"بعض ما ورد في فضائل أم المؤمنين عائشة: لقد ورد في فضائل أم المؤمنين حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصوص كثيرة جدًا من الأحاديث النبوية والآثار التي وردت عن الصحابة والتابعين، فقد أورد الإمام أحمد بن حنبل أكثر من خمسة وعشرين نصًا في فضائلها رضي الله عنها وأرضاها، بينما سجل الحافظ الذهبي ترجمتها في كتابه العظيم «سير أعلام النبلاء» في سبع وستين صفحة، وهذا نادر في تراجم الصحابة فضلاً عمن بعدهم. فمن ذلك: 1- أحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل. قال: فأتيته فقلت: أيُّ الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، فقلت: من الرجال؟ فقال: «أبوها». قلت: ثم من؟ قال: «عمر» فَعَدَّ رجالاً، فَسَكَتُّ مخافة أن يجعلني في آخرهم. هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في موضعين من صحيحه؛ أولهما برقم (2663) كتاب فضائل الصحابة في فضائل الصديق (باب لو كنت متخذًا خليلاً) وثانيهما برقم (8543) كتاب المغازي باب غزوة ذات السلاسل، كما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه برقم (4832)، وكذا أخرجه الترمذي برقم (5883)، وأحمد في المسند (4/302). 2 - فضلها على سائر النساء: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كَمُلَ من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسيا امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام».(متفق عليه)، وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام».(متفق عليه) 3- عائشة زوج الرسول في الجنة: عن عمار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال وهو على منبر الكوفة:«والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة».(أخرجه الحاكم وقال صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي)، وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فاطمة رضي الله عنها، قالت:فتكلمت أنا، فقال:«أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة»؟ قلت:بلى والله، قال:«فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة».(أخرجه البخاري والترمذي وغيرهما) 4- عائشة أول نساء النبي في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما سأله ابن عباس رضي الله عنهما عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله لهما: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس، عائشة وحفصة. قال عمر: فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا، فلما مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها، قالت عائشة: فأنزلت آية التخيير:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا)(الأحزاب: 82-29) قال صلى الله عليه وسلم لعائشة:(إني ذاكر لك أمرًا ولا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك»، فلما ذكر لها صلى الله عليه وسلم الآية قالت: أفي هذا أستأمر أبويَّ؟، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم خير نساءه فاخترن مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها). الحديث بطوله متفق عليه، ولكن ذكرنا موضع الشاهد منه. وأخرج مسلم نحوه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفي آخره قالت عائشة رضي الله عنها:لما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية: أفيك أستشير أبويَّ؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت. قال:«لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا». قال ابن كثير:"ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْ الْعُلَمَاء كَابْنِ عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة وَابْن زَيْد وَابْن جَرِير وَغَيْرهم: أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ مُجَازَاة لِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِضًا عَنْهُنَّ عَلَى حُسْن صَنِيعهنَّ فِي اِخْتِيَارهنَّ اللَّه وَرَسُوله والدار الآخرة لَمَّا خَيَّرَهُنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَة فَلَمَّا اِخْتَرْنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَزَاؤُهُنَّ أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّج بِغَيْرِهِنّ، أَو يَسْتَبْدِل بِهِنَّ أَزْوَاجًا غَيْرهنَّ وَلَوْ أَعْجَبَهُ حُسْنهنَّ، إِلَّا الْإِمَاء وَالسَّرَارِيّ فَلَا حَرَج عَلَيْهِ فِيهِنَّ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى رَفَعَ عَنْهُ الْحَرَج فِي ذَلِكَ، وَنَسَخَ حُكْم هَذِهِ الْآيَة، وَأَبَاحَ لَهُ التَّزَوُّج، وَلَكِنْ لَمْ يَقَع مِنْهُ بَعْد ذَلِكَ تَزَوُّج، لِتَكُونَ الْمِنَّة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ". 5- نزول براءتها عائشة من فوق سبع سماوات: عندما اتهم المنفقون في المدينة عائشة بالزنا وأشاعوا ذلك بين الناس فانزل الله تعالىفي براءتها الله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)(النور:11-20). قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما لأم المؤمنين حين عادها وهى على فراش الموت:" كنتِ أحبَّ نساء النبي صلى الله عليـه وسلَّم إليه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يحب إلا طيِّباً...وأنزل الله براءتك من فوق سبع سنوات، فليس مسجد يُذكر الله فيه إلا وشأنك يتلى فيه آناء الله وأطراف النهار". 6- الملَك أَرى صورتَها للنبي صلى الله عليه وسلم: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أريتك في المنام مرتين، يجئ بك الملك في سَرَقة من حرير ويقول: هذه امرأتك فأكشف عنها فإذا هي أنت، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه»(متفق عليه)، وفي لفظ مسلم:«أريتك في المنام ثلاث ليالٍ». 7- جبريل يقرئ عائشة السلام: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا:«يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام». فقلت:وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى، تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم.(متفق عليه) 8- نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحاف عائشة: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن يا أم سلمة: والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان، أو حيث دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم قالت: فأعرض عني، فلما عاد إليَّ ذكرت له ذلك فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال:«يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليَّ الوحيُ في لحاف امرأة منكن غيرها».(أخرجه البخاري والترمذي). 9- بركة عائشة رضي الله عنها: عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء ـ أو بذات الجيش ـ انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الْتِمَاسِهِ، وأقام الناس معه وليسوا على ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا:ألا ترى ما صنعتْ عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ليسوا على ماء، وليس معهم ماءٌ، فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله والناس ليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا، فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فأصبنا العقد تحته. (متفق عليه)، وفي رواية للبخاري: قال أسيد بن حضير: جزاكِ اللهُ خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجًا وجعل فيه للمسلمين بركة. 10- حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها ومنزلتها عنده: عن عمر رضي الله عنه أنه دخل على حفصة فقال:يا بنية؛لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها حبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها - يريد عائشة - فقصصتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسَّمَ.(متفق عليه). وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه يقول: أين أنا غدًا، أين أنا غدًا، يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها، قالت عائشة: فمات في اليوم الذي كان يدور عليَّ فيه في بيتي، فقبضه الله وإن رأسه لبين سحري ونحري، وخالط ريقه ريقي، ثم قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يَسْتَنُّ به فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن فأعطانيه فقضمته فأعطيته رسول الله فاستن به وهو مستند إلى صدري.(متفق عليه، واللفظ للبخاري). 11- علم عائشة رضي الله عنها: ولقد كان أهل العلم يقصدونها للأخذ من علمها الغزير، فأصبحت بذلك نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه. فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:"ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا".(أخرجه الترمذي وقال:هذا حديث حسن صحيح). وعن عروة قال:"لقد صحبت عائشة، فما رأيت أحدًا قط كان أعلم بآية أنزلت، ولا بفريضة، ولا بسنة، ولا بشعر، ولا أروى له، ولا بيوم من أيام العرب، ولا بنسب، ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء، ولا بطبٍّ منها. فقلت لها:يا خالة:الطب من أين عُلِّمْتِهِ؟ فقالت: كنت أمْرَضُ فينعتُ لي الشيءُ، ويَمْرَضُ المريضُ فينعتُ له، وأسمعُ الناس ينعتُ بعضهم لبعض فأحفظه".(أورده الذهبي في السير وقال محققه:رجاله ثقات وأخرجه أبو نعيم في الحلية). وروى الحاكم والدارمي عن مسروق أنه قيل له:هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال:"إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض". وقال الزُّهري:لو جُمعَ علمُ عائشة إلى علم جميع النساء ، لكان عِلم عائشة أفضل وعن أبي موسى قال:ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديثٌ قط فسألنا عائشة، إلا وجدنا عندها منه علماً. وقال عطاء بن أبي رباح:كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس، أحسن الناس رأياً في العامة. 12- ثناء الصحابة رضي الله عنهم عليها: قال ابن أبي مُلَيْكَةَ: استأذن ابن عباس قبيل موتها على عائشة وهي مغلوبة، قالت:أخشى أن يثني عليَّ، فقيل: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا له، فقال: كيف تجدينك؟ قالت: بخير إن اتقيتُ، قال: فأنت بخير إن شاء الله تعالى، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكح بكرًا غيرك، ونزل عذرك من السماء، ودخل ابن الزبير خلافه، فقالت: دخل ابن عباس فأثنى عليَّ، وددت أني كنت نسيًا منسيًّا. (أخرجه البخاري). وعن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة . رواه البخاري 4766. وعن عمرو بن غالب أن رجلا نال من عائشة عند عمار بن ياسر فقال:"أغرب مقبوحا منبوحا أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم". رواه الترمذي 3822 قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. 13- توفي رسول الله في حجرة عائشة وهو مائل على صدرها: ومن فضلها ومكانتها وحب الرسول صلى الله عليه وسلم لها أنه كان قبل وفاته بثلاثة أيام قد بدأ الوجع يشتد عليه وكان في بيت السيدة ميمونة، فقال:"اجمعوا زوجاتي"، فجمعت الزوجات، فقال النبي:"أتأذنون لي أن أمرض في بيت عائشة؟" فقلن:أذن لك يا رسول الله فأراد أن يقوم فما استطاع فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فحملا النبي وخرجوا به من حجرة السيدة ميمونة إلى حجرة السيدة عائشة". وعن هشام عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في مرضه جعل يدور يومي سكن. رواه البخاري 3490 كانت عائشة تقول: إن من نعم الله عليّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي، وفي يومي وبين سَحْري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته، ودخل عليَّ عبد الرحمن ابن أبي بكر وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم. فتناولته فاشتد عليه، فقلت: أُلِّينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم. فليَّنته فَأمرَّه. (وفي رواية ثانية: فقضمته ونفضته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استناناً قط أحسن منه).(وفي رواية ثالثة:فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة). وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات. ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى، حتى قُبض ومالت يده عليه الصلاة والسلام. 14- دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة بمغفرة واجبة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم":اللهم اغفر لعائشة بنت أبي بكر الصديق مغفرة واجبة، ظاهرة، باطنة".(رواه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، باب ذكر الصحابيات من أزواج رسول الله صلَّى الله عليه وسلم). وبعد فهذه بعض الفضائل التي وردت في أمِّ المؤمنين، فنحن نشهد الله أنها أمُّنَا لأنَّها زوجة نبينا في الدنيا والآخرة ولقد قال الإمام النووي:لو حلف رجل أن عائشة أمه فهو صادق وليس حانثًا في يمينه، ولو حلف آخر أن عائشة ليست أمَّه فهو أيضا صادق وليس حانثًا في يمينه، فأما الأول: فهو مؤمن، وأما الآخر فهو منافق زنديق، وعائشة أم المؤمنين وليست أما للمنافقين والزنادقة، قال الله تعالى:(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)(الأحزاب:6)، فقارن أيها المسلم بين قول الله تعالى وفتوى النووي وبين من يلعنون عائشة رضي الله عنها، ويفترون الكذب على أهل بيت النبوة ويتمسحون بهم وهم منهم براء، ويفسرون القرآن الكريم بأهوائهم ويحاكمون خير الخلق بعد الأنبياء وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتنقصونهم."
حبيبة النبي صلى الله عليه وسلم
"بعض ما ورد في فضائل أم المؤمنين عائشة: لقد ورد في فضائل أم المؤمنين حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصوص كثيرة جدًا من الأحاديث النبوية والآثار التي وردت عن الصحابة والتابعين، فقد أورد الإمام أحمد بن حنبل أكثر من خمسة وعشرين نصًا في فضائلها رضي الله عنها وأرضاها، بينما سجل الحافظ الذهبي ترجمتها في كتابه العظيم «سير أعلام النبلاء» في سبع وستين صفحة، وهذا نادر في تراجم الصحابة فضلاً عمن بعدهم. فمن ذلك: 1- أحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل. قال: فأتيته فقلت: أيُّ الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، فقلت: من الرجال؟ فقال: «أبوها». قلت: ثم من؟ قال: «عمر» فَعَدَّ رجالاً، فَسَكَتُّ مخافة أن يجعلني في آخرهم. هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في موضعين من صحيحه؛ أولهما برقم (2663) كتاب فضائل الصحابة في فضائل الصديق (باب لو كنت متخذًا خليلاً) وثانيهما برقم (8543) كتاب المغازي باب غزوة ذات السلاسل، كما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه برقم (4832)، وكذا أخرجه الترمذي برقم (5883)، وأحمد في المسند (4/302). 2 - فضلها على سائر النساء: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كَمُلَ من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسيا امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام».(متفق عليه)، وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام».(متفق عليه) 3- عائشة زوج الرسول في الجنة: عن عمار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال وهو على منبر الكوفة:«والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة».(أخرجه الحاكم وقال صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي)، وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فاطمة رضي الله عنها، قالت:فتكلمت أنا، فقال:«أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة»؟ قلت:بلى والله، قال:«فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة».(أخرجه البخاري والترمذي وغيرهما) 4- عائشة أول نساء النبي في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما سأله ابن عباس رضي الله عنهما عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله لهما: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس، عائشة وحفصة. قال عمر: فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا، فلما مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها، قالت عائشة: فأنزلت آية التخيير:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا)(الأحزاب: 82-29) قال صلى الله عليه وسلم لعائشة:(إني ذاكر لك أمرًا ولا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك»، فلما ذكر لها صلى الله عليه وسلم الآية قالت: أفي هذا أستأمر أبويَّ؟، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم خير نساءه فاخترن مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها). الحديث بطوله متفق عليه، ولكن ذكرنا موضع الشاهد منه. وأخرج مسلم نحوه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفي آخره قالت عائشة رضي الله عنها:لما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية: أفيك أستشير أبويَّ؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت. قال:«لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا». قال ابن كثير:"ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْ الْعُلَمَاء كَابْنِ عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة وَابْن زَيْد وَابْن جَرِير وَغَيْرهم: أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ مُجَازَاة لِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِضًا عَنْهُنَّ عَلَى حُسْن صَنِيعهنَّ فِي اِخْتِيَارهنَّ اللَّه وَرَسُوله والدار الآخرة لَمَّا خَيَّرَهُنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَة فَلَمَّا اِخْتَرْنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَزَاؤُهُنَّ أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّج بِغَيْرِهِنّ، أَو يَسْتَبْدِل بِهِنَّ أَزْوَاجًا غَيْرهنَّ وَلَوْ أَعْجَبَهُ حُسْنهنَّ، إِلَّا الْإِمَاء وَالسَّرَارِيّ فَلَا حَرَج عَلَيْهِ فِيهِنَّ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى رَفَعَ عَنْهُ الْحَرَج فِي ذَلِكَ، وَنَسَخَ حُكْم هَذِهِ الْآيَة، وَأَبَاحَ لَهُ التَّزَوُّج، وَلَكِنْ لَمْ يَقَع مِنْهُ بَعْد ذَلِكَ تَزَوُّج، لِتَكُونَ الْمِنَّة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ". 5- نزول براءتها عائشة من فوق سبع سماوات: عندما اتهم المنفقون في المدينة عائشة بالزنا وأشاعوا ذلك بين الناس فانزل الله تعالىفي براءتها الله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)(النور:11-20). قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما لأم المؤمنين حين عادها وهى على فراش الموت:" كنتِ أحبَّ نساء النبي صلى الله عليـه وسلَّم إليه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يحب إلا طيِّباً...وأنزل الله براءتك من فوق سبع سنوات، فليس مسجد يُذكر الله فيه إلا وشأنك يتلى فيه آناء الله وأطراف النهار". 6- الملَك أَرى صورتَها للنبي صلى الله عليه وسلم: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أريتك في المنام مرتين، يجئ بك الملك في سَرَقة من حرير ويقول: هذه امرأتك فأكشف عنها فإذا هي أنت، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه»(متفق عليه)، وفي لفظ مسلم:«أريتك في المنام ثلاث ليالٍ». 7- جبريل يقرئ عائشة السلام: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا:«يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام». فقلت:وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى، تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم.(متفق عليه) 8- نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحاف عائشة: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن يا أم سلمة: والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان، أو حيث دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم قالت: فأعرض عني، فلما عاد إليَّ ذكرت له ذلك فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال:«يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليَّ الوحيُ في لحاف امرأة منكن غيرها».(أخرجه البخاري والترمذي). 9- بركة عائشة رضي الله عنها: عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء ـ أو بذات الجيش ـ انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الْتِمَاسِهِ، وأقام الناس معه وليسوا على ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا:ألا ترى ما صنعتْ عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ليسوا على ماء، وليس معهم ماءٌ، فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله والناس ليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا، فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فأصبنا العقد تحته. (متفق عليه)، وفي رواية للبخاري: قال أسيد بن حضير: جزاكِ اللهُ خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجًا وجعل فيه للمسلمين بركة. 10- حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها ومنزلتها عنده: عن عمر رضي الله عنه أنه دخل على حفصة فقال:يا بنية؛لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها حبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها - يريد عائشة - فقصصتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسَّمَ.(متفق عليه). وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه يقول: أين أنا غدًا، أين أنا غدًا، يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها، قالت عائشة: فمات في اليوم الذي كان يدور عليَّ فيه في بيتي، فقبضه الله وإن رأسه لبين سحري ونحري، وخالط ريقه ريقي، ثم قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يَسْتَنُّ به فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن فأعطانيه فقضمته فأعطيته رسول الله فاستن به وهو مستند إلى صدري.(متفق عليه، واللفظ للبخاري). 11- علم عائشة رضي الله عنها: ولقد كان أهل العلم يقصدونها للأخذ من علمها الغزير، فأصبحت بذلك نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه. فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:"ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا".(أخرجه الترمذي وقال:هذا حديث حسن صحيح). وعن عروة قال:"لقد صحبت عائشة، فما رأيت أحدًا قط كان أعلم بآية أنزلت، ولا بفريضة، ولا بسنة، ولا بشعر، ولا أروى له، ولا بيوم من أيام العرب، ولا بنسب، ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء، ولا بطبٍّ منها. فقلت لها:يا خالة:الطب من أين عُلِّمْتِهِ؟ فقالت: كنت أمْرَضُ فينعتُ لي الشيءُ، ويَمْرَضُ المريضُ فينعتُ له، وأسمعُ الناس ينعتُ بعضهم لبعض فأحفظه".(أورده الذهبي في السير وقال محققه:رجاله ثقات وأخرجه أبو نعيم في الحلية). وروى الحاكم والدارمي عن مسروق أنه قيل له:هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال:"إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض". وقال الزُّهري:لو جُمعَ علمُ عائشة إلى علم جميع النساء ، لكان عِلم عائشة أفضل وعن أبي موسى قال:ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديثٌ قط فسألنا عائشة، إلا وجدنا عندها منه علماً. وقال عطاء بن أبي رباح:كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس، أحسن الناس رأياً في العامة. 12- ثناء الصحابة رضي الله عنهم عليها: قال ابن أبي مُلَيْكَةَ: استأذن ابن عباس قبيل موتها على عائشة وهي مغلوبة، قالت:أخشى أن يثني عليَّ، فقيل: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا له، فقال: كيف تجدينك؟ قالت: بخير إن اتقيتُ، قال: فأنت بخير إن شاء الله تعالى، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكح بكرًا غيرك، ونزل عذرك من السماء، ودخل ابن الزبير خلافه، فقالت: دخل ابن عباس فأثنى عليَّ، وددت أني كنت نسيًا منسيًّا. (أخرجه البخاري). وعن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة . رواه البخاري 4766. وعن عمرو بن غالب أن رجلا نال من عائشة عند عمار بن ياسر فقال:"أغرب مقبوحا منبوحا أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم". رواه الترمذي 3822 قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. 13- توفي رسول الله في حجرة عائشة وهو مائل على صدرها: ومن فضلها ومكانتها وحب الرسول صلى الله عليه وسلم لها أنه كان قبل وفاته بثلاثة أيام قد بدأ الوجع يشتد عليه وكان في بيت السيدة ميمونة، فقال:"اجمعوا زوجاتي"، فجمعت الزوجات، فقال النبي:"أتأذنون لي أن أمرض في بيت عائشة؟" فقلن:أذن لك يا رسول الله فأراد أن يقوم فما استطاع فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فحملا النبي وخرجوا به من حجرة السيدة ميمونة إلى حجرة السيدة عائشة". وعن هشام عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في مرضه جعل يدور يومي سكن. رواه البخاري 3490 كانت عائشة تقول: إن من نعم الله عليّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي، وفي يومي وبين سَحْري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته، ودخل عليَّ عبد الرحمن ابن أبي بكر وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم. فتناولته فاشتد عليه، فقلت: أُلِّينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم. فليَّنته فَأمرَّه. (وفي رواية ثانية: فقضمته ونفضته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استناناً قط أحسن منه).(وفي رواية ثالثة:فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة). وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات. ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى، حتى قُبض ومالت يده عليه الصلاة والسلام. 14- دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة بمغفرة واجبة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم":اللهم اغفر لعائشة بنت أبي بكر الصديق مغفرة واجبة، ظاهرة، باطنة".(رواه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، باب ذكر الصحابيات من أزواج رسول الله صلَّى الله عليه وسلم). وبعد فهذه بعض الفضائل التي وردت في أمِّ المؤمنين، فنحن نشهد الله أنها أمُّنَا لأنَّها زوجة نبينا في الدنيا والآخرة ولقد قال الإمام النووي:لو حلف رجل أن عائشة أمه فهو صادق وليس حانثًا في يمينه، ولو حلف آخر أن عائشة ليست أمَّه فهو أيضا صادق وليس حانثًا في يمينه، فأما الأول: فهو مؤمن، وأما الآخر فهو منافق زنديق، وعائشة أم المؤمنين وليست أما للمنافقين والزنادقة، قال الله تعالى:(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)(الأحزاب:6)، فقارن أيها المسلم بين قول الله تعالى وفتوى النووي وبين من يلعنون عائشة رضي الله عنها، ويفترون الكذب على أهل بيت النبوة ويتمسحون بهم وهم منهم براء، ويفسرون القرآن الكريم بأهوائهم ويحاكمون خير الخلق بعد الأنبياء وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتنقصونهم."
0 التعليقات :
إرسال تعليق