اعرف نبيك صلى الله عليه وسلم








وفي الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي، وسلا جزورٍ قريب منه، فأخذه عقبة بن أبي معيط، فألقاه على ظهره، فلم يزل ساجدًا، حتى جاءت "فاطمة" فألقنه عن ظهره، فقال حينئذ: «اللهم عليك بالملأ من قريش». وفي أفراد البخاري: أن عقبة بن أبي معيط أخذ يومًا بمنكبه، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقًا شديدًا، فجاء أبو بكر فدفعه عنه وقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟!



رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بقومه:

فلما اشتد الأذى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فدعا قبائل ثقيف إلى الإسلام، فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى، ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، فقرّر الرجوع إلى مكة. قال: «انطلقت -يعني من الطائف- وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب -ميقات أهل نجد- فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد أرسل لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. ثم ناداني ملك الجبال، قد بعثني إليك ربك لتأمرني بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين -جبلان بمكة-». فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا» (متفق عليه).



وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في كل موسم، فيعرض نفسه على القبائل ويقول: «من يؤويني؟ من ينصرني؟ فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي».



ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر، فدعاهم فأسلموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم، حتى فشا الإسلام فيهم، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية وكانت سرًّا، فلما تمت، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا أرسالاً.



هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة:

ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر إلى المدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيه ثلاثًا، وعني أمرهم على قريش، ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنزله.
غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم:

عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون! لَيهلكُنَّ. فأنزل الله عز وجل: {أُذِنَ للَّذينَ يُقَاتَلوُنَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: 39]. وهي أول آية نزلت في القتال. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعًا وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والمريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعثَ ستًّا وخمسين سرية.



حج النبي صلى الله عليه وسلم واعتماره:

لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع. فالأولى عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها، والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته.



صفة النبي صلى الله عليه وسلم:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون -أي أبيض بياضًا مشربًا بحمرة- أشعر، أدعج العينين -أي شديد سوادهما- أجرد -أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه-، ذو مَسرُبه -أي له شعر يكون في وسط الصدر والبطن-.



أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم:

كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعًا، وأكرمهم عشرة، قال تعالى: {إنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ} [القلم: 4]. وكان أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعًا، وكان أشد حياءً من العذراء في خدرها، يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان يأكل ما وجد، ولا يردُّ ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضره، وكان لا يأكل متكئًا ولا على خوان، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته نار، وكان يجالس الفقراء والمساكين، ويعود المرضى، ويمشي في الجنائز.



وكان يمزح ولا يقول إلا حقًّا، ويضحك من غير قهقهة، وكان في مهنة أهله، وقال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» (الترمذي وصححه الألباني). قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا!!".



وما زال يلطف بالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحنَّ إليه الجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال.



فضل النبي صلى الله عليه وسلم:

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت خمسًا لم يعطهن أحدٌ قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس كافة» (متفق عليه). وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة». وفي أفراده من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشقُّ عنه القبر، وأول شافع وأول مُشفع».
مشاركة على
    • التعليق بإستخدام حساب جوجل
      تعليقات الفيسبوك

    0 التعليقات :

    إرسال تعليق

    إخترناها لك
    ×