلاة في ذلكم المسجد (1)
ج: الصلاة صحيحة؛ لأن المسجد لم يبن عليه، ما دام أنه خارج المسجد فالصلاة صحيحة، لكن ينبغي إبعاد هذا القبر إلى المقابر؛ حتى لا يكون فتنة للناس ولا يغلى فيه، الواجب إبعاده وأن ينقل إلى المقبرة العامة، وأما المسجد إذا كان ليس القبر في داخله، بل هو خارجه فالصلاة صحيحة.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (341) .
(11/424)
س: مسجد في قرية كان به قبر من ناحية القبلة، ولكن أهل القرية عندما علموا أن هذا لا يجوز أخرجوا القبر خارج المسجد؛ وذلك
(11/424)
بتحويل الحائط الذي على القبلة إلى الداخل؛ بحيث يكون القبر خارج المسجد، ولكن في جهة القبلة، فهل هذا يكفي (1)
ج: نعم يكفي، لكن لو نقلوه إلى المقبرة العامة كان هذا أحسن وأكمل، وإلا فإذا أخرجوه من المسجد عن يمين المسجد، أو شماله أو قدامه أو خلفه كفى؛ لأنه حينئذ يكون المسجد سليما من القبر.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (226) .
(11/425)
س: يسأل المستمع وهو يمني، مقيم في الرياض، ويقول: يوجد عندنا مسجد صغير وهو قديم، وهو مبني على كتلة صغيرة، وفي مكان مهم بالنسبة للقرية، وبعد المسجد مباشرة وباتجاه القبلة توجد مقبرة مسورة، بطول ثمانية أمتار وعرض أربعة أمتار، هل الصلاة - سماحة الشيخ - في هذا المسجد جائزة، أو من الأفضل أن نغير هذا المكان (1)
ج: لا حرج في الصلاة فيه، ما دام المقبرة خارج المسجد وبينها وبينه حاجز سور، المسجد له سور خارج المقبرة فلا حرج، المقصود المسجد الذي أمامه المقبرة محجوزة ومسورة لا يضر والحمد لله، الذي لا يجوز أن تكون القبور في المسجد، هذا هو المنكر، أما كونها مقبرة
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (404) .
(11/425)
خارجية والمسجد محجوز عنها فلا يضر ذلك.
(11/426)
س: يوجد عندنا مسجد في الأردن بجواره قبر، وقد سمي هذا المسجد باسم صاحب هذا القبر، ويقوم إمام المسجد ونفر من الناس بالذهاب إلى هذا القبر، وإقامة أدعية لا تفهم، ويقومون بقرع الدف، فما حكم الصلاة في هذا المسجد مأجورين (1)
ج: إذا كان القبر خارج المسجد، والمسجد سليم منه فلا بأس، أما كونه يقف عند القبر ويأتون بأدعية مجهولة، ويضربون الدف هذا بدعة، هذا من خرافات الصوفية بدعة، لا يجوز، إنما يسلم على القبور بالسلام الشرعي بصوت معروف، يزور القبور ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية. كان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (2) » هذا الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما كونه يسلم عليهم بصوت مجهول هذا يتهم صاحبه، ولا يجوز
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (418) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974) .
(11/426)
هذا، وكذلك ضرب الدف عند السلام هذا بدعة لا أصل له.
(11/427)
258 - حكم الوصية بالدفن في المسجد الذي بناه
س: يوجد في بلدنا مسجد، هذا المسجد بناه أحد سكان القرية، وأوصى عند موته بأن يدفن فيه، والآن هو مدفون في المسجد، فما حكم ذلك؟ وهل تجوز لنا الصلاة في هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذا لا يجوز، هذا جهل منه، الواجب نبشه وإبعاده إلى المقابر، الواجب أن ينبش ويدفن في المقابر مع الناس، ويصلى في المسجد كأنما دفن في فلاة، ولا يصلى في المسجد حتى ينبش ويبعد وينقل إلى المقبرة العامة؛ لأنه لا يجوز الدفن في المساجد، إذا دفن أحد في المسجد فينبش وينقل، أما إذا كان قديما ثم بني المسجد عليه فالمسجد هو الذي يزال، يهدم ويزال، أما ما دام بنى المسجد وعمره هو ثم دفن فيه فإنه ينقل، ينبش وينقل إلى المقبرة العامة والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (335) .
(11/427)
259 - بيان الأفضلية في الصلاة بالمسجد القريب أو المسجد البعيد
س: يوجد عندنا مسجدان في القرية، أحدهما: قريب للمنزل، والآخر: بعيد بعض الشيء علما بأن المسجد الأول لا يجتمع فيه الناس
(11/427)
المجاورون له، ولا يخرجون للصلاة فيه جماعة، والمسجد الآخر يجتمع فيه عدد لا بأس به من الناس، وأنا أقوم بالصلاة في المسجد القريب أنا وأحد الإخوة وبصفة دائمة، فبماذا تنصحوننا؟ هل نصلي في هذا المسجد القريب أنا وأخي في الله القائم على هذا المسجد، أم أتركه وأذهب إلى المسجد البعيد، حيث يجتمع عدد كبير من الناس، ويبقى المسجد الأول لا يصلي فيه إلا شخص واحد؟ أفيدونا مأجورين. وبماذا تنصحون إخواننا المجاورين للمسجد والذين لا يؤدون الصلاة فيه جماعة (1)
ج: الصلاة في المسجد البعيد الذي فيه جماعة كثيرة أفضل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم فأبعدهم ممشى (3) » والمسجد القريب لا بد له من علة، لم يتركوه إلا لعلة، فلا بد أن يسألوا عن علة الترك له، إما لأنه صغير أو لأنه ليس فيه خدمات متوفرة، أو
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (377) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (554) ، والنسائي في كتاب الإمامة باب الجماعة إذا كانوا اثنين برقم (843) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662) .
(11/428)
لأسباب أخرى لا بد أن تعرف، وإذا كان المسجد القريب قد توافرت فيه الشروط فلماذا يتركه جيرانه؟ لا بد أن توضح الأسباب للعالم الذي عندكم أو للمحكمة، فالحاصل أن المسجد البعيد والأكثر جماعة هو الأفضل.
(11/429)
س: أنا في جوار مسجد صغير يجتمع الناس فيه على فريضة العصر والمغرب، وبعد ذلك لا يجتمع فيه سوى اثنين أو ثلاثة، هل يجوز لي أن أذهب إلى مسجد آخر توجد به جماعات كبيرة وترك الأذان والإقامة في هذا المسجد الصغير (1)
ج: الأقرب - والله أعلم - أنك تبقى في المسجد؛ لأن هذا من أسباب جمع الناس والصلاة في المسجد وعدم إهماله، إذا كنت أنت المؤذن فتؤذن فيه، وتقيم فيه لمن حضر مع الإمام والحمد لله، إلا إذا كان هناك مساجد والتي فيها تتجمع جماعة كثيرة، ولا حاجة لهذا المسجد فلا مانع من إغلاقه، والمساجد التي حوله التي فيها جماعة كثيرة، فإن إيجاد هذا المسجد لا محل له، فعليك أن تراجع الأوقاف وأهل العلم في بلدك حتى ينظروا في الأمر.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (326) .
(11/429)
س: بجوار بيتنا مسجد لا يصلي فيه إلا نحن أو من يزورنا، فهل تلزمنا
(11/429)
الصلاة فيه دائما (1)
ج: نعم تلزمكم الصلاة في المسجد المعد للصلاة، تصلون فيه ومن يزوركم، أو من يمر عليكم.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (246) .
(11/430)
260 - حكم الذهاب إلى مسجد بعيد لحسن قراءة إمامه
س: هل يجوز التخير في المساجد؟ فالحي الذي أنا فيه يوجد به مسجد، ولكنني أذهب للحي الثاني للصلاة بمسجد آخر؛ لحسن قراءة إمامه، وارتياحي معه في الصلاة، فهل يصح أم لا؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا حرج في ذلك أن يلتمس مسجدا يكون أكثر جماعة، أو يكون إمامه أحسن قراءة أو أتقى لله، أو فيه حلقات العلم، أو ما أشبه ذلك من المصالح الإسلامية، لا حرج وإن كان بعيدا عنه.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (167) .
(11/430)
261 - حكم الصلاة في مسجد مهجور
س: هذا السائل يقول: هل تجوز الصلاة في مسجد يهجر أكثر من أربعة أشهر؟ وماذا علينا لو كانت صلاتنا غير صحيحة؟ وهل نعيد
(11/430)
صلاة الجمعة؟ أم ماذا نفعل (1)
ج: على أهل الحي أن يصلوا في المسجد المناسب لهم، إذا كان مسجد مهجور وهو مناسب لهم وقريب منهم، وليس فيه محذور يصلون فيه، الحمد لله، المقصود أن سكان الحي المعين عليهم أن يقيموا مسجدا لهم، يعمروا مسجدا لهم إن استطاعوا، وإن لم يستطيعوا صلوا في محل معين اتخذوه مصلى لهم، يصلون فيه ويجمعون فيه؛ لأن الصلاة في الجماعة أمر لازم، أوجب الله الصلاة في الجماعة، وأوجبها رسوله عليه الصلاة والسلام، والله سبحانه يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) ، وفي صلاة الخوف قال: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} (3) ، فأمر بالجماعة حتى في صلاة الخوف، لكن إذا كان عندهم مسجد مهجور وصالح فإنهم يصلون فيه والحمد لله، يجتمعون فيه ولا يهجرونه، وإذا كان بعيدا عنهم وتيسر لهم مسجد أقرب منه يعمرونه، ويجمعون فيه فذلك طيب وحسن. المقصود أنهم يعملون الشيء الذي
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (389) .
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) سورة النساء الآية 102
(11/431)
يجمعهم ويعينهم على أداء الصلاة جماعة؛ سواء كان مسجدا مهجورا أو غير مهجور، إذا كان بعيدا عليهم ويشق عليهم عمروا مسجدا بينهم متوسطا بينهم؛ حتى يجتمعوا فيه ويصلوا فيه جميعا.
(11/432)
262 - حكم الصلاة في مسجد لا يصلي فيه إلا المارة
س: تقول السائلة: نعيش في بلدة نائية بها مسجد لا يصلي به أحد إلا المارة، ليس لهذا المسجد مؤذن؛ لأنه مسجد خاص بناه أحد الناس، لا تصلى فيه التراويح في رمضان، ويذهب أحيانا زوجي يؤذن ويقيم ويصلي وحده، وقد نصحنا بعض الإخوان بالصلاة فيه، ولكن دون فائدة، هل يستمر زوجي في الصلاة فيه وحده؟ أم ماذا علينا؟ وهل يجب أن يصلي في المنزل بمفرده (1)
ج: هذا الذي عمله زوج السائلة عمل طيب، وهو مشكور عليه، ونوصيه بالاستمرار بأن يذهب إلى المسجد ويؤذن؛ لعل الله يأتي بمن يصلي معه من المارة، أو من السكان، فإن لم يأت أحد صلى لوحده والحمد لله، نوصيه بأن يستمر وألا يصلي في البيت؛ لأن المساجد عمرت لهذا، وعلى المؤمن أن يذهب إلى المسجد، فإن وجد أحدا وإلا صلى وحده والحمد لله، لا يجوز الصلاة في البيت والمساجد موجودة،
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (408) .
(11/432)
وكونه قد لا يصلي معه أحد لا يضره ذلك، يكون له الأجر العظيم أن يؤذن، وله فضل الأذان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة (1) » فضل عظيم، ثم هو بهذا يدعو الناس إلى إقامة صلاة الجماعة، يكون له مثل أجورهم؛ لأنه دعاهم إلى الخير، فيكون له مثل أجور من صلى معه، «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2) » فنوصي زوجك بالاستمرار والعمل الطيب، والذهاب إلى المسجد، وأن هذا هو الواجب عليه، وإن تخلف عنه الجيران أو غيرهم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم (609) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893) .
(11/433)
263 – بيان شروط من يؤم جماعة المصلين
س: السائل: م. أ. يقول: يوجد بجوار بيتنا مسجد بلا إمام معين، ويؤم الصلاة أي واحد من المصلين إذا كان موجودا، إلا أن الأغلبية العظمى منهم لا يجيدون القراءة الصحيحة للقرآن، وطلبوا مني الإمامة، لكنني رفضت مع أنني طالب علم لعدم تواجدي بصفة مستمرة، هل علي إثم في ذلك (1)
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (367) .
(11/433)
ج: إذا كنت أقرأهم فالمشروع لك أن تجيب؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا (1) » . . احتسب وقت حضورك وتقدم، وإذا غبت فأنت معذور، وانصح لهم فيما ترى أنه أولى أن يتقدم، تجتهد في أن يتقدم للإمامة من هو من أهل السنة والجماعة، وإذا كنت حاضرا فتقدم وأحسن وأبشر بالخير.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/434)
264 – حكم اتخاذ مصلى آخر بخلاف مسجد القرية
س: السائل من السودان يقول: إذا كان الناس بقرية يغلب عليهم الجهل بالدين هل يجوز أن يتخذوا مصلى آخر خلاف مسجد القرية؟ وإذا كانت مداومة الصلاة فيه تؤدي إلى الفتنة عند مناصحتهم ما حكم ذلك (1)
ج: الواجب على أهل القرية أن يصلوا جميعا في مسجد واحد، وأن يتعاونوا على البر والتقوى؛ لأن صلاتهم في المسجد تعينهم على الخير والتعارف والتواصي بالحق والنصيحة، والذي يريد نصيحتهم يتيسر له
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (396) .
(11/434)
أن ينصحهم جميعا، أما إذا كانت القرية كبيرة، تباعدت أطرافها وجعلوا مسجدين للتباعد فلا بأس، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (1) . إذا كان في ذلك مشقة يجعل في جانبها مسجد والآخر مسجد، أو في شرقها مسجد وغربها مسجد، إذا كانت متباعدة يشق عليهم الاجتماع في مسجد واحد فلا حرج، والواجب عليهم التعاون على البر والتقوى والتواصي والتناصح، والحذر من أسباب الشحناء والله المستعان.
__________
(1) سورة البقرة الآية 286
(11/435)
265 – حكم الصلاة مع جماعة يجمعون الظهر والعصر بدون عذر
س: الأخ: م. إ. ف. م، من السودان، ومقيم في المملكة، يقول: هناك مكان نعمل فيه، ويوجد به عدد من الناس يقيمون صلاة الجماعة، لكني لا أكون معهم للأسباب الآتية: أولا: أنهم يجمعون صلاة الظهر والعصر دائما فهل تصح الصلاة معهم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس للمسلم أن يجمع بين الصلاتين في الحضر من دون علة؛ كالمرض أو الاستحاضة للمرأة، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (165) .
(11/435)
في وقتها، ولا يجوز الجمع بين الصلاتين من دون علة شرعية، وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في المدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا، يعني: الظهر والعصر والمغرب والعشاء هذا عند أهل العلم لعلة، قال بعضهم: إنه كان هناك وباء؛ مرض فشق على المسلمين، وجمع بينهم عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، لم يحفظ أنه فعل إلا مرة واحدة، لم يحفظ أنه كان يفعل هذا في أوقات متعددة أو دائما، إنما جاء هذا مرة واحدة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام. وقال آخرون: إن الجمع صوري، وليس بحقيقي، وإنما صلى الظهر في وقتها في آخره، والعصر في أوله، والمغرب في آخره، والعشاء في أوله. وهذا رواه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء (1) » فسمي جمعا، والحقيقة أنه صلى كل صلاة في وقتها، وهذا جمع منصوص في الرواية من الصحيح عن ابن عباس، فيتعين القول به، وأنه جمع صوري، فلا ينبغي لأحد أن يحتج بذلك على الجمع بغير عذر.
__________
(1) أخرجه النسائي في كتاب المواقيت باب الوقت الذي يجمع فيه المقيم، برقم (589) .
(11/436)
أما أنت أيها السائل فلك أن تصلي معهم الظهر والمغرب في وقتها، أما العشاء فلا تجمعها مع المغرب، ولا تصل معهم العصر ولا العشاء، هذا إذا كانوا من أهل السنة، أما إن كانوا من غير أهل السنة فلا تصل معهم حتى تعلم أنهم ليسوا يتعاطون شيئا من الشرك، كالذي يدعو البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس هذا يعتبر من الشرك الأكبر: يا سيدي المدد المدد!! اشف مريضي!! انصرني، أغثني. هذا من الشرك الأكبر، فهؤلاء لا يصلى خلفهم، ولا يصلى معهم، بل ينصحون ويوجهون ويعلمون، فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يتحرى في صلاته، وألا يصلي خلف من يظن به الشرك أو البدعة المكفرة، وأن يتحرى الأئمة الطيبين المعروفين بالاستقامة، والسير على مذهب أهل السنة والجماعة من أهل التوحيد والإيمان؛ حتى يحتاط لدينه ويحتاط لصلاته، ولا يصلي خلف القبوريين الذين يعرفون بالغلو في القبور ودعاء أهلها، كالذين يغلون في البدوي أو غير البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس، ويطلبونهم المدد، يطلبون منهم الغوث، هذا كفر أكبر لا يصلى خلف صاحبه نسأل الله السلامة، لكن يدعى إلى الله، ويعلم وينصح ويوجه إلى الخير؛ لأن: «الدين النصيحة» (1) والله يقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2) .
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55) .
(2) سورة النحل الآية 125
(11/437)
ويقول سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1) . ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2) » ويقول عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (3) » هؤلاء يدعون إلى الله، ويعلمون ولا يصلى خلفهم؛ حتى يتوبوا إلى الله من الشرك، وحتى يدعوا ما عندهم من البدع المكفرة، نسأل الله للجميع الهداية.
__________
(1) سورة فصلت الآية 33
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام. . . برقم (2942) ، ومسلم كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (2406) .
(11/438)
266 – حكم الصلاة في مسجد يوجد فيه بدع وأمور محدثة
س: يقول السائل: يوجد بالقرب من بيتنا مسجد، وأنا مواظب - والحمد لله - على الصلاة وصلاة الجماعة، ولكن هذا المسجد
(11/438)
يوجد فيه الكثير من البدع والأمور المحدثة، فما حكم صلاتي فيه؟ هل أتجنبه، أم أصلي في بيتي؟ وكذلك صلاة الجمعة هل تجوز معهم، أم أبحث عن مسجد آخر بعيدا جدا عن منزلي؟ وجهوني لذلك (1)
ج: نعم، عليك أن تصلي معهم، وتنكر حسب طاقتك، تنكر البدع حسب طاقتك، إذا كانت البدعة غير مكفرة فعليك أن تنكر حسب طاقتك، وتنصح الناس، وتصلي معهم الجمعة والجماعة والحمد لله، فإن أجابوا فهذا هو الواجب، وإن لم يجيبوا فلك أن تنتقل إلى مسجد آخر ليست فيه بدعة، لكن صلاتك مع هؤلاء فيها مصالح بالإنكار عليهم، ودعوتهم إلى الخير، وإنكار البدعة عليهم على الإمام والمأمومين، على الذي يفعل البدعة بالأسلوب الحسن، بالأسلوب الذي يرجى فيه القبول، فإن لم يستجيبوا وأمكنك الانتقال إلى مسجد آخر فهذا حسن.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (367) .
(11/439)
267 - حكم الصلاة في مسجد قد نبشت القبور التي فيه
س: لقد سمعت من بعض الأشخاص أن الصلاة في مسجد العباس الموجود في مدينة الطائف لا تجوز؛ بحكم أن تحته قبور وأمامه
(11/439)
قبور، فهل هذا صحيح أم لا؟ أفتونا في ذلك (1)
ج: ليس هذا بصحيح؛ لأن مسجد العباس قد نبشت القبور التي فيه، وهيئ للصلاة، وقام بهذا ولاة الأمور، وأمرهم عليه العلماء، فلا حرج في ذلك، فالصلاة فيه لا حرج فيها والحمد لله.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (67) .
(11/440)
268 - حكم الصلاة في مسجد بني من مال حرام
س: الأخ: س. ع. ف. ش، من الرياض، يسأل ويقول: ما حكم الصلاة في مسجد بناه رجل بمال أكثره من الحرام؟ هل يشمله حكم الصلاة في الأرض المغصوبة؟ فإن لم يكن يشمله فلماذا؟ نرجو أن تتفضلوا بمعالجة هذه القضية، جزاكم الله خيرا (1)
ج: المساجد التي تبنى بمال حرام، أو بمال فيه حرام لا بأس بالصلاة فيها، ولا يكون حكمها حكم الأرض المغصوبة؛ لأن الأموال التي فيها حرام، أو كلها من حرام تصرف في المصاريف الشرعية، ولا تترك ولا تحرق، بل يجب أن تصرف في المصاريف الشرعية؛ كالصدقة على الفقراء وبناء المساجد وبناء دورات المياه، ومساعدة المجاهدين وبناء القناطر وغير هذا من مصالح المسلمين، ولا يكون لها حكم
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (235) .
(11/440)
الغصب؛ لأن الغصب مأخوذ بالقوة والظلم، أما هؤلاء دخلت عليهم الأموال من طرق غير شرعية، فالواجب عليهم صرفها في وجوه شرعية مع التوبة إلى الله من ذلك سبحانه وتعالى، والمال الذي صرف في هذه الجهات الشرعية يكون قد سلم صاحبه من أذاه مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ويكون نفع به المسلمين بدلا من إتلافه وإحراقه.
(11/441)
269 – الصفات الواجب توفرها في الإمام
س: سماحة الشيخ، إني أحبك في الله، وأسأل الله أن يحشرني وإياك ومن أحب في جنات النعيم. سماحة الشيخ، ما الصفات التي يجب أن تتوفر فيمن أراد أن يصير إماما في مسجد يؤم المصلين (1)
ج: أولا: أحبك الله الذي أحببتنا له، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في (2) » وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (3) »
أما الصفات التي ينبغي أن تكون في الإمام فقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (323) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه برقم (21525) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الحب في الله برقم (2566) .
(11/441)
بقوله: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا (1) » وفي رواية: «أقدمهم إسلاما (2) »
فعليك يا أخي أن تجتهد في إتقانك للقرآن والعناية به، وحفظ ما تيسر منه، والتفقه في الدين، والتعلم حتى تعرف أحكام صلاتك، وأحكام سجود السهو، ونحو ذلك مما يعرض للإمام مع تقوى الله، والاستقامة على دينه والحذر من معصيته سبحانه وتعالى، فإذا اجتهدت في ذلك فأنت صالح للإمامة، وأهم شيء للإمامة التفقه في الدين والعناية بالقرآن الكريم، وحفظ ما تيسر منه مع الاستقامة على طاعة الله، والحذر من معاصيه سبحانه وتعالى.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/442)
270 - حكم صلاة الإمام إذا جهر في الصلاة السرية
س: إمام صلى بنا صلاة سرية، ولكنه قد جهر فيها، فما هو توجيهكم (1)
ج: لا شيء عليه، بل يسجد للسهو، ولكن لا يلزمه شيء؛ لأن الجهر والإسرار سنتان، ولو جهر بالسر، أو أسر بالجهر فلا شيء عليه والحمد لله.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (323) .
(11/442)
271 – حكم وضع شروط لا أصل لها من الشرع لإمامة المسجد
س: بعض القرى عندنا تشترط شروطا غاية في الغرابة في الإمامة؛ إذ في هذه القرى لا بد من معرفة أصل الإمام، وأنه من سكان القرية الأصليين؛ بصرف النظر عن حفظه للقرآن وأهليته للإمامة، فهل هذان الشرطان لازمان للإمامة، أم إنهما بدعة؟ نرجو النصح والتوجيه جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذان الشرطان لا أصل لهما، المهم أن يكون معروفا بعدالته واستقامته وإجادته للقراءة، أما كونه من أهل البلد، أو من غير أهل البلد ليس بلازم، ولو كان غريبا إذا عرف صلاحه واستقامته فالحمد لله، المهم أن يكون صالحا للإمامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة (2) » الحديث. ويقول صلى الله عليه وسلم: «ليؤمكم قراؤكم (3) » فالإمام يكون من خيرة الناس، سواء كان من أهل البلد الذين هم مستوطنون في البلد، مولودون فيها، أو ممن ورد إليها ونزل بها واستقر فيها، وإن كان ليس من أهلها إذا كان صالحا للإمامة.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (212) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (590) وابن ماجه في كتاب الأذان والسنة فيه، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين برقم (726) .
(11/443)
272 – حكم الصلاة خلف إمام غير عربي
س: أفيد سماحتكم بأننا في أحد الأعمال الواقعة في شرق مناطق أرامكو بالمنطقة الشرقية، ويوجد عندنا عدة مساجد، وأحدها مسجد جمعة، وأكثر من يؤدي الصلاة فيه جماعة من العجم؛ نظرا لقلة العرب، ولكن هؤلاء العجم يكتفون بالدعاء بعد الصلاة ولا يسبحون، ومع ذلك يسلمون مع الإمام مباشرة، وهل يجوز لنا نحن العرب أن نصلي معهم، وأكثر الأئمة منهم وخاصة إمام مسجد الجمعة، ولم يوجد إمام عربي يقوم بأداء الصلاة وخاصة الجمعة؟ أرجو إفادتنا، جزاكم الله عنا خير الجزاء (1)
ج: ليس شرط الإمامة أن يكون الإمام عربيا، المهم أن يكون الإمام سليم العقيدة موحدا صاحب عقيدة طيبة، فإذا كان الإمام صاحب عقيدة طيبة، سواء كان عربيا أو عجميا لكن ينطق بالعربية، إذا كان صاحب عقيدة حسنة فإنه يجعل إماما ويقتدى به، وإذا صليت مع قوم إمامهم الذي يصلي بهم، وأنت لا تعرف حاله فصل معهم، ولا تترك الصلاة، صل معهم الجمعة والجماعة؛ لأن المسلمين شيء واحد، والواجب أن تقام هذه الشعائر، وأن يؤيد من قام بها، وإذا ظهر لك بعد
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (12) .
(11/444)
ذلك أنه لا يحسن أن يكون إماما فينبغي لك أن تسعى في إبداله بغيره من أهل العقيدة الطيبة، وأن تتشاور مع أعيان المسجد، ومع أعيان الجماعة حتى يوجد من هو خير منه وأفضل منه في العقيدة والعلم، وتلتمس من توافرت فيه الشروط؛ شروط الإمامة من أي جنس كان من المسلمين فإنه يكون إماما، ويصلى خلفه، وأما ما ذكرت من جهة أنهم لا يذكرون الله، بل يدعون بعد السلام هذا خلاف السنة، السنة بعد السلام أن يقول: أستغفر الله. ثلاث مرات، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يقوله الإمام والمنفرد والمأموم بعد صلاة الفريضة، ثم ينصرف الإمام للمأمومين بعد ما يقول هذا، وهو مستقبل القبلة بعد هذا ينصرف إلى المأمومين، ويستقبلهم كما جاء في حديث عائشة عند مسلم، وجاء معنى ذلك في حديث ثوبان «أن النبي عليه السلام كان إذا سلم استغفر ثلاثا، وقال: " اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (1) » رواه مسلم في الصحيح. وذكرت عائشة رضي الله عنها «أن النبي كان يمكث مستقبل القبلة قدر ما يقول: " اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591) .
(11/445)
الجلال والإكرام " ثم ينصرف إلى الناس (1) » رواه مسلم أيضا. ثم بعد ذلك يشتغل بذكر الله، فقد كان النبي يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (2) » «اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (3) » وإن دعا بعد ذلك فلا بأس بينه وبين نفسه، والأفضل أن يقول بعد هذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، هكذا جاءت السنة، ويختم المائة بقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير (4) » كل هذا صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من قوله وتوجيهه عليه الصلاة والسلام، وكذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم شرعية أن يقول: «سبحان
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (592) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (594) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته رقم (597) .
(11/446)
الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمسا وعشرين مرة (1) » فالذكر بعد الصلاة أنواع منها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمسا وعشرين مرة، الجميع مائة. ومنها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة فقط، ولا يزيد عليها، تصير تسعا وتسعين، كما علمها النبي فقراء المهاجرين. ومنها أن يقول: سبحان الله، والحمد لله. ستا وستين، والله أكبر. أربعا وثلاثين، الجميع مائة، ومنها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة تصير تسعا وتسعين، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. كل هذا جاء في الحديث الصحيح. فينبغي للمؤمن أن يستعمل ذلك، وأن يلازم ذلك، وإذا أتى بهذا تارة وهذا تارة كله حسن.
وأما كونه يسلم مع الإمام فالأفضل خلافه، السنة أن يكون بعد الإمام، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه برقم (21090) والترمذي في كتاب، الدعوات، باب منه برقم (3413) والنسائي في كتاب السهو باب نوع آخر من عدد التسبيح برقم (1351) .
(11/447)
بالانصراف (1) » فالسنة أن يسلم الإمام أولا، ثم يتبعه المأموم، إذا سلم الإمام سلم المأموم بعد التسليمتين، يسلم الإمام تسليمتين أولا، ثم يتبعه المأموم فيسلم، وإن سلم بعد الأولى سلم الأولى بعد الأولى، وسلم الثانية بعد الثانية فلا حرج، لكن الأفضل أن يقف، وألا يسلم حتى يفرغ الإمام من التسليمتين، فإذا فرغ الإمام من التسليمتين سلم المأموم، هذا هو الأفضل، وهذا هو الموافق لظاهر السنة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426) .
(11/448)
273 - بيان معنى حديث (أفتان أنت يا معاذ)
س: سائل يقول: ذكر ابن القيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر على معاذ لقراءته سورة البقرة، فقال: «يا معاذ أفتان أنت؟ (1) » فتعلق الناقرون بهذه الكلمة، ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها. ما المقصود بقوله: ما قبلها وما بعدها؟ ومن هم الناقرون؟ جزاكم الله خيرا (2)
ج: النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأئمة إلى أن يرفقوا بالناس،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (705) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465) .
(2) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (363) .
(11/448)
فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف المريض (1) » فالواجب على الإمام أن ينظر في الأمر، وألا يشق على الناس، وقدوتنا الرسول، وأن يأخذوا القدوة من الرسول - عليه الصلاة والسلام - في أفعاله كلها؛ لقوله سبحانه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2) . فالنبي عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة وسطا ليس فيها إطالة تشق على الناس، فالواجب على الأئمة أن يتأسوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يقتدوا به في الصلوات الخمس كلها؛ حتى لا ينفروا الناس، وحتى لا يشجعوهم على ترك الصلاة جماعة، فإذا صلى صلاة وسطا ليس فيها مشقة على الناس سمع الناس، وصلوا جماعة ورغبوا في الصلاة، وتواصوا بأدائها في المساجد؛ ولهذا قال عليه والسلام: «يا أيها الناس، إن منكم منفرين - يعني: منفرين في صلاة الجماعة - فمن أم الناس فليخفف (3) » ولهذا قال لمعاذ: «أفتان يا معاذ؟ (4) » . فقال بعدها: «هلا قرأت " و: و:
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذ صلى لنفسه فليطول ما شاء، برقم (703) ومسلم في كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام برقم (467) واللفظ له.
(2) سورة الأحزاب الآية 21
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704) .
(4) صحيح البخاري كتاب الأذان (705) ، صحيح مسلم الصلاة (465) ، سنن النسائي الإمامة (835) ، سنن أبو داود الصلاة (790) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (986) ، مسند أحمد بن حنبل (3/308) ، سنن الدارمي الصلاة (1296) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465) .
(6) سورة الأعلى الآية 1 (5) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}
(7) سورة الليل الآية 1 (6) {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}
(11/449)
و (2) » هذا من بعده، اللهم صل عليه وسلم، قبلها: «أيكم أم الناس فليخفف (3) » . ثم أردف: «هلا قرأت " و:،. (8) » يعني: في أوسط الأمور، فقد كان عليه الصلاة والسلام يقرأ بها في العشاء والظهر والعصر، أما في الفجر فكان يقرأ أكثر من ذلك؛ فيقرأ في الفجر بـ: {وَالطُّورِ} (9) {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} (10) و: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} (11) و: {الْوَاقِعَةُ} (12) وما أشبهها عليه الصلاة والسلام، فالفجر يطول فيها بعض الطول، وفي الظهر والعصر والمغرب والعشاء يقرأ بأوسط السور، والمغرب في بعض الأحيان بالقصار ويطول فيها بعض الأحيان، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لكن الأغلب القصار.
__________
(1) سورة الشمس الآية 1 (7) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}
(2) سورة العلق الآية 1 (1) {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}
(3) صحيح البخاري الأذان (703) ، صحيح مسلم الصلاة (467) ، سنن الترمذي الصلاة (236) ، سنن النسائي الإمامة (823) ، سنن أبي داود الصلاة (795) ، مسند أحمد (2/537) ، موطأ مالك النداء للصلاة (303) .
(4) صحيح البخاري الأذان (705) ، صحيح مسلم الصلاة (465) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (836) .
(5) سورة الأعلى الآية 1 (4) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}
(6) سورة الانشقاق الآية 1 (5) {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}
(7) سورة الشمس الآية 1 (6) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}
(8) سورة الشمس الآية 2 (7) {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا}
(9) سورة الطور الآية 1
(10) سورة الطور الآية 2
(11) سورة القمر الآية 1
(12) سورة الواقعة الآية 1
(11/450)
274 - بيان كيفية التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة
س: يسأل أخونا عن عبارات ابن القيم عليه رحمة الله، فيقول: قال ابن القيم: التخفيف أمر نسبي يرجع فيه إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لا إلى شهوات المأمومين. ما المقصود بالأمر النسبي؟ وما المقصود بشهوات المأمومين (1)
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (363) .
(11/450)
ج: ما تقدم إذا تأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في التخفيف، فيقرأ كما كان يقرأ النبي، ويركع كما ركع، ويسجد كما سجد، يكون متوسطا لا مطيلا ولا ناقرا، بين النقر وبين الإطالة التي تشق على الناس، هذا هو التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتأس بالنقارين الذين يسرعون في الصلاة؛ حتى لا يتمكن الناس من أداء المشروع، ولا يتأس بالمطولين المنفرين، ولكن بين ذلك، والأسوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1) » وقال الرب جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2) . والتأسي بالنبي هذا هو التوسط.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .
(2) سورة الأحزاب الآية 21
(11/451)
275 – توجيه بشأن إطالة الإمام للصلاة
س: سائل يقول: حصل خلاف بيني وبين صديق لي في العمل، صلى ذات مرة خلفي ويقول: إنك أطلت الصلاة. علما بأن صحته جيدة، ولا يشكو من أي شيء، فما هو توجيهكم لي ولأمثالي؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن تراعي المأمومين، السنة للمؤمن إذا كان إماما أن يراعي المأمومين؛ حتى لا يشق عليهم، فيصلي صلاة متوسطة ليس فيها طول
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (263) .
(11/451)
يشق على الناس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض (1) » فالمشروع للإمام أن يراعي المأمومين؛ لأنه يكون فيهم المريض وكبير السن وصاحب الحاجة، فلا يعجل فيخل بالصلاة، ولا يطول فيشق عليهم، ولكن بين ذلك صلاة معتدلة، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الأولى والثانية، ويقرأ في الأخيرتين الفاتحة، ويطمئن في الركوع والسجود، وبين السجدتين أيضا ويطمئن ولا يعجل، وهكذا عند قيامه في الركوع والوقوف وبعد الركوع، لا يعجل يطمئن ويعتدل هكذا، لكن لا يطيل إطالة تشق على الناس.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704) .
(11/452)
276 - حكم إطالة الصلاة على المأمومين
س: ما حكم الإسلام في الإمام الذي يطيل في الصلاة زيادة عن اللازم؟ نصحناه إلا أنه رفض النصح، وعندما نشير إلى إطالته يقول: بإمكانكم الصلاة في مساجد أخرى (1)
ج: هذا ينصح، يبين له ما جاءت به السنة، يعطى كتاب الصلاة لابن القيم، كذلك ما يوجد في الكتب التي تبين صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لعله يقنع إن شاء الله، المقصود أنه ينصح ويوجه من أهل
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (356) .
(11/452)
العلم، من الأخيار الذين يقدرهم ويعرف فضلهم وعلمهم، يشار عليهم أن ينصحوه إذا كان يطيل وينفر الناس، أما النصيحة من العامة ما تفيده، لكن يشار على أهل العلم، ويطلب منهم أن ينصحوه إذا كان عمله منفرا وفيه طول كثير؛ حتى يستفيد إن شاء الله من إخوانه.
(11/453)
277 - حكم الصلاة خلف الصبي المميز
س: السائل: ع. م. من الجبيل: في الفقه المالكي، وفي كتاب فتح الباري على صحيح البخاري: لا تجوز صلاة الصبي إلا لمثله في الإمامة، وكذلك لا تجوز الصلاة خلف متنفل أو مسبوق. فما هو الحكم في ذلك؟ وما هو توجيهكم حيال ما ورد (1)
ج: لقد صحت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ بأن الصبيان مأمورون بالصلاة إذا بلغوا سبعا، ويضربون عليها إذا بلغوا عشرا. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى بالناس عليه الصلاة والسلام صلاة الخوف ركعتين فرضه وفرض الجميع فرض من خلفه، وصلى بطائفة أخرى ركعتين نافلة له، وهي لهم فريضة، فدل ذلك على أنه لا حرج أن يصلي المفترض خلف المتنفل. وثبت عن معاذ رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (325) .
(11/453)
فرضه، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فهي له نافلة، ولهم فرض. وفي صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه أنه كان يؤم جماعته وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا (1) » وكان عمرو أكثرهم قرآنا، فكان يصلي بهم، فدل ذلك أنه لا حرج أن يؤم الصبي الكبار إذا كان ابن سبع سنين فأكثر، وكان يعقل الصلاة، وكان أكثرهم حفظا للقرآن؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما (2) » وفي لفظ: " فأكبرهم سنا " (3) وفي حديث عمرو بن سلمة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا (4) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(3) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302) .
(11/454)
فالمقصود أن الصبي إذا كان أكثر من غيره قرآنا، وكان يعقل الصلاة، ويؤديها كما ينبغي فلا حرج أن يؤم الكبار؛ لما جاء في هذا الحديث الصحيح في قصة عمرو بن سلمة، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1) » الحديث.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/455)
س: يقول السائل: هل تجوز إمامة الصبي الذي عمره ثلاث عشرة سنة؟
وهل يجوز أن يخطب يوم الجمعة (1)
ج: لا حرج في إمامة الصبي إذا كان جيد القراءة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2) » وهذا يعم الصبي ويعم غيره. وقد ثبت في الصحيح من حديث عمرو بن سلمة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا (3) » قال: فقدموني وأنا ابن سبع سنين؛ لأني كنت أكثرهم قرآنا. هذا من الأدلة أنه إذا كان الصبي يقرأ القرآن ويجيد القراءة فإنه يقدم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (4) » إذا
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (288) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302) .
(4) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/455)
كان يعقل الصلاة من سبع فما فوق.
(11/456)
س: إذا دخلت المسجد وقد فاتتني الصلاة، ووجدت أولادا صغارا يصلون في جماعة، وإمامهم عمره عشر سنوات تقريبا، هل أصلي معهم (1)
ج: نعم صل معهم، يجوز أن يكون الإمام ابن عشر سنين أو أقل أو أكثر، فقد ثبت أن عمرو بن سلمة الصحابي الجليل صلى بأصحابه وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا، فلا بأس أن يكون الإمام دون البلوغ كابن عشر، وابن ثمان وابن إحدى عشرة ونحو ذلك، وليس من شرط الإمامة التكليف، المهم أن يكون يحسن الصلاة ويحسن القراءة، فإذا وجدت إماما دون التكليف يصلي بالناس صل معهم، ولا تقل: هذا صغير. فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه؛ أنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا (2) » قال: فنظروا - نظر قومه - فلم يجدوا أحدا أكثر مني قرآنا، فقدموني وأنا ابن ست أو سبع سنين. والرواية تحمل على أنه كان ابن سبع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر (3) » فأقل
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (106) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.
(11/456)
شيء يكون فيه الإمام ويؤمر به في الصلاة بوضوء هو السبع، وهذا الحديث حجة في ذلك.
(11/457)
س: يسأل ويقول: أنا تلميذ في الصف الثالث الإعدادي، وأبلغ من العمر الخامسة عشرة، وأحيانا أصلي بوالدي وبعض الأصدقاء إماما، فهل في هذا شيء؟ علما بأنهم غير متعلمين ولا يعرفون القراءة (1)
ج: لا حرج في ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2) » فإذا صليت بهم النافلة أو بالليل أو الفجر، إذا فاتتك مع المسجد فلا حرج أن تؤمهم، كان عمرو بن سلمة يؤم جماعته وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أقرأهم، فالمقصود أنك إذا كنت أقرأهم فأنت أولى بالإمامة، لكن ليس لك أن تصلي في البيت، بل يجب أن تصلي مع المسلمين في المسجد، وعلى أبيك وعلى أهل البيت من الرجال يجب عليهم أن يصلوا في المساجد، لكن صلاة النافلة وصلاة الليل وصلاة الضحى إذا صليت بهم أحيانا، وإذا قدر أن الصلاة فاتتك في المسجد وصليت بهم فلا بأس.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (443) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/457)
س: هل يجوز لي أن أصلي بالناس ووالدي موجود (1) ؟
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (364) .
(11/457)
ج: نعم إذا كنت أقرأهم تصلي بالناس، ولو كان أبوك موجودا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (1) » يعنى: إسلاما. وفي اللفظ الآخر: «فأكبرهم سنا (2) » فإذا كنت أعلم من أبيك فأنت تؤمهم.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/458)
278 - حكم اشتراط الزواج لمن يؤم المصلين
س: هل يجوز أن أصلي أنا وأخي جماعة؟ علما بأنه غير متزوج؛ إذ إنه في بلدنا يقولون: يجب أن يكون الإمام متزوجا، فهل هذا صحيح (1) ؟
ج: لا أصل لهذا الشرط، فيجوز أن يكون الإمام متزوجا أو غير متزوج، ولا حرج في ذلك، هذا قول باطل، الإمام ليس من شرطه أن يكون متزوجا، وإذا صليت مع أخيك صلي خلفه لا تصفي معه، المرأة لا تصف مع الرجال، إذا صليت معه في الليل مثلا في تهجد الليل تقفين خلفه، وهو لا يصلي في البيت الفرائض، بل يلزمه أن يصلي مع الناس في الفريضة ولا يصلي في البيت، وإذا صلى في البيت بأن فاتته الصلاة؛ بنوم أو نحوه أو صلاة النافلة بالليل، وصليت معه فلا بأس،
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (328) .
(11/458)
لكن لا تقفي عن يمينه ولكن خلفه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر النساء أن يكن خلف الرجال، وصلت معه أم سليم مع ابنها أنس، فصف أنس معه صلى الله عليه وسلم وصفت خلفهم. وفي الحديث الآخر: صف أنس واليتيم خلف النبي، وهي من ورائهم.
(11/459)
279 - حكم الجهر بالبسملة
س: لدينا بعض الأئمة يجهرون في صلاة الفرض بالبسملة، فما حكم ذلك؟ وهل هو مكروه؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجهر بها كما يقال، ولم ينبه عنها، وهل يأثم من اقتدى بالإمام؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الجهر بالبسملة خلاف السنة، السنة أن يسر بالبسملة، هذا هو المحفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام، كما رواه أنس وغيره عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن إذا جهر بها بعض الأحيان للتعليم والفائدة؛ حتى يعلم الناس أنها تقرأ فلا حرج في ذلك، أما استمراره عليها ومداومته على الجهر فهو خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة، فينبغي أن ينصح من فعل ذلك ويوجه إلى الخير.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (67) .
(11/459)
280 - حكم الصلاة خلف من يجهر بالبسملة
س: ما حكم الصلاة وراء من يبسمل قبل الفاتحة عند الصلوات
(11/459)
الجهرية؟ هل تجوز الصلاة وراءه (1) ؟
ج: لا بأس بذلك؛ لأن بعض أهل العلم يرى شرعية الجهر بها، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل الإسرار بها، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بها في الجهرية عليه الصلاة والسلام، وروي عن بعض الصحابة الجهر بها، فإذا جهر بها بعض الناس يصلى خلفه؛ لأنه قول معروف لبعض أهل العلم.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (185) .
(11/460)
281 - بيان كيفية الحذر من الوساوس في الصلاة
س: الأخ: س. ع. م سوداني، يعمل في اليمن، يقول: هل يؤثر الوسواس في صلاة المؤتم (1)
ج: المشروع للمؤمن سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا أن يعتني بصلاته، وأن يقبل عليها بقلبه وقالبه، وأن يخشع فيها، وأن يحذر الوساوس التي تشغله عنها، كما قال الله سبحانه بوصف لأهل الإيمان: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3) . فالمؤمن يقبل على صلاته، وينظر إلى موضع سجوده، ويشتغل بها في أداء ما أوجب الله فيها وما شرع من القراءة والأذكار الشرعية في الركوع والسجود،
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (193) .
(2) سورة المؤمنون الآية 1
(3) سورة المؤمنون الآية 2
(11/460)
وفي حال الاعتدال، وفي حال الجلوس بين السجدتين، يعني: يشتغل فيها بما شرع الله، ويقبل عليها بقلبه، ويجمع قلبه عليها؛ حتى لا يشغل بغيرها. هكذا ينبغي للمؤمن والمؤمنة الإقبال على الصلاة والعناية بها وإحضار القلب فيها، والخشوع فيها والسكون وعدم العبث، وأن يعنى بجميع ما شرع الله فيها، وأن يستحضر أنه بين يدي الله، وأن الله جل وعلا يشاهده، وأنه بين يدي ربه سبحانه وتعالى، فليستحضر ذلك، وأنه كأنه يشاهد الله، كما في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (1) » فالمؤمن يستحضر كأنه يشاهد الله؛ حتى يجمع قلبه على الصلاة، وحتى يخشع، فيها فإن لم يتم له ذلك فليعلم أن الله يشاهده، وأن الله يراه وأن الله يقبل على عبده المصلي ما دام المصلي يقبل عليه سبحانه؛ حتى لا يشغل عنها بالوساوس، لكن لو عرض له وسواس ما يضر صلاته ما يبطلها، لكن ينقص أجرها، كلما زادت الوسوسة نقص الأجر.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي عليه السلام، برقم (50) ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (9) .
(11/461)
282 - بيان كيفية الخشوع في الصلاة
س: ما هو السبيل في عدم الشعور بالصلاة والخشوع فيها، حيث إنني أكون إماما لأهل الحي في الصلوات الخمس ولله الحمد، ولكن كل
(11/461)
محاولاتي لحفظ القرآن وتجويد القراءة أثناء الصلاة أشعر بأنني أرائي الناس فيها، خاصة الصلوات الجهرية، حيث إنني أحسن من الصوت وإطالة القراءة؛ حتى يخيل إلي أني أفعل ذلك من أجل إشعار الناس بأنني أهل للإمامة، ما حكم ذلك؟ ثم إذا كان هذا دأبي فهل تصح صلاتي؟ وهل بإمكاني التخلي عن إمامة الناس في الصلاة؟ مع أنني أكثر من التعوذ من الرياء في السجود، وأدعو الله كثيرا في سجودي أن يجعل عملي وصلاتي خالصة لوجه الله تعالى، ماذا تنصحونني سماحة الشيخ؟ جزاكم الله خيرا وبارك فيكم (1)
ج: عليك يا أخي أن تستمر في عملك هذا من سؤال الله التوفيق والإخلاص، والحرص بالتعوذ بالله من الرياء، وأبشر بالخير، ودع عنك الوساوس التي يمليها الشيطان بأنك تقصد الرياء وتحسين صوتك لأجل مدح الناس، أو ليقولوا: إنك أهل للإمامة. دع عنك هذه الوساوس وأبشر بالخير، وأنت مأمور بتحسين الصوت في القراءة؛ حتى ينتفع بك المأمومون، ولا عليك شيء مما يخطر من هذه الوساوس، بل حاربها بالتعوذ بالله من الشيطان، وسؤال الله التوفيق والهداية والإعانة على الخير، وأنت على خير عظيم، واستمر
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (163) .
(11/462)
في الإمامة، وأحسن إلى إخوانك واجتهد في تحسين الصوت، فقد جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به (1) » يعني: يحسن صوته بالقراءة؛ لأن تحسين الصوت بالقراءة من أعظم الأسباب للتدبر والتعقل والفهم للمعنى، والتلذذ بسماع القرآن. وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به (2) » يعني: ما استمع سبحانه لشيء كاستماعه لنبي، والاستماع الذي يليق بالله لا يشابه صفة المخلوقين، فإن صفات الله عز وجل تليق به سبحانه، لا يشابهه فيها خلقه جل وعلا، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3) ، ولكن يدلنا هذا على أنه سبحانه وتعالى يحب تحسين الصوت بالقراءة، ويحب أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم؛ حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من يستمع لقراءتهم. وما يخطر ببالك من الرياء فهو من الشيطان، فلا تلتفت إلى ذلك، وحارب عدو الله
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) برقم (7527) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع الكرام البررة ... ، برقم (7544) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن برقم (792) .
(3) سورة الشورى الآية 11
(11/463)
بالاستعاذة بالله منه والاستمرار في تحسين صوتك، والإحسان في قراءتك مع الخشوع في ركوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة، وأنت على خير إن شاء الله، ونسأل الله لك التوفيق والثبات على الحق.
(11/464)
283 - حكم الصلاة خلف من لا يحسن قراءة القرآن
س: ما حكم الصلاة خلف من لا يحسن قراءة القرآن، ويلحن في سورة الفاتحة (1)
ج: إن كان لحنه يحيل المعنى لم تصح الصلاة خلفه إلا بمثله، يعني: يحيل المعنى أمي، أما إن كان لا يحيل المعنى مثل أن يقول: الحمد لله. ينصب الدال، أو: الحمد لله. يجر الدال، أو يقول: الرحمن الرحيم. أو: الرحمن الرحيم. هذا ما يضر، أو: إياك نعبد. أو: نعبد. على لغة بعض البادية ما يضر هذا. لكن إذا قال: إياك. هذا يضر، أو قال: أنعمت. أو: أنعمت. هذا يضر؛ لأنه يحيل المعنى، يعلم فإن لم ينفع التعليم لا يصلي خلفه إلا واحد مثله، ما فيه حيلة، يعجز عامي مثله أمي هذا يصح أن يصلي بمثله، أما أن يصلي بواحد يعرف فلا يجوز، وهو إن كان يستطيع الإصلاح ما يجوز، يلزمه أن يغير لسانه، يلزمه أن يتعلم، حرام عليه أن يتكلم بما يحيل المعنى، والغالب أن الإنسان ما يمكن أن
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (232) ؟
(11/464)
يقول: إياك نعبد. أو: أنعمت. إلا غلطانا، ثم إذا نبه تنبه؛ لأن معناها واضح، ما يكلفه أن يقول: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (1) . يخاطب ربه، أما كونه يقول: أنعمت. يخاطب المرأة. أو: أنعمت. يعني نفسه هذا لحن فاحش، كل إنسان يستطيع أن يغير لسانه ويتعلم. أو: إياك. يخاطب المرأة ما يصلح، كل إنسان يستطيع أن يغير لسانه، إذا علم يتعلم أما كونه لحنا لا يحيل المعنى، ولا يغير المعنى مثل ما يقرأ بعض الناس: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم , ما يضر، هذا لحن ما يخل بالمعنى.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7
(11/465)
284 - حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في قراءة الفاتحة
س: مستمع يسأل عن حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في قراءة الفاتحة لحنا جليا، مثل أن يقرأ: {نَسْتَعِينُ} (1) بالضم، يقرؤها: نستعين. بالكسر أو الفتح، ومثل أن يقرأ {الْمَغْضُوبِ} (2) وهي بالكسر، فيقرؤها: المغضوب. بالفتح وهكذا، هل تبطل صلاته وصلاة من خلفه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (3)
ج: هذا اللحن لا يغير المعنى، فالصلاة صحيحة، صلاته وصلاة من
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 5
(2) سورة الفاتحة الآية 7
(3) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (297) .
(11/465)
خلفه بمثل هذا اللحن من الإعراب لا يغير المعنى، وقل أن يسلم منه العامة وغير العامة، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب العالمين. أو قال: إياك نعبد وإياك نستعين. أو ما أشبه ذلك. أو غير المغضوب عليهم. كل هذا لا يضر ليس بمخل للمعنى، ولا يغير المعنى، الذي يغير المعنى لو قال: صراط الذين أنعمت عليهم. أو: أنعمت عليهم. هذا الذي يغير المعنى. أو قال: إياك نعبد وإياك نستعين. يعني الخطاب للمرأة، هذا يغير المعنى. أما الضم والفتح والكسر إذا كانت لا تغير المعنى مثل ما تقدم فإنه لا يبطل الصلاة، لكن يعلم ويوجه، يعلمه إخوانه ويرشدونه بعد الصلاة.
(11/466)
285 - حكم الصلاة خلف الإمام الذي لا يجيد قراءة القرآن
س: هل تصح الصلاة جماعة مع إمام راتب وهو لا يجيد القراءة، ومن المأمومين من يجيد القراءة أحسن منه (1)
ج: لا مانع من أن يصلى معه وإن كان لا يجيد القراءة إجادة كاملة، إذا كان يؤدي قراءة مجزئة في الفاتحة وفي غير الفاتحة لا بأس، وإن كان غيره أجود منه، إذا كانت قراءته ليس فيها لحن من حيث المعنى فلا بأس أن يصلى معه. وإذا تيسر من هو خير منه، وتيسر أن يعين بدلا منه فهذا أحسن من دون تشويش، أما إذا كان بتشويش أو فتن فلا، أما إذا كان لا يجيد القراءة؛ كأن يلحن لحنا يحيل المعنى فهذا لا يجوز
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (176) ؟
(11/466)
تنصيبه، ولا الصلاة خلفه إلا بأجناسه وأمثاله من الأميين الذين لا يحسنون القراءة، بل يجب أن يعزل ويلتمس من يقوم مقامه، فالذي – مثلا - يقول {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1) أهدنا. من الإهداء هذا لحن يحيل المعنى، أو يقول إياك نعبد وإياك نستعين. أو يقول: أنعمت. أو: أنعمت. هذه كلها لحن من حيث المعنى، نسأل الله السلامة، فمثل هذا ما يترك إماما، ويعلم حتى يعرف كيف يقرأ، ولو كان مأموما يعلم حتى يعرف القراءة الشرعية، لكن لا يجوز أن يكون إماما في مثل هذا، بل يجب أن يفصل ويلتمس من يؤم الناس من هو أصلح منه.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 6
(11/467)
س: سائل يسأل ويقول: نحن في قرية في مصر، وقريب من بيتنا مسجد صغير، لكن إمام المسجد لا يقرأ القرآن على الطريقة الصحيحة، كثيرا ما نبهناه إلى ذلك، ولكن لا فائدة، هل يجوز أن نصلي في منازلنا طالما أنه يخطئ في قراءة القرآن الكريم (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان اللحن لا يغير المعنى فالواجب عليكم أن تصلوا معه، تؤدوا الجماعة، أما إن كان يغير المعنى فالواجب تنبيهه حتى يستقيم، أو يعزل، يجتمع الجماعة على عزله والتماس من هو خير منه، فإذا كان لحنه في مثل: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (254) .
(11/467)
العالمين. ما يضر، المعنى صحيح، وله وجه من العربية. أو: الرحمن الرحيم. أو: الرحمن الرحيم. أو ما أشبه ذلك من اللحن الذي لا يغير المعنى فلا بأس، لا يضر هذا. أو قال: اهدنا الصراط المستقيم. أو: الصراط المستقيم. ما يغير المعنى، لكن لو غير المعنى وجب تنبيهه حتى يستقيم مثل: إياك. هذا يغير المعنى. أو: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا للمتكلم، لا يصلح. أو: أنعمت. هذا خطاب للمرأة ما يصلح يغير المعنى، هذا يجب أن ينبه عليه حتى يغير الإمامة حتى يستقيم لسانه؛ لأن هذا لحن يغير المعنى، لا تستقيم معه القراءة، لا بد أن يعيد القراءة بالوجه الشرعي، فيعيد: {أَنْعَمْتَ} (1) ، ويعيد {إِيَّاكَ} (2) بالفتح؛ حتى تستقيم القراءة، وإذا لم يستطع يبدل يعزل، وهكذا في الآيات الأخرى خارج الفاتحة يراعى فيها المعنى، فإن كان اللحن لا يغير المعنى فالأمر في هذا واسع، وغيره أفضل منه ممن يقيم الألفاظ، أما إذا كان يغير المعنى فإن الواجب عزله وإبداله بمن يصلح للإمامة، ولا يجوز لكم الجلوس في البيت والصلاة في البيت، بل يجب أن تصلوا في المسجد، وأن تعملوا ما يلزم من إصلاح وضعه أو إبداله بغيره.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7
(2) سورة الفاتحة الآية 5
(11/468)
286 - حكم الصلاة خلف من يقع في اللحن الجلي
س: سائل يصف بعض الأئمة بقوله: يقع أكثرهم في اللحن الجلي؛ كإبدال حرف مكان حرف، أو حركة مكان حركة، أو ترك المد الطبيعي، أو المد الواجب، وعدم الإظهار في موضع الإظهار، وكذلك عدم الإدغام في موضعه. وقد قرأنا لأهل العلم أن من يقع في اللحن الجلي لا تنبغي الصلاة خلفه. أفتونا رحمكم الله، هل نصلي خلف هؤلاء، أم يكون ذلك عذرا يبيح لنا الصلاة في بيوتنا، حتى لو أديناها فرادى؟ وقد نصحنا لهم كثيرا، ولكن لا سامع منهم ولا مجيب (1)
ج: اللحن قسمان أيها السائل، وأيها المستمع: لحن يحيل المعنى فهذا ينبه عليه الإمام حتى يعتدل في القراءة، مثل أن يقرأ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (2) أنعمت بضم التاء، أو أنعمت بكسر التاء، هذا غلط عظيم ينبه حتى يعدل القراءة. أو يقرأ: {إِيَّاكَ} (3) بكسر الكاف، يخاطب المرأة، يعدل ينبه حتى يعدل القراءة.
أما اللحن الذي لا يحيل المعنى مثل: إظهار في محل إخفاء أو في محل إدغام، أو إدغام في محل إظهار هذا ما يضر، ما يحيل المعنى، ولا يستوجب التخلف عن الصلاة، بل هذا من باب تحسين القراءة،
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (248) .
(2) سورة الفاتحة الآية 7
(3) سورة الفاتحة الآية 5
(11/469)
كذلك المد المتصل والمد اللازم، إن مد فهو أكمل للقراءة، وإلا ما يضر ولا يخل بالمعنى، وينبغي لك أيها السائل ألا تتشدد في الأمور، وألا تغلو، فالتجويد في هذه المسائل من باب تحسين القراءة، وليس من باب الإلزام، ولكن من باب التحسين للقراءة، وتجويدها وتقويتها، وإذا قرأ قراءة عربية ليس فيها ما يغير المعنى فلا بأس، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين. ما يضر، رب العالمين له معنى في الإعراب، يعني: هو رب العالمين مقطوع. أو قرأ: (الحمد لله رب العالمين) . له معنى في العربية، معناها: أعني رب العالمين. منصوب بتقدير فعل محذوف، وإن كانت القراءة المتبعة {رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) نعت لما قبلها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ} (2) ، هذه هي القراءة المعلومة، والذي ينبغي للقارئ أن يلاحظها، لكن لو رفع أو نصب ما يضر، ما يخل بالمعنى، أو قال في قراءته: اهدنا الصراط المستقيم. أو: الصراط المستقيم. ما يضر بالمعنى. أو أظهر في محل الإدغام، أو أدغم في محل الإظهار، أو أظهر في محل الإخفاء لا يضر ذلك في المعنى، ولا يخل بالمعنى، فلا ينبغي للمؤمن أن يتشدد في هذه المسائل، بل يجتهد في توصية أخيه بأن يحسن القراءة، يجودها حتى تكون قراءة حسنة جيدة ماشية على الطرق المتبعة والقواعد المعمول بها.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 2
(2) سورة الفاتحة الآية 2
(11/470)
287 - حكم الصلاة خلف إمام يقع في أخطاء كثيرة عند قراءته للقرآن
س: الأخ: خ. ع. د. من الأحساء، يقول: أسأل عن حكم الصلاة خلف إمام عليه أخطاء كثيرة في قراءته لسورة الفاتحة، وسور أخرى من القرآن الكريم، مع أن هناك أناسا يحفظون أكثر منه. وجهونا في ضوء ذلك (1)
ج: الأفضل أن يتقدم بالناس أقرؤهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2) » يعني: أجودهم قراءة، هذا هو السنة، هذا هو المشروع، لكن إذا كان لحنه خفيفا صحت صلاته، إذا كان لحنه لا يغير المعنى صحت صلاته، مثل إذا قرأ: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب العالمين. أو: الرحمن الرحيم. أو: مالك يوم الدين. ما يضر هذا، ما يغير المعنى، أما إذا كان يغير المعنى مثل: إياك نعبد. أو: صراط الذين أنعمت. أو: أنعمت عليهم. هذا لا يجوز، لا يؤم الناس. أما إذا كان لحنا خفيفا ما يغير المعنى مثل الحمد لله رب العالمين و: الحمد لله رب العالمين. أو: الرحمن الرحيم أو: (الرحمن الرحيم) . هذا لا يضر، لكن الأفضل أن يختاروا من هو أجود، أهل المسجد
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (423) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/471)
يقدمون من هو أجود في القراءة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1) » وهكذا المسؤول عن الإمامة يقدم في الإمامة من هو أقرأ.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/472)
288 - حكم الصلاة خلف إمام لا يجيد قراءة الفاتحة
س: هل يجوز أن يتقدم إمام بمأمومين وهو لا يجيد قراءة الفاتحة وبعض السور الصغار جيدا، ويوجد من هو أحسن منه في القراءة (1)
ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (2) » أي: إسلاما. وفي رواية أخرى: «أكبرهم سنا (3) » فالسنة في مثل هذا أن يتقدم من هو أفضل وأقرأ على من دونه، فإذا تقدم المفضول صحت الصلاة، أما إذا كان يقيم الفاتحة يقيم الصلاة فلا بأس، لكنه خالف السنة، الأفضل والأولى أن يقدم من هو أفضل منه،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (27) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(3) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/472)
من هو أقرأ منه، إذا تفاوت تفاوتا بينا فالسنة أن يقدم الأقرأ ثم من يأتي بعده، هذا هو السنة، ولا يقدم المفضول مع وجود الأفضل، هذا هو الأفضل إلا أن يكون إمام الحي، الإمام الراتب فلا بأس أو السلطان، فالحاصل أنه إذا كان يقيم الفاتحة؛ يعني: يجيدها ولا يلحن لحنا يحيل المعنى فإن صلاته صحيحة، إذا كان يقيم الصلاة ولا ينقرها نقرا، ولا يأتي بما يبطلها فلا بأس، ولكن كونه يقدم في الصلاة من هو أولى منه حسب ما قاله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الذي ينبغي للمسلمين؛ أن يقدموا من قدمه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يؤخروا من أخره عليه الصلاة والسلام، هذا هو الذي ينبغي في هذه المسائل.
(11/473)
س: يوجد في أكثر من مسجد في قرى الباحة وغيرها أئمة مساجد لا يجيدون القراءة، ويقعون في أخطاء كثيرة وخاصة في التشكيل وطريقة القراءة والإلقاء، مع العلم بأنه يوجد من هو أحسن منهم علما وفقها وإلقاء، وخاصة أن الإمام هو القدوة للمصلين في كل شيء. فنرجو إيضاح ذلك، وهل يجوز لمن ذكرنا أنهم أحسن علما وفقها وإلقاء ترك هذه المساجد أم لا (1) ؟
ج: الرجل الذي يحصل منه بعض الأغلاط في القراءة له أحوال،
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (41) .
(11/473)
تارة غلطه يكون لا يؤثر في المعنى، لا يحيل المعنى، هذا أمره أوسع، وتارة غلطه يحيل المعنى، وتارة يكثر وتارة يقل، فالسنة في هذا أن يتولى الإمامة الأقرأ والأجود، هذا هو السنة كما قال صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1) » السنة أن يؤمهم أقرؤهم، أجودهم قراءة وأكثرهم قرآنا، وهذا يأتي لولاة الأمور الذين لهم الحل والعقد في المساجد، والأئمة عليهم أن يولوا الأفضل فالأفضل في قراءته وعلمه ودينه وعدالته، وإذا وجد أهل المسجد أن إمامهم يلحن كثيرا ففي إمكانهم أن ينصحوه، أن يستقيل أو يعلموه لعله يستفيد ويزول لحنه ويستقيم، أو يتكلموا مع المسؤولين في الأوقاف حتى يزيلوه ويعينوا غيره، وبكل حال على أهل المسجد أن يعنوا بالموضوع، وألا يتساهلوا، وإذا أمكن تفقيه الرجل وإرشاده وتعليمه من أهل العلم حتى يفقه القراءة الطيبة، وحتى يزول ما به من خطأ فالحمد لله، وإذا أصر على لحنه وغلطه فإن كان غلطه يحيل المعنى وجب عزله، ولا تصح صلاته، إذا كان في الفاتحة إذا كان يقرأ: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا لحن فاحش. أو يقرأ: أنعمت عليهم. لحن فاحش تبطل معه الصلاة إذا تعمده. لكن إذا كان يغلط جهلا يعلم ويوجه ولو في الصلاة، فإذا اعتدل وقرأها {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (2) . واستقام صحت. أو إذا قال:
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(2) سورة الفاتحة الآية 7
(11/474)
(إياك) . وعلموه وقالوا: {إِيَّاكَ} (1) ، فقرأ كما قالوا واعتدل فلا بأس. أما إذا كان ما يعرف إلا: أنعمت. أو: أنعمت. هذا يعزل ولا تصح قراءته، ولا تصح صلاته بهم، أو هو في نفسه. فإن عجز ثبت، ولكن عليه أن يتعلم وأن يجتهد؛ حتى يؤدي الرسالة، وحتى يستقيم في قراءته، أما اللحن الخفيف مثل لو قال: (الحمد لله رب) . أو قال: (الحمد لله رب العالمين) . هذا ما يضر. أو قال: (الحمد لله رب العالمين) . أو (الرحمن الرحيم) . هذا لا يضر المعنى، لكن يعلم ويوجه، فإن استقام الحمد لله، وإلا أمكن أن يقولوا للمسؤولين يغيروه، أو يصطلح الجماعة إذا كان المسجد ما يتبع الأوقاف، يصطلحون على إنسان أفضل منه، وإذا احتيج الإنسان الأفضل ما ينبغي له أن يأبى، وينبغي له الموافقة، وقد تجب عليه الموافقة إذا احتيج إليه.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 5
(11/475)
289 - حكم صلاة الإمام إذا تجاوز آية من القرآن سهوا
س: يقول السائل: ما الحكم في حالة انتابتني، وكنت أصلي بمجموعة من الزملاء، فأخطأت وتجاوزت آية من القرآن، ولم يفتح علي أحد فتذكرت بعد انتهاء الصلاة (1)
ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة أديتها كما يجب
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (288) .
(11/475)
فالقراءة الزائدة عن الفاتحة مستحبة، إذا سقط منها آية أو نسيتها فلا حرج.
(11/476)
س: إنني والحمد لله مستقيم، وأحفظ بعض سور القرآن الكريم، وأتقدم أصلي بالناس في أكثر الأحيان، إلا أنني أخطئ ولا أجد من يفتح علي، فما هو توجيهكم (1)
ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة قد أتقنتها وأديتها فالغلط في بعض السور الأخرى أو الآيات الأخرى لا يضر، ولا يضركم عدم وجود من يفتح عليك.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (294) .
(11/476)
290 - حكم الصلاة خلف إمام لا يفرق بين الصاد والسين
س: السائل: ص. س. من أبها، يقول: يوجد عندنا إمام نصلي وراءه، وعندما يقرأ سورة الفاتحة نجده لا يفرق في النطق بين الصاد والسين في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1) ، فينطق الصاد سينا، فهل علينا حرج (2)
ج: لا حرج في ذلك، ليس فيه حر ج: السراط المستقيم. ولو ما أفصح كثيرا؛ لأن السين تنوب عن الصاد، فالأفضل أن يعتني بهذا، وإذا صار فيها شيء من الخفاء واشتبهت الصاد بالسين فلا يضر.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 6
(2) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (404) .
(11/476)
291 - حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ من القرآن إلا الفاتحة
س: يقول السائل: هل يجوز لرجل لا يحفظ إلا الفاتحة أن يكون إماما (1)
ج: يجوز أن يكون إماما، لكن غيره أفضل منه، الذي يحفظ زيادة وعنده علم وعنده سور أخرى أفضل وأولى، وإلا فالفاتحة هي الركن، تجزئ وتصح الصلاة معه من الإمام والمنفرد والجماعة، لكن وجود إمام يحفظ زيادة على الفاتحة ويصلي بإخوانه أفضل وأولى إذا كان مستقيما عدلا. أما إذا لم يوجد من هو مستقيم إلا من يحفظ الفاتحة فقط صلى بجماعته، ولكن بحمد الله الأمر ميسر له أن يقرأ زيادة ويحفظ زيادة من السور القصيرة والآيات، إذا اجتهد يسر الله أمره، وإذا لم يقرأ إلا الفاتحة أجزأه ذلك والحمد لله، لكن يلتمسون من يكون له حفظ زيادة على الفاتحة من أهل الخير؛ لأن ذلك أولى حتى يسمعهم ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وبعلماء المسلمين بعد ذلك، هكذا السنة.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (245) .
(11/477)
292 - حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ إلا عددا قليلا من السور
س: إذا كان الإنسان لا يحفظ إلا شيئا يسيرا من القرآن؛ كالفاتحة والمعوذات هل يجوز له أن يكون إماما (1) ؟
__________
(1) السؤال لخامس والعشرون من الشريط رقم (250) .
(11/477)
ج: يجوز أن يكون إماما ويقرأ بها، لكن إذا تيسر من هو أقرأ منه يكون أفضل، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1) » لكن إذا ما تيسر في الجماعة إلا هو فالحمد لله يؤمهم، وإذا وجدوا من هو خير منه وأقرأ منه قدموه والله المستعان.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(11/478)
س: السائل من اليمن يقول: هل الصلاة خلف من لا يحسن القراءة - أي: قراءة الفاتحة - هل هو مكروه (1) ؟
ج: إذا لم يتيسر غيره لا حرج صل معه، إذا كان لحنه ما يحيل المعنى، إذا كان لحنا خفيفا لا يغير المعنى فلا بأس أن تصلي معه، أما إذا كان يحيل المعنى فلا بد وأن يزال، لا بد وأن يعزل عن المسجد، إذا لم يفهم ولم يتعلم يزال عن المسجد، يرفع أمره إلى الجهات المسؤولة حتى يبدل بإنسان يحسن القراءة.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (385) .
(11/478)
س: أحيانا يغيب الإمام ويتقدم بنا رجال لا يعرفون القراءة، وإنما هم يحفظون بعض السور، وأنا متأكد أنني أقرؤهم حيث إنني أحفظ عددا من الأجزاء يقارب ستة، ولكنني أخجل من التقدم وأرتعش، فهل على المصلين أو علي ذنب إذا تقدم بنا رجل، وفي المأمومين
(11/478)
من هو أقرأ منه (1) ؟
ج: لا حرج إن شاء الله، لكن ينبغي للمأمومين إذا عرفوا واحدا أقرأهم يقدمونه، أما لو تقدم واحد وصلى بهم، وكانت قراءته مستقيمة في الفاتحة فلا يضر ذلك، لكن من حيث السنة ينظرون ويتأملون، فإذا عرفوا أن واحدا موجودا هو أقرؤهم قدموه، إذا كان عدلا طيبا مستور الحال، وأما إذا تقدم من لا يحسن الفاتحة، ولا يجيد قراءتها، ويلحنها لحنا يحيل المعنى فإنه يعلم حتى يعتدل، وإلا يعزل عن الصلاة، ويتقدم من يجيد القراءة حتى يصلي بالناس، وأما كونك تحرج فلا حرج عليك بذلك، ولا سيما تصيبك رعشة فلا تتقدم، بل يتقدم غيرك من الذين عندهم الثبات وعندهم الاعتدال.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (29) .
(11/479)
293 – بيان كيفية الطريقة الصحيحة في الفتح على الإمام
س: أنا أحفظ القرآن وأصلي كثيرا خلف أئمة يخطئون في القراءة كثيرا، وأخاف أن أرد عليهم إذا لم يفتح عليهم أحد، فأريد من سماحتكم أن تبينوا لي الطريقة الصحيحة في ذلك. جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن تفتح على من غلط، تفتح عليه وأنت في الصلاة، تقرأ الآية التي غلط فيها أو وقف عندها؛ حتى يتنبه والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (334) .
(11/479)
294 – حكم الصلاة خلف إمام كثير اللحن
س: أصلي خلف إمام لكنه كثير اللحن، ولا يتقن التجويد، فهل تجوز الصلاة خلفه (1) ؟
ج: نعم تجوز الصلاة خلفه، وإن كان ما أتقن التجويد، أو يقرأ بلحن غير مخل بالمعنى فصلاة هذا جائزة، أما إذا كان لحنه يخل بالمعنى يقرأ قراءة فيها خلل بالمعنى فلا ينبغي، وأيضا فلا داعي أن يجعل إماما، بل يستبدل ولا يصلى خلفه.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (336) .
(11/480)
س: من المملكة الأردنية الهاشمية باعثها يقول: أنا أصلي بمجموعة من الناس إماما في أحد المساجد، لكنى أعترف أنني لا أجيد قراءة القرآن بشكل جيد، فهل أكون آثما؟ علما بأنه لا يوجد غيري إماما لهؤلاء الناس، وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنت تقيم القراءة ولو كنت غير مجود فالتجويد ليس بواجب، بل مستحب، إذا كنت تقيم القراءة، تقيم الحروف، تخرجها فلا بأس بذلك ولو كنت لم تقرأ التجويد، ما دمت تقرأ الآيات باللغة العربية قراءة واضحة، والحروف واضحة فلا بأس عليك والحمد لله.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (308) .
(11/480)
س: ع. ب، من بادية الزهرة، يقول: إنني أعمل بالبادية مع كفيلي، ولكنه أمي وحافظ عددا من قصار السور، ولكنه لا يتقن قراءتها. وسؤالي: أنه يصر على أن يكون إماما، بينما أشعر أنني في القراءة أحسن منه، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا حرج إذا كان يتقن الفاتحة، وإذا كان لا يتقن الفاتحة فانصحوه حتى يقدم من هو أقرأ منه، انصحه أنت ومن معك من الإخوان، تنصحونه، أما إذا كان يتقن الفاتحة فالحمد لله، ولو حصل منه بعض الغلط في السور الأخرى.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (325) .
(11/481)
295 – حكم الصلاة خلف إمام يكبر راكعا إذا نسي آية ولا يمهل من خلفه للفتح عليه
س: إمامنا في المسجد يقرأ سورة بعد الفاتحة، ولكن إذا نسي آية يكبر راكعا؛ حيث لا يعطي المأمومين فرصة لتذكيره، وكذلك يقف أحيانا في وسط الآية ويكبر، وفي إحدى المرات قرأ آية طويلة ولم يكملها، فهل عمله هذا صحيح (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، وإن وقف حتى يذكر فلا بأس، لا حرج في ذلك، ولا سيما إذا كان الذي اعتاد عليه في أول القراءة فإن
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (312) .
(11/481)
السنة أن يأتي بقراءة مناسبة بعد الفاتحة، كل صلاة على حسب ما يناسبها في الشرع؛ الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، إذا لم يركع واستفاد من المأمومين بأن يذكروه فهذا حسن، أما إذا كان قد قرأ قراءة كافية فالحمد لله.
(11/482)
انتهى بحمد الله تعالى الجزء الحادي عشر
ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثاني عشر
القسم السابع من الصلاة
وأوله تكملة باب أحكام الإمامة
(11/483)
0 التعليقات :
إرسال تعليق